د. يوسف رزقة
تحدثنا في مقال الأمس تحت عنوان الأخطر بعد اتفاق الشاطئ)، تعقيبا على تصريحات رئيس السلطة التي قال فيها:( حماس ما زالت تسيطر على غزة، ولن تكون هناك مصالحة حقيقية إلا بعد الانتخابات، وكيف يستقر مجتمع ٥٠٪ مليشيات مسلحة .. الخ).
وهنا نزيد الأمر توضيحا وتفسيرا، ولكن من خلال ما قاله يوسي بيلين، وما قاله مصدر مصري مسئول، لأن كلام عباس يحمل رؤية للمستقبل، تتضمن( المصالحة، وتتضمن الحكومة ، والانتخابات، والإعمار) ، وهو ما نقاربه بإيجاز، استكمالا لمقال الأمس، لإشراك الرأي العام في التعرف على القادم ،والمشاركة في بناء المستقبل.
١- إن توضيح معنى قول الرئيس عباس ( حماس تسيطر على غزة). يمكن أن نجده في قول بيلين: ( حكومة الوفاق لا تمسك بقرني الثور؟!... هناك مشكلة أكثر جوهرية وهي: تمسك حماس بالسلاح والذخيرة، وإذا بقي الوضع كذلك فلا معنى حقيقي لوجود حكومة مشتركة، ولا للزيارة النادرة للحكومة الجديدة لغزة ؟! ... يجب على السلطة أن تحدد لنفسها جدولا زمنيا تنزع حماس سلاحها في إطاره، وإذا تبين لها أن الحديث عن مسار لا أمل منه، فيجب أن تعلن لنا وللعالم أنها تسحب يدها من المسئولية عن غزة، قبل أن ندخل في دوار لا حاجة له، من العنف، وإلقاء المسئولية؟!).
٢- وفي توضيح قول الرئيس ( لا مصالحة الا بعد الانتخابات)، أنقل مفهوم بيلين للانتخابات الفلسطينية القادمة، والتي هي أيضا مفهوم الريئس عباس لها. يقول بيلين: ( إن أحد الأسباب التي مكنت من إنشاء حكومة التوافق على التوجه الى الانتخابات في غضون أشهر قليلة، ولن تكرر أي حكومة اسرائيلية خطأ شارون البالغ، ولن تعترف بانتخابات تشارك فيها حماس لأن اتفاق أوسلو يقضي بأنه لا يستطيع أي إنسان، أو منظمة يحرضان على العنف المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ؟! ومعنى ذلك أنه حتى لو اتفق الفلسطينيون بينهم على موعد الانتخابات، ودستور الانتخابات، فلن تجرى هذه الانتخابات ؟!)
٣- ويقول مصدر مصري مسئول متحدثا عن ( سيطرة حكومة التوافق ، وعن المشهد السياسي) ، من خلال قضية إعادة الإعمار لن يتم ضخ أموال الإعمار قبل أن تخرج حماس من المشهد السياسي ؟! وتسيطر حكومة التوافق على غزة؟!).
إننا حين حين نضع تصريحات عباس، في سياق ما يشرحها، من أقوال غير مثل يوسي بيلين، والمصدر المصري، حيث يتكلمان بدون تحفظ ، نجد أنفسنا أمام( منهج ، ورؤية معتمة للمستقبل)، متفق عليها بين الأطراف المؤثرة في الساحة الفلسطينية، وفي المصالحة، وحدودها ومفهومها، وفي حكومة التوافق، وسياساتها، وواجباتها، وأولويات عملها. وهي : بسط سيطرة عباس الأمنية على غزة، ونزع سلاح حماس والمقامة ، بأي آلية ممكنة، وبدون هذا لا معنى لوجود هذه حكومة التوافق.
وإن دعوة عباس للمصالحة الحقيقية بعد الانتخابات ، تعني أولا أن حماس لن يسمح لها المشاركة في الانتخابات قبل الإقرار بشروط الرباعية، وتلبية مطالب اتفاق أوسلو، التي ذكرها بيلين، لأن هذه هي القواعد السياسية للمصالحة، وبالتالي فإن مفهوم حماس للانتخابات وآلياتها للأسف، يختلف جذريا عن مفهوم الرئيس عباس للانتخابات
الانتخابات القادمة إذا تمت تهدف الى إخراج حماس من المشهد السياسي، إما قبل بدء الانتخابات بالقواعد والشروط اللازم توفرها في الشخص والحزب المشارك. وإما بعد المشاركة بآليات التزييف، والتزوير، بوجود المحلل، أو التيس المستعار، وهنا أعني المراقبين الدوليين.
خلاصة القول يجب أن تخرج حماس من المشهد السياسي ( بسيف الإعمار، وبسيف الانتخابات القادمة)، وسلاحها هو المستهدف الأول والرئيس. وما يجري في مسائل الحكومة، والتواصل مع غزة، والرواتب، واللجان، وأوراق التفاهمات، ليس إلا لعب في الهوامش إن أحسنا الظن، وليس إلا ترقيعا لمشهد واتفاق لا يمكن ترقيعه، ومن ثمة لم يكن اتفاق الشاطئ للأسف خطوة على طريق التفرغ للقضايا الوطنية، ولم يكن اختراقا حقيقيا للمصالحة والمشاركة ؟! وتوقف عند نزع ورقة شرعية الحكم من يد حماس، وإتمام عملية تنفيذ إقالة حكومة هنية، التي صدر مرسومها في يونيو ٢٠٠٦ ولم ينفذ؟!