رسالة من حافة المقبرة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

رسالة من حافة المقبرة

 فلسطين اليوم -

رسالة من حافة المقبرة

بقلم :طلال عوكل

لا يبالغ منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، السيد روبرت بيبر، حين يقول إن قطاع غزة قد أصبح الآن غير صالح للحياة، ما يستبق تقارير أممية سابقة أشارت في العام 2012 إلى أن القطاع لن يعود مكاناً صالحاً للحياة في العام 2020. 

منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا لم يبادر أي طرف لأخذ تحذيرات الأمم المتحدة بعين الاعتبار، والمقصود في اتجاه العمل من أجل تخفيف وطأة الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها سكان القطاع، وتكاد تشمل كل مجالات الحياة.

لا بل على العكس من ذلك فإن تلك الأزمات تندفع نحو المزيد من الشمول والعمق، إلى الحد الذي يجعل الناس عموماً على أطراف المقبرة الشرقية للمنطقة الشمالية من القطاع.

عند الحديث عن أن القطاع لم يعد مكاناً صالحاً للحياة، فإن المقصود بالحياة، يتجاوز الحق في التنفس وتناول الطعام، إلى ما يعرف بالحد الأدنى للحياة الكريمة. يمكن للإنسان أن يتحدّى العديد من الأزمات، وتظل حياته كريمة ولكن حين تشمل الأزمات كل جوانب الحياة، ومتطلباتها العصرية، فإن الحياة تعني في هذه الحالة، العودة إلى مجاهل القرون الوسطى، أو حياة القبائل الأفريقية التي لم تعرف مظاهر الحياة العصرية.

في زمن التكنولوجيا، تصبح الكهرباء، وخدمة الإنترنت، هي مصدر الحياة، فالناس في غزة مدمنون على التعامل مع خدمات الإنترنت التي يجدون فيها الوسيلة الوحيدة للتسلية، والمعرفة، والتواصل، والتنفيس عن همومهم. 

سيصبح الناس دون إنترنت وكهرباء تعطل كل شيء عاطلين عن الحياة، وليس فقط عن العمل، ما سينجم عنه، بشر مشوّهون، يتقاتل أحدهم مع نفسه حين لا يجد وسيجد دائماً من يتقاتل معه. 
غير أن الآثار المترتبة على انقطاع هذا الثنائي الخطير، تعني أن لا عمل للبنوك، والمؤسسات بمختلف أشكالها وأنواعها، ولا مبردات، أو أجهزة تلفزيون أو بث أو حتى الحد الأدنى من التواصل. 

المشكلة هي أن الناس لم يكونوا محتارين في الإجابة عن السؤال من المسؤول عن ذلك، وهو الاحتلال الإسرائيلي، ولكن الأمر بالنسبة لهم قد اختلف بعد الإجراءات التي بدأت تتخذها السلطة دون أن تلاحظ أن الناس الذين تدعي أنها لا تتقصدهم بالعقوبات هم الذين يتأثرون وليس حركة حماس. 

لا تفيد التبريرات في أن تنفي التهمة عن السلطة، وإجراءاتها، وإذا أراد المسؤول أن يستفيد من تقييم موضوعي، فإن الناس تفقد الثقة بالسلطة. 

الناس ليسوا بوارد التفكير في المسؤول عمّا آلت إليه الأمور في الساحة الفلسطينية وحتى لو أنهم اعترفوا بصريح العبارة، بمسؤولية حماس التأسيسية لهذه النكبة بسبب ما أقدمت عليه العام 2007، فإن هذا الاعتراف لا يفيد في شيء. هذا الاعتراف لا يؤدي إلى تعظيم شعبية الطرف الآخر بل سيؤدي إلى الكفر بكل السياسة وأركانها وفصائلها ومؤسساتها وشرعياتها. 

بعد ما مضى من إجراءات لم تحرك العناد القوي الذي يمنع استجابة حركة حماس لشروط الرئيس محمود عباس للمصالحة، والتي يتضح أنها فقط تؤثر سلبياً على حياة الناس إلى حد العدم كما يشير إلى ذلك ممثل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يصبح من الضروري التوقف لدراسة مدى جدوى هذه الطريقة في معالجة موضوع المصالحة. 

حماس لن تَسْلَم ويتوفر لديها البديل من خلال تفاهمات القاهرة، والناس لن تخرج إلى الشوارع لتعلن تمردها على الجهة التي تسيطر على القطاع ويفترض أن تتحمل المسؤولية عن معالجة أزماته جرياً وراء المثل الشعبي الذي يقول: «من يرد أن يصبح جمّالاً فعليه أن يرفع سقف بيته» والسؤال هو إذا ما كان على من يراهن على ذلك، أن يسأل أولاً عن برنامج ومشروع ودور حركة فتح أولاً ثم الفصائل الأخرى ثانياً.

لقد حان الوقت لأن تتلقّى السلطة، ومن جانب آخر حركة حماس الرسالة التي صدرت عن منسق الشؤون الإنسانية، بما يؤدي إلى تغيير كل هذه الأساليب، ونحو تحمُّل المسؤولية إزاء تعزيز صمود أهل غزة، حتى يكونوا مستعدين وقادرين على وأد مشروع دولة غزة الذي يدعي الجميع أنه يرفضه ويناهضه وما لم يتحرك الفلسطيني أولاً لإنقاذ غزة فإن أحداً في هذا العالم لن يترحم على مليوني فلسطيني لا ذنب لهم إلاّ لأن القدر جعلهم حُماة المشروع الوطني الفلسطيني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة من حافة المقبرة رسالة من حافة المقبرة



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday