«حماس» تتصالح مع التاريخ
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

«حماس» تتصالح مع التاريخ..

 فلسطين اليوم -

«حماس» تتصالح مع التاريخ

بقلم :طلال عوكل

الحوار الذي بدأ بالقاهرة اول من امس، بين حركتي فتح وحماس وان كان من فعل الضرورة، المحكومة لحسابات اللحظة، الا انه ايضا ينطوي على ضرورات تاريخية من شأنها ان تُحدث تبديلا جذريا في المشهد السياسي والاجتماعي الفلسطيني.

غياب المعلومات عما يدور في الغرف المغلقة والاكتفاء باصدار بيان عام، يؤكد على جدية وايجابية الحوار، لا يجعلنا غير قادرين على التنبؤ بما ستؤول اليه هذه الحوارات التي تحظى باهتمام ودعم دولي وبمشاركة وضمانة مصرية جدية ومباشرة، ما يعزز الامل بامكانية وضع قطار المصالحة على سكته الصحيحة.

قد تكون دوافع الاطراف، كل الاطراف الفلسطينية والعربية والدولية المختلفة بشأن ضرورة تحقيق المصالحة، ولكن هذه العملية في سياقاتها التاريخية وفي جوهرها تشكل خطوة جذرية نحو تغيير الحالة الفلسطينية برمتها. الناس تنتظر التخلص من معانياتها الحياتية، وان تفتح المصالحة البوابات المغلقة امام الشباب وامام انطلاق عملية النهوض السياسي والمجتمعي كأساس لاعادة بناء الثقة والارتقاء لمستوى الطموحات الى الاهتمام بالقضية والمشروع الوطني.

لا شك ان هذه العملية تتسم بجملة من الصعوبات والتعقيدات وتحتاج الى زمن طويل نسبياً، ذلك ان الامر لا يتوقف على الاتفاق بين الطرفين او حتى الاتفاق من قبل الكل الوطني الذي سيلتئم بنهاية هذا الشهر وفي القاهرة ايضا.

المؤشرات والقراءات الموضوعية بالجاري من التطورات تشير الى انه سيكون بالامكان معالجة قضايا الخلاف والعقبات التي كانت سببا في فشل المحاولات السابقة. لكن الحوار سيظل قائما لفترة طويلة عند كل مرحلة من مراحل المصالحة ستنشأ الحاجة للعودة الى طاولة الحوار سواء عبر المؤسسات الوطنية او عبر الفصائل، ذلك ان هناك عدداً من الملفات التي تحتاج الى وقت، مثل موضوع الانتخابات ومنظمة التحرير ومن تفعيل المجلس التشريعي وربما ايضا الموضوع السياسي في صورة شاملة حسبما تفرضه الظروف.

في المرحلة الاولى لا بد ان ينتبه المسؤول السياسي بضرورة اتخاذ قرارات واجراءات سريعة وملموسة ذات تأثير على اوضاع الناس باستعادة الثقة بينه وبين الناس الذين دفعوا ثمن الانقسام.

في الحديث عن السياق التاريخي لعملية المصالحة، يخطئ الكثيرون حين يعتقدون ان الانقسام الفلسطيني ينشأ مع بداية مرحلة اوسلو، او انه نشأ في تموز ٢٠٠٧، او حتى انه وقع بفعل فلسطيني خالص.

الانقسام الفلسطيني موجود منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى عام ١٩٨٧، مع الاعلان عن تأسيس حركة حماس وظهور حركة الجهاد الاسلامي، كان تأسيس حركة حماس، يعبر عن مشروع آخر ذي ابعاد ورؤى واهداف مرتكزة الى العقيدة الاسلامية، ومناوئ وبديل للمشروع الوطني الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية التي تميزت بتعدديتها رغم الاختلافات السياسية، وفي احيان ليست قليلة كانت تلك الاختلافات حادة، لكنها لم تخرج عن اطار المنظمة كاطار وطني جامع.

رفضت الجبهة الشعبية، البرنامج المرحلي وشكلت جبهة الرفض ثم جبهة الانقاذ، لكنها بقيت تخوض نضالها من داخل اطر المنظمة، حماس سعت لأن تكون بديلا برنامجيا وتمثيليا لمنظمة التحرير، ولذلك فإنها شكلت قيادتها الخاصة خلال الانتفاضة، بموازاة القيادة الوطنية الموحدة التي عبرت عن منظمة التحرير، جاءت اتفاقية اوسلو لتعمق الخلاف الذي بدأ منذ مرحلة التأسيس، ثم تعمق الانقسام والخلاف مرة اخرى بعد الانسحاب الاسرائيلي من داخل قطاع غزة والذي وضع الحجر الاساس للانقسام الذي وقع في تموز ٢٠٠٧، من خلال انقلاب حماس على السلطة في قطاع غزة. عام ٢٠٠٦، قررت حماس ان تخوض معركة التمثيل، والشرعية، من داخل الاطار العام لاوسلو، وبدون ان تغير سياستها فخاضت الانتخابات التشريعية، وفازت باغلبية مقاعد التشريعي، لم تتغير الوجهة العامة لسياسة حركة حماس، وان تغيرت الظروف والادوات، واشكال خوض التناقض، الا ان عدم التعاطي الايجابي من قبل حركة فتح مع نتائج الانتخابات كان العقبة الاولى التي واجهتها الحركة.

احتدم الصراع داخليا وخارجيا، حيث لم تتوقف محاولات حركة حماس لان تترجم سيطرتها على قطاع غزة، بالحصول على شرعية عربية ودولية، او في ان تحظى بشرعية تمثيل الشعب الفلسطيني وان كان ذلك قد شوش على المنظمة والسلطة، التي ظلت ملتزمة بنهج المفاوضات والبحث عن فرص تحقيق سلام ينتهي بتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني، استنادا الى ما ينص عليه المشروع الوطني. كانت حماس تتطلع الى تحقيق مشروعها السياسي، انطلاقا من غزة، وكجزء من مشروع الاسلام السياسي في المنطقة وباعتبارها جزءاً اصيلا من جماعة الاخوان المسلمين. تلقى مشروع الاسلام السياسي، سلسلة من الضربات، التي جعلت امر تحقيقه حبيس الاقدار، وفشلت حماس في تحقيق ما ارادت منذ البداية، من ان تحظى بشرعية عربية ودولية، او ان تحظى بشرعية تمثيل الفلسطينيين رغم كل ما تعانيه منظمة التحرير الفلسطينية من ضعف وهشاشة وتراجع في الدور والمكانة.

هذه الظروف بالإضافة الى عدم تحقيق انجاز وطني من خلال المقاومة وسلاحها، في ظل الانقسام الفلسطيني، والممانعة العربية والدولية، نقول هذه الظروف دفعت حماس الى مراجعة ميثاقها الذي وضعته في موازاة وكبديل لميثاق منظمة التحرير فكان ان انتجت ما عرف بالوثيقة السياسية، الوثيقة السياسية التي اسست لعملية التغيير، تطلبت تغييراً في ادوات التحقيق، فكانت القيادة الجديدة التي بدأت نهجاً مختلفاً، يقوم على التصالح مع الحالة الوطنية وتغيير سبيل تحقيق اهداف الحركة من داخل المؤسسة الوطنية الفلسطينية، لم يعد ثمة مجال للمنافسة على التمثيل والشرعية، واصبح على الحركة ان تبحث عن افضل واقصر الطرق لتحقيق شراكة سياسية مع الجسم الوطني ومن داخله، الامر الذي يجعل المصالحة الجارية، مصالحة مع التاريخ بالنسبة لحماس، وجزءا من عملية إعادة إعمار وبناء كل الحالة الفلسطينية، الامر الذي يضفي على هذه المصالحة طابعاً تاريخيا في مآلاتها وتداعياتها المستقبلية.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» تتصالح مع التاريخ «حماس» تتصالح مع التاريخ



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday