د. مصطفى الصواف
اليوم يوم النصر وغدا سيكون يوم التمكين والتحرير بإذن الله تعالى، من فضل الله علينا أن واجهنا هذا العدو الغادر فقط لوحدنا وبأنفسنا وقلة إمكانياتنا إلا ثقتنا بالله ثم ثقتنا بشعبنا الفلسطيني الذي أبى إلا أن يبقى حاضنا لمقاومته حتى اللحظة الأخيرة رافضا التخلي عنها رغم ما أصابه من بطش وإجرام وإرهاب يهود الذي مارس علينا كل أصناف الإرهاب والقتل والتدمير فباء بالفشل ولم يحقق مراده حتى اللحظة الأخيرة التي استهدف فيها الأبراج والمؤسسات التجارية والمدارس، فكانت نتيجة إرهابه أن زاد تمسك الفلسطيني بمقاومته أكثر ،وإصراره على المقاومة أن تصمد وتضرب وتتمسك بالحقوق حتى أذن الله تعالى بقدره وحقق نصرا لهذا الشعب الصابر الصامد المقاوم.
سنسمع من بعض المرجفين في الأرض: عن أي نصر تتحدثون وأكثر من ألفي شهيد واحد عشر ألف جريج وعشرات الآلاف من البيوت بين تدمير شامل وجزئي وخراب في البنية التحتية وتشرد وضرب للاقتصاد، ونقول لهؤلاء ليس هكذا تحسب المعادلة، نعم دفعنا ثمنا غاليا لحريتنا وسنبقى ندفع هذه الثمن حتى نحقق حريتنا كاملة، ونقول أيضا: أن نخوض معركة على مدى واحد خمسين يوما دون كلل أو ملل وبمقاومة لم يتوقعها صديق وصدمت العدو وأرهقته وأصابته بشكل دقيق وقاتل أربكت حساباته وضربت جبهته الداخلية التي شكلت في الأيام الأخيرة عنصرا ضاغطا على قيادته السياسية والعسكرية حتى بات مستقبل نتنياهو المجرم في مهب الريح، وهذه المعركة أسقطته سياسيا وشعبيا.
أن تصمد المقاومة ولا ترفع الراية البيضاء وتبقى ضاغطة على الزناد حتى اللحظة الأخيرة كما كانت منذ اللحظة الأولى مفشلة ما خطط له العدو الذي وضع لنفسه أهدافا على رأسها كسر المقاومة وإخضاعها لشروطه مستسلمة، وكان من أهدافه القضاء على البنية التحتية للمقاومة وتجريدها من سلاحها، ومن ثم رسم لوهمه وهما بالقضاء على حماس أو إضعافها إضعافا يمكنه ويمكن أحلافه من ترويضها وإخضاعها لكل الشروط المذلة وأن تأتي جاثية على ركبتيها تعلن التسليم التام للاحتلال وأعوانه ولشروط الرباعية والاعتراف بهذا الكيان الذي ترفض حماس والشعب الفلسطيني الاعتراف به، كان من أهداف العدو وقف إطلاق الصواريخ حتى يتحقق الأمن والأمان للكيان ومستوطنيه ولكن في اللحظات الأخيرة كان صواريخ المقاومة تسقط بكثافة أكبر ، ومع الأيام الأخيرة للعدوان قزم الاحتلال مطالبه بعد أن عجز عن تحقيق أهدافه وجعل كل اهتمامه هو تدمير الأنفاق الهجومية بعد أن شكلت هاجسا أجبر مستوطنيه على الرحيل من المستوطنات المحيطة بالقطاع خشية على أرواحهم وأن يطالهم المقاومون بالقتل أو الأسر بعد أن يدخلوا عليهم مستوطناتهم من عبر هذه الإنفاق، ها هو العدوان ينتهي بعد أن فشل العدو من تحقيق أهدافه وفاوض على مطالب الشعب الفلسطيني تحت إطلاق النار ووافق على وقف إطلاق النار مقابل رفع الحصار.
لسنا واهمين بأن الاتفاق حقق كل مطالب الشعب الفلسطيني ولكنه أنجز غالبيتها في هذه الجولة من القتال لهذا العدو عبر البندقية وعبر طاولة التفاوض، بل أجبرت المقاومة من تعامل معها بصلف في بداية العدوان ظانا أنها ستأتي طائعة لأنه لا قدرة لها للمواجهة بعد أن حوصرت وجففت المنابع وإذا بها ترفض الخضوع والذل وترفض ما قدم لها من مشروع لوقف إطلاق النار، وبعد أن كان مشروعا مقدسا وإذا به يفتح مرة ومرة وتعاد صياغته حتى يقترب من مطالب المقاومة والشعب وكان له ما أراد ولم يعد مقدسا إلا مطالب الشعب الفلسطيني التي بدونها لن يكون هناك اتفاق وكان ما راده الشعب والمقاومة.
اليوم مهمة المقاومة أثقل من مهمة القتال في الميدان؛ وهي مهمة احتضان الشعب الذي شكل الحاضنة الشعبية أيام العدوان وكان العمود الفقري للمقاومة، اليوم وبعد توقف العدوان؛ المقاومة أمامها مهمتان كل منها لا تقل أهمية عن الأخرى وهو الوقوف إلى جانب الشعب كما اشرنا والمهمة الثانية هو الإعداد والتدريب والتطوير للمقاومة حتى تتجهز للجولة القادمة بشكل مختلف وبطرق جديدة لأن هذه المعركة ليست المعركة الفاصلة بل هي واحدة من المعارك التي سيخوضها الشعب الفلسطيني من أجل تحرير الأرض وإقامة الدولة على كامل التراب، (ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
تحية إجلال وإكبار لشعبنا في قطاع غزة وفلسطين كل فلسطين وتحية لأرواح الشهداء الذين صنعوا العزة والكرامة، والدعاء بالشفاء للجرحى، وأن يفك الله قيد الأسرى ، والى كل المكلومين والمشردين ومن هدمت بيوتهم بالعودة اليها قريبا بإذن الله.