د. مصطفى الصواف
يوم الخميس الماضي أعلن في القاهرة عن تجديد اتفاقيتي القاهرة والشاطئ وبتنا كمن يرقع قديم موجود ترك مهجورا حتى عشعش فيه البوم وبعد أن عاث فيه خرابا عدنا مرة أخرى لترميمه، وإذا بقي الأمر مجرد ترميم دون أن نعمر المرمم سيؤول مرة أخرى للخراب ثم نبحث عن عملية ترميم أخرى في عاصمة عربية جديدة أو قديمة.
ما أعلن عنه في القاهرة بين فتح وحماس عن تجديد لاتفاق المصالحة لم يأت بجديد وبقي كلاما وثرثرة عبر وسائل الإعلام تحمل الابتسامات والقبلات وكل منهما يعلم أنه يضحك على الآخر ، وحتى ما أعلن عنه كان فاقدا لكثير من الجديدة ، لأنه خلا من جدولة، وخلا من آليات التنفيذ إلا لجنة مشتركة مشكلة من فتح وحماس لمراقبة تنفيذ الاتفاق وحتى هذه ليست بجديدة بل أعيد صياغتها من جديد.
مع كل تجديد للاتفاق ننتظر أن نجد هذا الاتفاق واقعا على الأرض وأن تكون هناك خطوات عملية لتنفيذ الاتفاق ولكن يطول الانتظار ولم نجد على ارض الواقع أي تغيير بل نعود مرة أخرى إلى تشويه بعضنا البعض في كل المحافل والمناسبات وإن في الهجمة الأخيرة من قبل عباس وفتح اتخذت حماس قرار بعدم الرد حتى لا ندخل في مناكفات على الهواء مباشرة وننشر الغسيل الوسخ عن بعضنا البعض وهذا قرار سليم تداركه عباس بعد فوات الأوان بعد أن وجهت له النصائح أن هذا الهجوم يضر بحركة فتح لا في حركة حماس وإن بقي بعض الناطقين يمارسون ردحهم بشكل مقزز.
الشك لازال قائما، وغياب الثقة قاعدة تبني عليها الأطراف نظرتها لعضها البعض وهذا هو واحدة من الأمور التي تجعل الاتفاقات معطلة أو لا تجد طريق للحل لأن كل طرف يتربص بالأخر ، الإرادات غائبة والتصيد سيد الموقف.
ما أتحدث به قد يعتبره البعض من باب التشاؤم وعدم الثقة ولكن المسألة ليست كذلك خاصة أننا نحكم على موقف تكرر أكثر من مرة ما أدى إلى إحباط عام لدى الجمهور الفلسطيني وبات أيضا يبني توقعاته على قاعدة الشك ما لم يجد أمرا ملموسا على ارض الواقع يؤكد له أن هذه المرة هناك جدية في تطبيق الاتفاق وأن هذا الاتفاق بات موضع التنفيذ التدريجي وفق جدولة آلية متفق عليها واضحة لا لبس فيها بعيدا عن أسلوب ( لبدلك ... والله ... صحيك) يجب تغليب المصلحة الوطنية يجب العمل على إزالة آثار الانقسام يجب التعامل مع الكل الفلسطيني على أنه جزء من الكل الفلسطيني لغة المحاصصة ولغة الشرعي وغير الشرعي مطلوب شطبها من قاموس شعبنا الفلسطيني لأن موظفي غزة لم يأتوا من كوكب آخر ونتائج السنوات الثمانية الماضية باتت واقعا على الأرض لا يمكن شطبها.
والسؤال هل سنجد خلال الأسبوع الحالي أو القادم أي بعد العيد حكومة وفاق وطني تعني بالشأن الفلسطيني في كل المناطق دون تفريق بين غزة وضفة وشرعي وغير شرعي؟ ، هل سنجد تطبيقا أمينا لاتفاق المصالحة بعد أن شاهدنا سقوط كل الرهانات وآخرها مشروع النقاط الثلاث التي تحدث عنها السيد محمود عباس في الأمم المتحدة وسمعنا ردة الفعل الأمريكية على الخطاب ومحتواه والتي تؤكد أن التوجه إلى مجلس الأمن سيكون محكوم بالفيتو الأمريكي؟، هل وصلنا إلى قناعة أن وحدة الشعب الفلسطيني وتجاوز الخلافات هي المخرج وهي الرهان الحقيقي؟ ، هل بتنا على قناعة أن التفرد في اتخاذ القرار ضار والإقصاء وعدم الاعتراف بالمتغيرات التي جرت على ارض الواقع معوق؟.
كلنا أمل أن تجري المصالحة بما يحقق تطلعات شعبنا الفلسطيني ويحقق وحدته وتماسكه لأننا جميعا نواجه أخطار كبيرة ما لم نتداركها سنكون جميعا في خسران مبين.