إسرائيل وحدها المستفيد من الفوضى الأمنية
آخر تحديث GMT 18:41:05
 فلسطين اليوم -

إسرائيل وحدها المستفيد من الفوضى الأمنية

 فلسطين اليوم -

إسرائيل وحدها المستفيد من الفوضى الأمنية

طلال عوكل

طويلة قائمة القضايا والاهتمامات، والأزمات التي يغرق في معاناتها المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، وكان يعتقد أن لا مجال للإضافة عليها. بعد القضية الوطنية التي يفترض أنها تتصدر قائمة القضايا، لكنها على ما يبدو تتراجع إلى ذيلها، بفعل فاعل، يعرف الجميع عن أزمة البطالة، والفقر، وتهميش الشباب والنساء، ويعرف الجميع ما يعانيه الناس منذ ما يقرب من ثماني سنوات، من حصار زاده تشديداً إغلاق طويل ودون أفق محدد لمعبر رفح، حتى بات الناس يشعرون فعلاً أنهم في سجن كبير، وأنهم يستحقون أن يحمل لهم الزوار العيش والحلاوة. 
ويعرف الجميع الآثار المدمرة التي خلفتها ثلاثة اعتداءات كبيرة شنتها إسرائيل خلال السنوات الست الأخيرة، ودون توقف العدوان منذ العام 2006، دمار كبير، وتشريد لعشرات آلاف الأسر، وبنية تحتية مدمرة، لا تحتمل سقوط أمطار بمعدلات متوسطة ستؤدي إلى غرق العديد من المناطق والبيوت السكنية. 
جدول الطاقة الكهربية أفضل من ذي قبل بفارق بسيط، لكنه يعكس أزمة مستمرة إذا أمكن تحسينها قليلاً، فإن الأمر يستحق أن تقام له الأفراح والليالي الملاح. هجرة ومغامرة، من لم تسعفه أيام ما قبل إغلاق معبر رفح من ركوبها، يهاجر نفسياً وذهنياً، وينتظر لحظة الفرح. 
مصالحة متعطلة يتخللها صراعات، واشتباكات لم تعد متوقفة على التصريحات الكلامية وبلغة تتجاوز حدود آداب التعامل بين أبناء الشعب الواحد، ما يخلق حالة من الاحباط واليأس وفقدان الأمل والاستسلام للقدرية. 
كل هذا وأكثر منه، يعطل عملية إعادة الإعمار، بسبب آلياتها المعقدة والمفخخة، التي تتحكم بها إسرائيل، فلا إعادة إعمار للبيوت والبنى التحتية، ولا عملية إعادة إعمار للنفوس، والثقافة والسياسة والعلاقات الوطنية. القائمة لم تغلق بعد، فثمة معانيات وهموم أخرى اجتماعية واقتصادية ومعيشية أخرى، لا مجال للحديث عنها، تطرح على السياسيين سؤالاً بسيطاً، لكنه ينطوي على تبعات وتداعيات خطيرة. 
ماذا عن دعوات السياسيين للناس بأن يستمروا في الصمود على هذه الأرض وإبداء المزيد من الاستعداد للتضحية في سبيلها، فيما هم يساهمون في تقويض كل وأبسط عوامل الصمود وكيف يمكن صياغة مفهوم الوطنية في ضوء ذلك.
لا بد أن القارئ قد ملّ من سماع معزوفة الحديث عن قائمة الأزمات التي نكتفي بالمرور عليها فقط من خلال العناوين، ولكن ثمة ما يمكن إضافته لتحقيق التشويق. 
قطاع غزة يعاني فوق كل ذلك، من ما يشبه الظاهرة، التي تزداد وضوحاً في طبيعتها، عبر المزيد من الأحداث الدرامية السخيفة، إذا استمر الحال على ما هو عليه، والأرجح أنه سيستمر لأشهر قادمة إن لم يكن لفترة تتجاوز الأشهر.
قبل الحرب الأخيرة المدمرة على قطاع غزة، كان المركز الثقافي الفرنسي في مدينة غزة، قد تعرض لتفجيرين، جاءا بعد حفلة أقامها المركز أثارت حفيظة القوى أو الجماعات، الظلامية، وسجلت القضية ضد مجهول، حتى لو كانت هناك تحقيقات ونتائج لم يعلم عنها الجمهور.
وبعد الحرب، اتخذ الخلاف حول المصالحة، وحكومة الوفاق الوطني، طابع الانفجار حين تعرضت منازل خمسة عشر فتحاوياً لتفجيرات، انتهت بمنع إحياء الذكرى العاشرة لرحيل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حتى في قاعة مغلقة.
أما أخيراً وليس آخراً، فقد تفاقم استخدام اسم داعش، التي لم يتبلور وجودها بعد، وهي ليست في غزة أكثر من أفراد ويتزايد عددهم، على أن صدر باسمها بيان تكفير وتهديد، ضمن قائمة أولية شملت ثمانية عشر شاباً وشابة من نشطاء الإنترنت. 
بعض هؤلاء خارج الوطن، ولكنني حين التقيت عدداً منهم، وأعرف عدداً آخر، لم ألاحظ فيهم شكلاً ومضموناً، ما يضفي عليهم الصفات التي أطلقها عليهم البيان. 
البيان رغم محدوديته، ومحدودية آثاره، إلاّ أنه ترك حالة من الرعب لدى الكثيرين، حيث أخذ الناس يتداولونه في البيوت وفي الشارع، ما يؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة على العلاقات الاجتماعية حيث سيفرض الأهل قيوداً لا معنى لها على بناتهم وأبنائهم. 
البيان سبقه بيان آخر تم توزيعه باليد في الجامعات يحثّ على ارتداء اللباس الشرعي، والحجاب، ويتوعد المخالفين.
حين تفكر في الأمر، تذهب مباشرة إلى مسألة التوظيف، أي توظيف اسم جماعة، تكفيرية متشددة تدخل بأساليب عملها وتفكيرها الرعب في مجتمع هو في الأساس محافظ، لكنه يضج بالتنوع الاجتماعي والثقافي والسياسي. والسؤال هل تترك غزة على هذا النحو لتجتاحها الفوضى الأمنية التي إن وقعت، فإنها ستفتح على صفحات دموية، حيث الكثيرون ينتظرون الأخذ بالثأر؟. الم يفكر هؤلاء في أن إسرائيل هي الطرف الأكثر قدرة على التوظيف السياسي، والعدواني، حيث ستأخذ من هذه الظاهرة ذريعة لتبرير عدواناتها على الشعب الفلسطيني، ولتبرير جرائمها ومجازرها، وربما معاودة العدوان خلال فترة قصيرة. 
ألم تتهم إسرائيل حماس بأنها داعش، وترفض المصالحة، بدعوى أن الرئيس محمود عباس يختار السلام مع من تصفهم بداعش، وليس مع إسرائيل؟ ليس هناك مستفيد من هذا التوظيف سوى إسرائيل، ولذلك فإننا ندعو العقلاء لإعادة النظر في مثل هذا التوظيف الفاشل والخطير. 
نعلم أن الحكومة لا تريد أن تحكم، بدعوى عدم القدرة، وان الحكم الفعلي على الأرض وهو حماس، لا تريد أن تمارس مهمة الحكم في ظل تعطل المصالحة، ومشكلة الرواتب، ولكن ما ذنب المواطن؟ المواطن يتمنى ويدعو إلى الصلاح، وإلى إنصاف الموظفين الذين يعملون في أقسى الظروف، ولكنه لا يملك القرار، حتى يدفع هو الثمن. 
والحال انه على حماس وأجهزتها الأمنية أن تتحمل مسؤوليتها في ضبط حالة الفلتان الأمني، إن لم يكن كحكم فعلى الأقل كفصيل وطني، إلى أن يخلق الله أمراً كان مفعولاً.
لماذا يقدم البعض لإسرائيل هذه الخدمة المجانية، التي لن تحل لا مشكلة مصالحة، ولا مشكلة رواتب، بل انها تعمق الأزمة الوطنية والعلاقات الوطنية فوق ما يعتريها من توتر، واضطراب؟ في مطلق الأحوال مطلوب من الفصائل الوطنية أن تتوقف أمام هذه الظاهرة الخطرة، وأن تقوم بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، بوضع حد لها ولكنْ مطلوب أيضاً من النخب والنشطاء أن يخوضوا المجابهة وأن لا يستسلموا للخوف، فذلك جزء من استحقاق الحفاظ على الهوية الوطنية التحررية. 
هؤلاء كلهم مسؤولون عن إعادة ترتيب الأولويات الوطنية على النحو السليم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل وحدها المستفيد من الفوضى الأمنية إسرائيل وحدها المستفيد من الفوضى الأمنية



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday