التجربة الصينية
آخر تحديث GMT 13:28:24
 فلسطين اليوم -
الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام أردوغان يبدي استعداد تركيا للمساعدة في وقف حرب غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل تجدد قصف الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متعددة في لبنان مسبباً دماراً واسعاً في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب الاحتلال يعتدي على طاقم إسعاف ويحتجز مسعفة في أوصرين جنوب نابلس الصين تعرب عن دعمها لمذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت وتؤكد أهمية وقف إطلاق النار في غزة عشرات الآلاف من المستوطنين يقتحمون الخليل والمحيط الإبراهيمي بقيادة بن غفير والاحتلال يمنع الفلسطينيين من مغادرة منازلهم حزب الله يستهدف قاعدة حيفا التقنيّة و جنود الاحتلال عند أطراف الخيام وكفركلا كتائب القسام تعلن استهداف قوة إسرائيلية ودبابة ميركافا في جباليا شمال قطاع غزة "أدنوك" الإماراتية تدرس بيع حصة في شركة الغاز التابعة لها
أخر الأخبار

التجربة الصينية

 فلسطين اليوم -

التجربة الصينية

د. عاطف ابو سيف
بقلم : د. عاطف ابو سيف

ارتباط منشأ فيروس كورونا بالصين، وفي مفارقة غريبة فإن البلاد التي كان يعتقد أن المرض سيفتك بها باتت أكثر البلدان نجاعة في محاربته، بل صارت التجربة الصينية مثالاً يحتذى به في التعامل مع المرض سريع الانتشار. والصين التي عانت ما عانته من الفيروس المتجدد الذي لم تنجح الحضارة الإنسانية في اكتشاف علاج أو لقاح له، باتت تقدم الخبرة والمشورة للبلدان الأخرى في مقاومة انتشاره، وصار يمكن تعلم الكثير من الدروس من تلك الخبرات، بل يصعب الحديث عن سبل مواجهته دون الإشارة للصين وطريقة احتواء المرض ومنع تمدده، وعلاج الكثير من المصابين. ورغم أن الفيروس لم يختف بعد من هناك إلا أن التجربة الصينية في منع ترك المرض يفتك بالبلاد ظلت وستظل محط إعجاب وتقدير.

ولصيق بهذا كيف كان العالم يتعاطى في بداية ظهور المرض مع المواطنين من أصول صينية، حيث كان يتم النظر إليهم كأنهم كلهم مصابون بالمرض، وحتى وصل الأمر إلى حد التصرفات العنصرية الكريهة بحق الصينيين في الكثير من البلاد، وانتشرت على مواقع التواصل الكثير من الفيديوهات التي تصور الأمر حتى بصورة مضحكة، وكان الهرب أو التجنب أو الغضب من قرب شخص صيني مادة للتندر والضحك، رغم ما في ذلك من استفزاز وانتهاك صارخ للقيم والمثل العليا التي تنظم علاقات البشر.

بل وصل الأمر إلى حد التمييز العنصري في إشارات السياسة وصناع الرأي سواء. وبشكل عام فإن تلك الفترة القصيرة لم تطل كثيراً أن تشافي الصين من المرض، ومشيها بخطوات واثقة للتغلب عليه قلب الآية، فلم تعد الإشارة للمواطن الصيني بوصفه مصدر انتشار المرض، وصار أطباء الصين وطواقمها الطبية محط اهتمام وجذب الكثير من الدول.

لم يقتصر الأمر على التجربة الصينية بل امتد ليشمل الروح والعزيمة الصينية التي تغلبت على المرض. ولم يعد المواطن الصيني يثير الخوف والهلع ويتطلب الأمر عدم الاحتكاك به وربما الهرب من أمامه في مشاهد درامية، بل بات صورة الطبيب الصيني محط إعجاب وتقدير واحترام خاصة في ظل عجز القارة العجوز أوروبا عن وقف انتهاك المرض لجسدها، وعجز البشرية في وضع حد له وتركه يتواصل تمدده وزحفه في كل الاتجاهات، خاصة في ظل الحديث عن مقدرته على التحول والتطور.

هذا الحديث يقود إلى جوهر المعضلة الراسخة في الوعي الإنساني. الإنسان نزّاع إلى التنميط ورسم الصور والتخيلات المسبقة عن الأشياء. وربما يصعب قراءة الثقافات العالمية دون الإشارة إلى هذا النزوع إلى التنميط. فكل ثقافة لديها تصوراتها وصورها النمطية عن الثقافات والشعوب الأخرى، خاصة تلك الشعوب القريبة منها أو تربطها بها أحداث تاريخية من باب الحروب أو الصراعات والتنافس.

وتاريخنا يحفل بمثل هذه التصورات والتنميطات. منها مثلاً صورة الغرب عن الشرق المتعلقة بسحر الشرق وما يتم ادعاؤه عن الشعوذة والإثارة الحسية، والآن الصور النمطية عن الإرهاب وقمع المرأة، وهي صور ناقشها إدوارد سعيد وناقش انعكاساتها في الأدب والفنون الأوروبية في «الاستشراق». والأمر ذاته عندنا نحن العرب عن الغرب وعن أوروبا تحديداً منها ما قد يقوله البعض أنها مجتمعات غير متدينة، رغم أن التدين في بعضها أعلى منه لدى بعض بلداننا والانحلال الأخلاقي وما يعتقد حول تصرفات المرأة، وهي تصورات غير دقيقة وتعكس نمطاً وفهماً غير دقيق، لكنها جزء من بناء الهوية المضادة والافتراق عن الخصم التاريخي.

تخيلوا مثلاً أن العرب أيام الجاهلية كانت تعتبر أن السيف المصنوع في الهند أجود السيوف رغم ان العرب عرفت بجودة سيوفها وبتزيينه بالذهب مثلاً، وكان عنتر يتباهى بسيفه الهندواني بل إنهم، أي العرب، أعطوا السيف اسم «المهند»، وصحيح أن السيف الهندي في فترات لاحقة من التاريخ أيام المغول وبعد ذلك كان يتمتع بسمعة جيدة، لكن المؤكد أن الصورة النمطية حتى لدى شاعر مثل عنترة قامت بدور كبير في تلك المخيلة.

مثلاً سور الصين العظيم لا يسمى في الصين سوراً ولا ذكر للعظيم في اسمه بل الجدار الطويل. وثمة أساطير غير صحيحة مرتبطة به مثلاً أنه يُرى من الفضاء وهذا غير صحيح، وهو مجرد إشاعة أطلقها أحد رواد الفضاء. كما أنه لا يمكن غزوه وحمى الممالك الصينية المتعاقبة من الغزو الخارجي، وهذا أيضاً غير صحيح وتم غزوه وعبوره أكثر من مرة.

ثمة مفارقتان مرتبطتان بالصين أيضاً. حين كنت صغيراً وربما يتذكر الكثيرون ذلك كانت الإشارة لأواني الشاي بأنها صينية، يعني أنها خزف فاخر، وبالتالي يتم التباهي بها والتدليل على قيمتها، مثل أن تقول إن الثلاجة ألمانية اليوم. بعد ذلك وفي عصر العولمة باتت الإشارة للشيء بأنه صيني تعني أنه غير أصلي ومقلد. لاحظوا أن ثمة ماركات في الصين أكثر أصالة من كبريات الماركات الأوروبية وأغلى منها ثمناً، ولكنها العولمة التي كانت الصين منتجها الأول هي من جعلت من المصانع الصينية تحت طب التاجر، وكما يقول المثل «على قد لحافك مد رجليك».

ربما ستنتهي أزمة كورونا، ولندعو الله أن يكون هذا قريباً، وربما تؤثر قليلاً على تصوراتنا وتنميطنا، لكن أيضاً قد يعود كل شيء إلى سابق عهده ويتم نسيان الكثير من الدروس التي تم تعلمها مع التجربة، خاصة فيما يتعلق بعدم التعميم والانتظار، فالتجربة الصينية في التعامل مع الفيروس، صحيح أنها لم تقضِ عليه لكنها منعته من القضاء على الصين برمتها. وفيما تصارع البشرية من أجل البقاء يقوم المخيال الخاص بكل ثقافة بعمل تصوراته وتنميطاته الخاصة حول كل شيء. هذه هي الحياة.
ومن المفارقة مثلاً كيف ترتبط الصين في الوعي العام بجملة من التصورات والصور النمطية التي لا علاقة لكثير منها بالواقع.

قد يهمك أيضا : 

  أبو سيف يؤكد الاحتفال ببيت لحم عاصمة الثقافة العربية بشهر نيسان المقبل

أيضاً المجتمع الدولي يتغير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجربة الصينية التجربة الصينية



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أزياء الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الأناقة الملكية والطابع العصري

عمان ـ فلسطين اليوم
استطاعت الأميرة رجوة الحسين زوجة ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، خلق بصمة مميزة عبر إطلالاتها الجمالية الراقية، التي تعكس شخصيتها كملكة وكأم، سواء من خلال اختيارها للمكياج الكلاسيكي، أو طريقة تزيين شعرها بتسريحات ناعمة وفخمة، إطلالاتها الجمالية، دائماً تحمل رسالة من الرقي والاحترام، حيث تجمع في اختياراتها بين التراث العربي الأصيل ولمسات الحداثة العصرية، ما جعلها أيقونة الجمال والأناقة في العالم العربي، ومثالاً يحتذى به للسيدات اللواتي يبحثن عن التوازن بين البساطة والجمال الطبيعي. الأميرة رجوة تتألق بمكياج ناعم وتسريحة ذيل الحصان البف في أحدث ظهور للأميرة رجوة الحسين، وعلى هامش حضورها خطاب العرش للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال افتتاح مراسم الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشري...المزيد

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالة غير مسبوقة لنجوى كرم تثير الإعجاب والدهشة
 فلسطين اليوم - إطلالة غير مسبوقة لنجوى كرم تثير الإعجاب والدهشة

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أماكن فاخرة تدمج بين سحر الطبيعة وأعلى مستويات الترف
 فلسطين اليوم - أماكن فاخرة تدمج بين سحر الطبيعة وأعلى مستويات الترف

GMT 07:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حلول عملية وذكية بالأثاث متعدد الأغراض
 فلسطين اليوم - حلول عملية وذكية بالأثاث متعدد الأغراض

GMT 08:27 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية الصحية طريقك لصحة العين وحماية من مشكلات الرؤية
 فلسطين اليوم - التغذية الصحية طريقك لصحة العين وحماية من مشكلات الرؤية

GMT 12:59 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف يجتمعان لأول مرة في عرض مسرحي مرتقب
 فلسطين اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف يجتمعان لأول مرة في عرض مسرحي مرتقب

GMT 05:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 10:58 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

بطل أسترالي سابق يستبعد كسر حاجز الساعتين في الماراثون

GMT 16:32 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

رحيم سترلينغ يكشّف تفاصيل صدامه مع خوان ماتا

GMT 05:33 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهر سعد يشارك في مؤتمر الكنفدرالية المغربية للشغل

GMT 11:35 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مميزة لتنسيق الجاكيت للمحجبات من وحي مدونات الموضة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday