د. يوسف رزقة
فرضت الأزمة اليمنية وتطوراتها وتداعياتها نفسها بقوة على مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ. وأحدثت تطورا وتغييرا في مواقف الدول العربية من العديد من القضايا المحلية والإقليمية. الأزمة اليمنية جعلت القيادة السعودية في مركز عملية المراجعات العاجلة للمواقف التي ورثتها القيادة الجديدة من القيادة السالفة.
ثمة موقف سعودي استراتيجي يضع إيران على قمة التهديد للسعودية وللمنطقة العربية، لا سيما بعد أن صرحت طهران أن قرارها نافذ في أربع عواصم عربية، وأنها تواصل تمددها، وقد أشعل تحالف على عبدالله صالح والحوثين النار في رداء المملكة فقرر الملك سليمان نقل النيران إلى أردية إيران والحوثين وعلى عبدالله صالح، من خلال تحالف عسكري مستعجل لاستعادة اليمن من الحوثيين، وإنقاذها من النفوذ الإيراني، كما يقولون.
هذا ليس التحول الوحيد الذي فرض نفسه في هذه الساحة إذا لابد أن يحدث معه بالضرورة تحول في علاقة المملكة مع حزب الإصلاح اليمني، المصنف على أنه حزب للإخوان المسلمين، باعتبار الحزب قوة يمنية داخلية مهمة في مناهضة الحوثيين، واستعادة الشرعية، والحوار بين المكونات السياسية والقبلية.
لم تكن خطوة المملكة باعتبار تنظيم الإخوان منظمة إرهابية خطوة موفقة، ذلك لأن تاريخ الإخوان تاريخ إيجابي مع المملكة منذ الملك المؤسس عبد العزيز. ولأن طبيعة حركة الإخوان دعوية إصلاحية لا تستخدم القوة في مواجهة الأنظمة الحاكمة.
ثمة مؤشرات تحكي تباعدا ما بين الرياض والإمارات من ناحية، وبين الرياض والقاهرة من ناحية أخرى، حيث تذكر المصادر المطلعة جملة من المفارقات بين موقف السعودية وهذه الأطراف في الملف الإيراني، والملف السوري، والملف الإخواني، والملف الليبي، وينسبون للأزمة اليمنية السبب الرئيس في هذه التحولات.
إننا إذا تأملنا الحالة العربية بشكل عام وجدنا فراغا مقلقا لمنطقة الخليج العربي ناتج عن تراجع الموقف الأميركي، والأوربي في معالجة أزمات المنطقة على نحو عاجل. حالة الفراغ والقلق اضطرت السلطات السعودية إلى التدخل المباشر بشكل عاجل، بتنسيق مع أميركا، وبدون تنسيق إذا لزم الأمر.
وهنا يجب على المملكة الحذر من الموقف الإسرائيلي الذي يحاول عادة استغلال حالة الفراغ والقلق لتوجيه الأمور نحو ما يخدم مصالحة. اسرائيل تحاول أن تدفع بأزمات الخليج إلى الأمام، وإزاحة القضية الفلسطينية إلى الخلف، وللأسف وقع عدد من الزعماء العرب في القمة في فخ الاستراتيجية الصهيونية فجعلوا فلسطين في ذيل خطاباتهم.
ما زالت الأزمة اليمنية في بدايتها على المستوى الإقليمي، وتفاعلاتها وتداعياتها ما زالت تتشكل في الغرف المغلقة، ومن المرشح أن تستمر لفترة أطول إذا لم تعود الأطراف عاجلا إلى مائدة الحوار والمفاوضات، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وعلى قاعدة أن اليمن للجميع، وأن الديمقراطية هي طريق الوصول إلى الحكم، وأن الشراكة في إدارة الدولة في هذه الأوضاع هي الأنسب لليمن، ولطمأنة الأطراف مجتمعة.
يجب العمل العاجل على استبعاد الحرب الطائفية، والحرب القبلية، والحرب الإقليمية من اليمن لأنه بفقره وضعفه لا يحتمل هذه الأنواع من الحروب.