حـــوار الـضــــرورة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

حـــوار الـضــــرورة

 فلسطين اليوم -

حـــوار الـضــــرورة

طلال عوكل

فيما يكثر الحديث عن دور سعودي فاعل في ملف المصالحة الفلسطينية ينتج عنه اتفاق مكة (2)، وترتفع الدعوات من قبل قيادات حمساوية لتفعيل الدور السعودي في هذا الملف، يتفاجأ الكل بلقاء رئيسي وفدي "فتح" عزام الأحمد، و"حماس" الدكتور موسى أبو مرزوق في العاصمة اللبنانية.
اللقاء الذي لم تتوفر أية إشارات مسبقة عن إمكانية وقوعه بين الطرفين وعلى أرض "محايدة"، لا تدخل في حسابات الأطراف المرشحة للعب دور في ملف المصالحة الفلسطينية، هو محاولة لإعادة الطفل إلى بطن أمه، حيث أن أي طرف خارجي، لا يمكنه أن ينجح في تحقيق المصالحة، ما لم تتوفر الإرادة لدى الطرفين المعنيين.
في واقع الأمر، فإن المعطيات الموضوعية لا ترجح إمكانية إقدام مصر أو السعودية على معاودة العمل بقوة على خط المصالحة الفلسطينية، وإذا كان أمر المصالحة مرهونا بتحرك أي من هاتين الدولتين أو حتى أي دولة أخرى، فإن على الفلسطينيين أن ينتظروا طويلاً طويلاً. لقد بذلت مصر جهوداً كبيرة أفلحت في التوصل إلى اتفاق يحمل اسم عاصمتها، ولكنه لم يكن كافياً لردم الهوة بين الطرفين، اللذين يبني كل طرف حساباته، على أساس مختلف ووفق رؤى غير منطقية، هي أقرب إلى إدامة وتعميق الانقسام منها إلى تحقيق المصالحة. وعلى الرغم من أن الطرفين "فتح" و"حماس"، يعترفان، بأنهما لا يستطيعان تجاوز الدور المصري لأسباب عديدة إلاّ أن المناخ السياسي المصري المعادي لحركة "حماس"، يمنع مصر من أن تكون صاحبة هذا الملف حصرياً، مع بقاء الفيتو المصري على أي دور لدولة أخرى.
خيار التوجه للسعودية كبديل للدور المصري، هو خيار وارد لكنه يتطلب من السعودية أن تبذل جهداً ضخماً قد ينجح وقد لا ينجح في أن يرفع الفيتو المصري عن الملف، وبما يؤدي إلى قيام مصر بتأدية دور إيجابي في معالجة تداعيات إنهاء الانقسام، غير أن السعودية لا تغامر بعلاقتها مع مصر من أجل "حماس" أو "فتح".
واقعياً، فإن كل الحديث عن تغيير في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي أو ربما فقط تجاه حركة حماس هو حديث مبالغ فيه، حتى لو كان ذلك أمراً واقعياً، إذ ان كل الملف الفلسطيني، وبكل أطرافه، لا يشكل اليوم موضوع اهتمام كبير.
السعودية غارقة في ملفات كبرى، ذات أبعاد استراتيجية بما ينطوي عليه من مخاطر وتهديدات للسعودية ولكل دول الخليج العربي. أول هذه الملفات، هو ملف اليمين، بكل أبعاده وتداعياته، والذي يقف وراءه، تطلعات إيرانية، نحو السيطرة على مضيق باب المندب، فضلاً عن سيطرتها على مضيق هرمز، هذا بالإضافة لما تشكله إيران بالنسبة للسعودية وأخواتها، من خطر على استقرار هذه المنطقة ودولها، بعد أن أدى اتفاقها مع الدول الكبرى حول الملف النووي إلى تفرغها لقضايا المنطقة.
الملفان السوري والعراقي، هما ملفان أساسيان وفي مقدمة اهتمامات السعودية وأخواتها الخليجيات، ذلك أن السعودية منخرطة في الصراعات الجارية في هذه الدول فضلاً عن أنها ليست في مأمن من وصول حريق الإرهاب إلى داخلها.
السؤال هو ما هي القيمة التي تمثلها "حماس" أو "فتح" أو كل الملف الفلسطيني بمختلف أطرافه في حسابات السعودية إزاء التعامل مع الملفات التي تحظى بأولويتها، وما هي المصلحة المباشرة التي يمكن أن تحققها في حال المغامرة بالدخول على خط المصالحة، وهو دخول غير آمن بالنسبة لها، خصوصاً بعد فشل اتفاق مكة، الذي لم يصمد أكثر من ثلاثة أشهر؟ الذهاب إلى بيروت، كان خياراً سليماً يجنّب الفلسطينيين، اللجوء إلى خيارات تغضب مصر فوق غضبها، ولا تحرج السعودية، الغارقة حتى أذنيها في ملفات أخرى.
كان هذا اللقاء، ضرورياً، بل أكثر من ضروري، ولكنه كان من الضروري أن يتم في اطار وطني أوسع، لطالما كان ضرورياً لتمكين الطرفين من تجاوز حساباتهما، ولأن الأمر يتصل بالحاجة إلى حوار استراتيجي، يؤدي إلى توافق وطني حول السياسة والخيارات الأساسية في مرحلة مقبلة على المزيد من المخاطر.
لقد مضى وقت ليس قصيراً على ما تحاول حكومة التوافق فعله من أجل تحريك عجلة المصالحة، ولكنها بالرغم من كل المحاولات والتفاهمات والقرارات، لم تنجح قيد أنملة، وفي آخر زيارة لوزرائها إلى قطاع غزة، واجهت العديد من المشاكل، التي أملت عليها العودة إلى الضفة بعد أربع وعشرين ساعة فقط من وصول الوزراء إلى غزة.
في الواقع لم يعد مفيداً، اطلاق الأحكام وتحميل هذا الطرف أو ذاك المسؤولية عن فشل الحكومة، فالطرفان لا يهتمان بما يقال عنهما وكل سائر في طريقه حسب رؤيته، وليس أدل على ذلك من استمرار "حماس" في تنفيذ ما يسمى بقانون التكافل، رغم أن الكل الوطني يرفضه وتواصل السلطة التنسيق الأمني رغم أن الكل الوطني يرفضه.
عودة الوزراء إلى الضفة، وفشل محاولتهم، كان لأسباب سياسية وليس لأن الحكومة ترغب أو لا ترغب في تحقيق النجاح، فلقد تم طلب عودتهم إلى رام الله من دائرة الرئاسة وليس من رئيس الحكومة الذي طلب منهم البقاء في غزة.
إذا كان الأمر كذلك فإن المنطق السوي يرى بأن نجاح الحكومة يكمن في عودة الحوار على المستوى السياسي، وهناك من الأسباب والدوافع ما يكفي للاعتقاد بأن حركة فتح، باتت ترغب أو هي مضطرة لأن ترغب في تذليل العقبات أمام الحكومة إزاء الملفات التي تصطدم بها المصالحة رغم أن الحوار الجاري لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حـــوار الـضــــرورة حـــوار الـضــــرورة



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday