عن حقائق اللحظة وتداعياتها
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

عن حقائق اللحظة وتداعياتها ...

 فلسطين اليوم -

عن حقائق اللحظة وتداعياتها

طلال عوكل

الحراك السياسي الجاري على قدم وساق في العواصم الأوروبية، حول المشاريع والمبادرات التي تتصل بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، هذا الحراك يؤكد جملة من المعطيات، التي يصعب تجاوزها عند فحص مآلات هذا الصراع بكل تعقيداته وتشابكاته.
أول هذه المعطيات، ان اسرائيل قد أقفلت أمام الفلسطينيين والعالم كل طريق، كل ثغرة، يمكن أن تؤدي إلى تحقيق سلام، بقبول يحقق للشعب الفلسطيني بعضاً من حقوقه، الوقائع على الأرض بعد عشرين عاماً من سريان اتفاقية أوسلو، والمفاوضات، تؤكد على أن إسرائيل متحدة، حول مخطط إسرائيل الكبرى، لأن ذلك، هو الخيار الوحيد لتحقيق رغبات الزعماء المتطلعين إلى السلطة، والخيار الذي يلبي الأطماع التوراتية.
منذ سنوات طويلة، لم يعد في إسرائيل جهة قرار تتحمل المسؤولية عن اتخاذ قرارات استراتيجية تتصل بتحقيق السلام مع الفلسطينيين والعرب، وذلك بسبب غياب الحزب الذي يلعب دور المركز والعمود الفقري، الذي ينظم الحياة السياسية. لم يعد في إسرائيل أحزاب مركزية، كما كان حزب العمل أو الليكود حين كان كل منهما يحصل على عدد من المقاعد في الكنيست التي تمكنه من إقامة تحالف مستقر، والتحالفات التي تنشأ في حكومات إسرائيل هذه الأيام، تقوم على المساومات بين الأحزاب، وتظل مرهونة لمتطلبات استقرار هذه التحالفات. المشهد العسكري والأمني في إسرائيل يختلف، فالتركيبة العسكرية مستقرة على أسس مؤسسية، يجعلها دائماً جاهزة لشن الحروب وموحدة في تنفيذ قرارات المستوى السياسي المرتبك، الذي يسهل عليه اتخاذ قرارات بشن الحروب والعدوانات، ويصعب عليه اتخاذ قرارات بشأن السلام.
ثاني هذه المعطيات يفيد بأن الفلسطينيين عيل صبرهم، ولم تترك إسرائيل أمامهم أي خيار أو فرصة، أو مخرج، سوى أن يضعوا حداً لمسيرة عشرين عاماً من المفاوضات غير المجدية التي استغلتها إسرائيل لتنفيذ مخططاتها.
لم يعد أمام الفلسطينيين أي مجال أو خيار، لمواصلة التعامل مع السياق والآليات التي جرى اعتمادها خلال العشرين عاماً، وارتهنت إلى دور غائب للرباعية الدولية، واحتكار أميركي للملف، ومفاوضات مباشرة. كان لا بد للفلسطينيين أن يغيروا اتجاه حركتهم، بعد أن استنفدوا كل فرصة، وكل أمل في تحقيق السلام عبر المفاوضات، ولذلك كان عليهم أن يذهبوا إلى المجتمع الدولي، وإلى مؤسسات الأمم المتحدة. وهو أمر ما كان له أن يحقق إنجازات، قبل أن يرتقي وعي الرأي العام العالمي إلى مستوى فهم حقائق الصراع، وطبيعة المخططات الإسرائيلية. قد يواجه الفلسطينيون ضغوطا، والأرجح أنهم سيدفعون ثمن هذا التغيير في الاتجاه العام لضوابط الحركة السياسية، ولكنهم يدفعون الثمن على كل حال، بل انهم يدفعون ثمناً أكبر وأكثر خطورة، إذا استمروا في التعامل مع السياق الجاري، والآليات السابقة.
التوجه إلى الأمم المتحدة كخيار، هو اقتحام للمحرمات والخطوط الحمر التي ترفض إسرائيل تاريخياً تجاوزها، وكان ولا يزال عليهم أن يرمموا أوضاعهم الداخلية، حتى لا يفسد الانقسام، عملية الاقتحام هذه، وحتى لا يضطر الفلسطينيون لدفع أثمان مجانية يمكن تجنب دفعها.
ثمة ضرورة لتكامل خطوط السياسة الفلسطينية، واتجاهات فعلها وعملها بما يعزز هذا الاقتحام، وتجنب تشتيت القوة، أو دفع الأمور نحو تصادم الخيارات. يحتاج الفلسطينيون إلى تجنب واقع غياب القرار السياسي في إسرائيل، وبحيث تتوفر لديهم الآليات المناسبة لوحدة القرار، وتكامل عوامل القوة.
الترتيب الذي تقدمه القيادة الفلسطينية للحراك السياسي على المستوى الدولي، ينطوي على قدر من الحكمة، ففي مواجهة الانحياز الأميركي الثابت والدائم لصالح إسرائيل، تهدد القيادة بالانضمام إلى المؤسسات الدولية ومنها معاهدة روما، في حال استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع قرار إنهاء الاحتلال، سواء كان عنوانه فلسطينياً عربياً، أو فرنسياً أوروبياً في حال تطوير المشروع الفرنسي.
من الواضح أن ثمة أوراقا أخرى قوية بيد الفلسطينيين، لكن كل هذه الأوراق ما كان لها أن تنطوي على هذا القدر من الفعالية، قبل استنفاد كل ما يمكن فعله، من أجل إنضاج مفاهيم ومواقف الرأي العام الدولي خصوصاً الأوروبي إزاء حقائق الصراع.
ثالث هذه الحقائق، تفيد بأن المراهنة على مواقف وأدوار مختلفة للإدارات الأميركية على اختلافها، لا يمكن أن تصل إلى نتيجة.
ندرك بأن الإدارة الحالية غير راضية، عن السياسة الإسرائيلية، وانها تشعر بقدر من الاحباط، الذي يمس بهيبة الولايات المتحدة، وندرك والكل يدرك بأن اللقاء الأخير بين جون كيري وبنيامين نتنياهو لم يفض إلى اتفاق، وانه كان سلبياً، ولكن كيري عاد بعده ليبلغ الدكتور صائب عريقات، بأن بلاده ستستخدم الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني العربي. صياغة الإدارات الأميركية لسياساتها التي تتصل بالصراع في المنطقة هذه الصياغة، وما ينجم عنها ويتبعها من أدوار، وحراكات، تعيد، وضع الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول المعادية للمصالح والحقوق العربية. كيري فشل في تحقيق اتفاق مع الفلسطينيين والإسرائيليين يجنب الولايات المتحدة حرج رفع الفيتو في مجلس الأمن أمام المشروع العربي أو الموافقة عليه، لكنه في الأخير يعود لضوابط السياسة الأميركية التي تصطف خلف إسرائيل، وتؤمن لها الدعم والحماية.
الأوروبيون بعد أن ظلوا لفترة طويلة، يمارسون سياسة تقتفي أثر السياسة الأميركية، ولا تتجاوزها كثيراً، يترتب عليهم أن يشقوا طريقهم إلى مصالحهم في المنطقة، من خلال سياسات ومواقف مستقلة، تعكس إدراكهم من أن السياسة الإسرائيلية، ومن يقف وراءها، تشكل تهديداً حقيقياً، لكل مصالح الغرب في هذه المنطقة.
أما الحقيقة الأخيرة وباختصار، فهي ان العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تتجه نحو الصراع والاشتباك المفتوح، ما يستدعي من الفلسطينيين، أن يرمموا أوضاعهم وأن يتحضروا جيداً، لخوض هذا الصراع على نحو أفضل مما سبق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حقائق اللحظة وتداعياتها عن حقائق اللحظة وتداعياتها



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday