مصطفى الصواف
باتت الأمور في قطاع غزة تعتريها حالة من عدم الوضوح والتخبط الأمر الذي انعكس على مجمل مفاصل الحياة فيها بعد أن ظن الناس أن أمورهم ستتحسن في أعقاب تشكيل حكومة (التوافق) التي لم تقم بواجباتها حيال القطاع ولم تلتزم بالاتفاق الذي كان سببا في وجودها، وباتت حبيسة للقرار السياسي الذي يتحكم فيه محمود عباس، والذي يريد أن ينفذ ما يراه هو دون الالتزام بالاتفاقات الموقعة بين الطرفين فتح وحماس ويصر على مخالفتها والعمل وفق عقليته الاقصائية والانفرادية، ووفق ما يؤمن به من مشروع سياسي ترفضه غالبية الشعب الفلسطيني.
حركة حماس التي كانت صاحبة السيادة وفق نتائج الانتخابات التي جرت عام 2006 وشكلت الحكومة العاشرة ثم حكومة الوحدة التي انقلبت عليها حركة فتح بقيادة محمد دحلان والأجهزة الأمنية، الأمر الذي تسبب في حدوث انقسام طولي وعرضي وباتت البلاد مقسمة بين فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة، والذي ما زال مستمرا رغم اتفاق المصالحة الذي عقد في القاهرة بحضور كافة القوى وتفاهمات الدوحة والشاطئ، والتي نقضها محمود عباس بعدم الالتزام بها، بل ضرب بها عرض الحائط. ودليل ذلك انه كبل منتج تفاهمات الشاطئ وهو حكومة التوافق وألزمها برؤيته الشخصية بعيدا الرؤية التوافقية التي تم التوافق عليها الأمر الذي عطل هذه الحكومة عن القيام بواجباتها وأضعفها؛ الأمر الذي افشل هذه الحكومة وباتت عاجزة، بل حولها إلى سكرتاريا خاصة به بلا شخصية ولا احترام أو تقدير من قبل الجمهور الفلسطيني الذي علق آمالا عليها وإذ به يجد الأمور تراوح مكانها بل وأكثر تعقيدا.
في الآونة الأخيرة دخل على الخط وبقوة تيار دحلان في قطاع غزة المدعوم من أطراف إقليمية عربية ودولية كونه المقبول للمرحلة القادمة بعد غروب شمس عباس تماما كما فُعل بالمرحوم ياسر عرفات.
ولكن المحير في الأمر هو الضبابية التي تلف موقف حركة حماس من محمد دحلان ومن النشاطات التي يقوم بها التابعون له والمنفذون لسياسته من خلال مؤسسات اجتماعية إغاثية وأموال تتدفق على قطاع غزة، هي بكل تأكيد ليست مالا شخصيا لمحمد دحلان بل هي أموال مقدمة للشعب الفلسطيني ولكن عبر دحلان، وهذا جزء من صناعة رجل المرحلة القادمة، الأمر الذي حير المراقبين من هذا الموقف غير الواضح لحماس، وبات كل واحد يذهب برؤية مختلفة عن غيره وباتت التحليلات كثيرة، البعض تحدث عن تحالف بين حماس ودحلان وآخرون تحدثوا عن أن حماس تريد أن تضرب عباس بدحلان، أو أن الوضع المالي لحماس بات السبب الرئيس لهذا الظهور السريع لدحلان وأموال الدعم التي يشرف على توزيعها، وما زاد الأمر تعقيدا هو عدم الوضوح في موقف حماس حتى بات الأمر مشكلا على قواعد الحركة والتي في تركيبتها مختلفة عن طبيعة قواعد التنظيمات الأخرى حيث مشاركتها الفاعلة في القرار وتقديم المشورة والنصيحة وإبداء وجهات النظر في القضايا المتعلقة بالشأن الداخلي وبعض شئون الحركة الأخرى، وكثرت التساؤلات ولا توجد أي إجابة مقنعة حتى الآن.
وأمام عدم الوضوح هذا لموقف حركة حماس بات لزاما أن تخرج حماس بموقف واضح من قضية دحلان والأموال التي تدخل على القطاع وما نظرتها المستقبلية للعلاقة معه في ظل هذه الصناعة التي تجري له؟ وهل ستقبل حماس بهذه الصناعة وهذا الإعداد لقيادة جديدة بديلة عن محمود عباس؟، وهل فعلا حماس يمكن لها ولأي سبب كان أن تتحالف مع دحلان ضد عباس، وما شكل هذا التحالف؟ أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابات شافية كافية وافية.