د. يوسف رزقة
لكل زلزال كبير عادة موجات ارتدادية، تكون أحيانا قاتلة ومدمرة، لذا يبقى السكان خارج الأبنية لعدة أيام حال ما تنكسر حدّة الموجات الارتدادية، وهذا إجراء وقائي ضروري للحفاظ على حياة السكان. ويبدو أن إجراءات الوقاية من الموجات الارتدادية التي تفجرت من زلزال انتخابات جامعة بير زيت التي جاءت على غير توقع تماما كما تجيء الزلازل والبراكين، دفع جامعة النجاح الوطنية التي تحتضن(٢٢ ألف طالب) إلى تأجيل الانتخابات الطلابية للفصل القادم بداية العام، للتأكد من انتهاء الموجات الارتدادية القوية التي صنعها فوز الكتلة الأسلامية في ببير زيت، إذا ترجح الأوساط المتابعة للانتخابات الطلابية أن فوز الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح أمر متوقع، ويتأثر تأثرا مباشرا بما جرى في جامعة بير زيت.
لا علاقة للتأجيل فيما يبدو باللوائح الطلابية المنظمة لمواقيت الانتخابات، ولا علاقة له باقتراب الامتحانات، ففي جميع المواقيت الأخرى تكون الامتحانات حاضرة، ومن ثمة فإن الأسباب المعطلة، أو المؤجلة للانتخابات، هي أسباب سياسة وحزبية على الأرجح، حيث لا تحتمل الجهات الراعية في حركة فتح، وقيادة السلطة، هزيمة ثانية محتملة بشكل كبير في جامعة النجاح الوطنية، في ضوء زخم الانتصار الذي ولّدته بير زيت .
نجاح الكتلة الإسلامية الصادم ( والوصف لقادة من فتح) في بير زيت هو العامل الحاسم في قرار التأجيل، ولو كانت كتلة فتح هي الفائزة في انتخابات بير زيت لما تأجلت انتخابات النجاح، ولحاولت الجهات الراعية لكتلة فتح الاستفادة من هذا الزخم الافتراضي. لذا يجدر بإدارة جامعة النجاح مخاطبة الرأي العام بصراحة تتناسب مع المستوى الجامعي.
ومما يعزز فرضية تدخل الجهات السياسية الاعتقال الأخير (لجهاد سليم ) ممثل الكتلة الإسلامية في جامعة بير زيت من أمام الجامعة، ووضعة في سجن الأمن الوقائي، وملاحقة قيادات أخرى من الكتلة الإسلامية في بير زيت من زملاء جهاد سليم.
لماذا الاعتقال، ولماذا الملاحقة الأمنية؟! ما علاقة الأمن الوقائي سيء السمعة بالانتخابات الطلابية؟! وهل فوز الكتلة الإسلامية جريمة تستوجب اعتقال الكوادر النشطة في العمل الطلابي؟! إن رسالة الاعتقال، والملاحقة الأمنية، وصلت جامعة النجاح، وغيرها من الجامعات، ومن ثم كان التأجيل لصناعة الخوف في نفوس طلبة النجاح من أبناء الكتلة ومؤيديهم، ومن ثمة تهيئة الظروف لفوز خصوم الكتلة الإسلامية؟!
الاعتقالات، والملاحقات، التي تقوم بها أجهزة الأمن في الضفة الغربية بين طلاب الجامعات، أداة رديئة في الإدارة ، ووسيلة سيئة في التعامل مع الآخرين، وتعبر عن تخلف فكري في التعامل مع الطالب الجامعي، وهي ربما كانت سببا رئيساً في هزيمة حركة فتح في بير زيت،حيث كانت الكتلة الإسلامية قد خاضت أطول اعتصام طلابي داخل الجامعة ضد تعسف الأجهزة الأمنية، وربما هذا بعض ما عناه د. سفيان أبو زايدة المحاضر غير المتفرغ في الجامعة نفسها حين قال إن أسباب هزيمة فتح موجود خارج أسوار الجامعة؟!
( الكتلة الإسلامية التي فازت في بير زيت هي مكون وطني، وقادتها وأعضاؤها فلسطينيون يحملون الهوية الفلسطينية، ووطنيون يعملون لخدمة وطنهم من خلال رؤيتهم الخاصة بهم، وهي رؤية وطنية محترمة، ومن ثمة فهم ليسوا أعداء، أو يهودا؟!، حتى يعقد رئيس السلطة بسبب فوزهم اجتماعا طارئا أو عاجلا لمنسقي الشبيبة ؟!) وما بين القوسين مقتبس من تعليقات في الفيس بوك على قرار الاجتماع العاجل لمنسقي حركة الشبيبة في الجامعات. وصاحب التعليق لا يرى داعٍ لهذا لأن أبناء الكتلة فلسطينيون ؟!