بلاد على طريق التقسيم
آخر تحديث GMT 07:46:26
 فلسطين اليوم -

بلاد على طريق التقسيم ؟!

 فلسطين اليوم -

بلاد على طريق التقسيم

د. يوسف رزقة

إن حديث ( نعمان )نائب رئيس الوزراء التركي عن سايكس بيكو جديد في المنطقة العربية ليس ضربا من التنبؤ أبدا، بل هو نتيجة حتمية لاستقراء واقع ميداني بدأ يتشكل بقرار خارجي، وينفذ بأيدي عربية، بلا وعي، ولا قراءة صحيحة للتاريخ، وبالذات سايكس بيكو الأولى التي كانت بعد حرب وصراعات داخلية.
لسنا في حاجة إلى جهاز استخبارات يسترق لنا السمع، أو يسرق وثائق الغرف المغلقة، لسنا في حاجة لهذا لأنه ببساطة لن يزيدنا معرفة أو يقينا بما تخططه إسرائيل ودوائر استعمارية للمنطقة العربية، فكل الصراعات العربية الداخلية في ( العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، ومصر، والسودان) تقف وراءها قوى استعمارية بالتمويل والتوجيه، لتحقيق أهداف محددة منها إعادة تقسيم دول المنطقة، لحرمان المنطقة العربية من القدرة لا أقول على النهضة، بل على الوجود والبقاء دون مساعدة خارجية ( إميركية اسرائيلية أوربية).
الواقع الميداني يقول بالبنط العريض : إن العراق مقسم الآن في الواقع إلى ثلاث دول متنازعة رغم وجود حكومة حكومة اتحادية شكلية. ودولة الأكراد قائمة بحدودها وعلمها ورئيس وزرائها وجيشها واقتصادها، وعلاقتها مع الحكومة الاتحادية ضعيفة وقائمة على المصالح ، كعلاقة الدول بعضها مع بعض. ودولة الشيعية قائمة في بغداد وجنوب العراق، وتمسك برقبة الحكومة الاتحادية ، ولها جيشها ومليشياتها، ويتصرف قادتها على قاعدة أن العراق لهم، فإن لم يكن كله، فحسبهم المناطق الخاضعة لهم. وتحاول الطائفة السنية إقامة دولتهم في الإقليم الذي يتواجدون فيه، وقد جاء تقسيم العراق على حسابهم بإرادة أمريكية، وفشل عربي. لقد بات الرجل السني الهارب من الأنبار يحتاج لكفيل لكي يدخل بغداد؟! نعم كفيل كما تطلب دول الخليج من الأجنبي المقيم على أرضها. وأحسب أن فرص تقبل أحد الأطراف لحكم الآخر قد باتت شبه مستحيلة، وباتت أقاليم العراق مقسمة جغرافيا، وتكاد تكون الحدود قائمة بشكل أو بآخر كما هي بين الدول.
أما سوريا فواقعها في الميدان كواقع العراق، فهي تتجه نحو التقسيم كمخرج أساسي للحرب الداخلية ذات الامتدادات الخارجية التي تشبه الواقع العراقي شبها كبيرا، فثمة إقليم من سوريا يتجه نحو الدولة الكردية التي تشكل امتدادا لدولة الكرد العراقية، وثمة دولة علوية قد تكون هي الملاذ الأخير للعلويين وبقايا نظام الأسد، ودولة ثالثة أو أكثر من دولة للمكونات الأخرى من الشعب، وهذا ربما يعني أن الصراع قد يمتد لسنوات بعد سقوط نظام دمشق، كما تتوقع مراكز الأبحاث.
وأما ليبيا فإن مشروع تقسيمها إلى دولتين أو ثلاث يبدو أكثر إغراء لاسرائيل والدول الاستعمارية بسبب المساحة الكبيرة القابلة للقسمة على اثنين أو ثلاثة، لمنع قيام دولة ذات توجهات إسلامية أو قومية، وأطراف القتال في ليبيا الآن قائمون على التقسيم، ويتلقون التوجيه والإمداد من الخارج، لتكريس التقسيم من خلال منع انتصار أحدهما على الآخر، ومن خلال منع مصالحة أحدهما للآخر.
العراق ماض في التقسيم وفي رسم الحدود الجغرافية، والطائفية، والعرقية، والنفسية، وكلما طال الصراع كلما ترسخ التقسيم حلا مقبولا عند السكان للخلاص من القتل والدم. وسوريا ماضية في قبول التقسيم حلا وملاذا بعد أن لم يعد مكنة لأحد أطراف الصراع تحقيق نصر حاسم على الآخر، أو قبول أحدهم لحكم الآخر مستقبلا. وليبيا تعاني الخطر نفسه ما لم تلتق الأطراف على مصالحة تسبقي البلاد موحدة قبل فوات الأوان وغرق البلاد في الدم.
ما قاله ( نعمان) نائب رئيس الوزراء التركي هو قراءة واقعية تحليلية لا تحتاج إلى قراءة كف أو فنجان أو تنبؤ ، وهو ما يقرأه كل متفرج على الصراع من خارج الملعب، ولكن للأسف لا يقرأه جيدا الغارقون في الصراع والدم ممن هم داخل الملعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد على طريق التقسيم بلاد على طريق التقسيم



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday