د. يوسف رزقة
في عالم ( القوة الغاشمة - والنفاق العالمي) يمكن أن يحدث كل شيء متوقع ، وكل شيء غير متوقع. القوة الغاشمة الأوربية قامت على علمانية لا دينية كارهة للدين ولسلطانه، لذا فهي تسخر من الدين ومن أهله، وترى في الدين عدوا، يجب الحذر من أهله، وإقصائهم من واجهة المسئولية.
ففي الوقت الذي شاركت شخصيات من بلاد عربية، وإسلامية ، وقيادات الجالية الإسلامية في أوربا، في مظاهرة الجمهورية ضد ما حدث لصحيفة شارلي ايبدو، إلا أن الصحيفة المذكورة نسيت مشاعر المسلمين، الذين شاركوا في مظاهرة باريس، وأهملتم، وأخرجت لسانها لهم ، وعادت ونشرت رسومات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بشكل أوسع من ذي قبل، ولم تتدخل السلطات الفرنسية لتوجيه الصحيفة للابتعاد عن هذه الاستفزازات المثيرة لحفيظة المسلمين.
نعم، قد يحمي القانون الفرنسي حرية الرأي، وقد يسمح للصحيفة المذكورة وغيرها أن تتناول الدين الإسلامي وغيره بالسخرية والاستهزاء، ولكن هذه الحرية لا ينبغي أن تؤذي مشاعر المسلمين، ولا أن تنال من مقدساتهم، ومما يحبونهم، وفي مقدمتهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إن عدم تدخل السلطات الفرنسية ضد وقاحة المجلة، قد يجدد الغضب هنا، أو هناك، عند هذا أو ذاك، ومن ثمة تتجدد فتن الدم والقتل، وهذا ولا شك تتحمل مسئوليته السلطات الفرنسية، لأن تدخلها من خلال تجديد التشريع، أو من خلال توجيه الصحف للبعد عن مثل هذه الاستفزازات المسيئة أصبح واجبا، وضروريا لوقف الفتن؟!
رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم، ليس في حاجة إلى دفاعنا عنه، فقد كفاه الله المستهزئين، وهو الذي اصطفاه، ورفع شأنه، وشرح صدره، وتوفاه وهو راض عنه. وحين يقف المسلمون ضد المجلة، وضد السخرية، إنما يدافعون عن حقهم الوجودي في الاحترام والتقدير، في عالم تحكمه القوة الغاشمة، والنفاق العالمي. المسلمون اليوم يرفضون الإهانة التي توجهها هذه القوة الغاشمة أينما كانت لكل مسلم ، تحت مسمى حرية الرأي. إن حرية الرأي تقف عند حدود الإساءة إلى الغير. إنها عند الإساءة للآخرين تتحول إلى عدوان ، كما يقول الفلاسفة والحكماء.
إن الصفعة القوية التي وجهتها مجلة شارلي إلى الزعماء العرب والمسلمين المشاركين نفاقا لفرنسا يجب ألا تنسى بعد عودة المجلة لما كانت تفعله من جرائم السخرية والاستهزاء، ومن ثمة فإن من حرام المشاركة في تظاهرة تسخر من الأنبياء معه حق فيما ذهب إليه من تحريم، لأن دين الإسلام يقوم على احترام الأنبياء جميعا وتبجيلهم، والترضي عنهم أجمعين، وفي مقدمتهم سيد الخلق، وحبيب الرب، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
إن القائد المسلم الذي يحترم نفسه، هو القائد الذي يحترم نبيه أولا، وينزله من نفسه منزلة مقدمة عليها، وعلى ماله، وولده، والناس،ر ومن خالف ذلك فعليه مراجعة دينه، وإحداث توبة جديدة، فكيف بمن يرضى أن يكون في مسيرة تشتم نبيه وتسخر منه ؟!
إننا في يوم الجمعة ، وفي جريدة فلسطين ، ندعوا لمضاعفة الصلاة والسلام على أفضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وندعوا إلى البراءة التامة من كل من أساء، أو شارك، أو رضي، أو أعان مسيئا إليه على إساءته ، انتصارا لديننا ولأنفسنا، وردا على علمانية الغرب الغاشمة، والمتوحشة.