الوحدة هي بطل الانتصار
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

الوحدة هي بطل الانتصار

 فلسطين اليوم -

الوحدة هي بطل الانتصار

بقلم :طلال عوكل

في زمن الهزائم والمؤامرات الكبرى، زمن الخذلان، والبحث عن سلامة الرأس ينتصر الفلسطيني. ينتصر الفلسطيني في زمن الصراعات الدامية التي تهدد الأوطان، زمن دفع القضية الفلسطينية عن رأس سُلَّم الأولويات العربية والإسلامية، لصالح أولويات وأجندات أخرى في هذا الزمان ينتصر الفلسطيني. ينتصر الفلسطيني في زمن الشعور بالوحدانية، وما يشبه العزلة، وينتصر بدون استخدام المدافع والمفرقعات، والعنف، وكل أنواع القتل الجماعي والفردي. وتنتصر القدس رغم استمرار الانقسام الإجرامي، الذي يستنفد قوة الشعب والقضية. والسؤال هو هل القدس هي التي انتصرت أم أنه الأقصى، بما يعبّر عنه من مكانة مقدسة لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، أم أن الفلسطيني هو الذي انتصر؟ وهل هو الفلسطيني الذي حقق الانتصار وألحق بدولة الاحتلال هزيمة منكرة أم أن الاحتلال هزم نفسه؟

لا بدّ من البحث عن أسباب الانتصار، وأسباب هزيمة الاحتلال في هذه المعركة، التي لا تزيد على كونها حلقة في سلسلة معارك، تتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبالقدس كواحدة من أهم تلك الحقوق. البحث ضروري، بعيداً عن العنجهية، ودوران الرأس بسبب نشوة الانتصار، وحتى يمكن استخراج الدروس والعبر، لا لتركها في الأدراج وإنما لكي تحدث التغيير الإيجابي الضروري لتحقيق المزيد من الإنجازات والانتصارات.

يمكن لكل طرف، فصيلاً كان أو سلطة أو شخصاً، أن يدعي بأنه صاحب هذا الانتصار، أو انه كان العامل الحاسم في تحقيقه فهذا جدل تعوّدناه، وتعوّدت عليه شعوب أخرى فالهزائم لا آباء لها أم الانتصارات فإن معارك تدور من أجل الاستحواذ على نسبها. فليفرح كل على طريقته، وليصنع كل لنفسه البطولات، غير أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن وحدة الكل الفلسطيني هي العامل الحاسم في تحقيق الانتصار.

بالتأكيد ثمة فوارق نسبية بين أدوار الأطراف التي ساهمت في تحقيق الانتصار، لكن الحقيقة هي أن كل الأطراف ساهمت في تحقيقه حتى إذا اتخذ بعضها سبيل الإعلان عن الموقف فقط ولكن امتنع عن استخدام وسائل يمتلكها وكان يمكن أن تشكل عامل تخريب في المشهد.

ومثل ذلك من يمتنع، وهو قادر على الفعل، عن تقديم الذرائع للاحتلال، الذي أصيبت قوته بالشلل في مواجهة الصدور العارية، والحناجر المنتفخة وهي تصدح باسم الله.

القدس، كانت دائماً هناك، وكان الأقصى هناك، أيضاً، وكانت كنيسة القيامة، والأسوار التاريخية، والمحال التجارية القديمة في أزقة تحفظ عن قلب دروس التاريخ ولكن العرب والمسلمين لم يتحركوا للحفاظ على معالمها. والقدس كانت دائماً موجودة ودائماً كانت تتعرض للتهويد، وللأطماع الإسرائيلية، التي اعتبرتها العاصمة الأبدية الموحدة لدولة الاحتلال، ولكنْ لا العرب ولا المسلمون، قدموا لأهلها الدعم الذي يمكنهم من الصمود ومواجهة مخططات الاحتلال.

في كل قمة عربية، يجري الحديث كثيراً في البيانات الرسمية عن القدس ومكانتها، ويجري تخصيص مئات ملايين الدولارات لدعمها لكن ما يصلها لا يزيد على تكاليف يخت يملكه أحد الأمراء والمشايخ. المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين هو صاحب هذا اللقب عند المسلمين والمتأسلمين وعند العرب والأعراب، لكن مكانته وصفاته لم تشفع له عند هؤلاء حين تعرّض للحفريات والبحث عن هيكل مزعوم، وحين تعرّض لانتهاكات واقتحامات يومية من قبل غلاة المتطرفين اليهود.

إذاً، هي ليست الأماكن على جلالها، وهيبتها، ومعانيها التاريخية وإنما هو إنسان القدس، والإنسان الفلسطيني الذي هو صاحب المحراب وحارسه، والذي منه يستمد هويته، هو الإنسان الذي يجعل الفلسطيني المسيحي، يصلي على طريقته بين المصلين من المسلمين، وهو المسيحي الذي يغلق الكنيسة لينضم إلى المصلين في العراء، وهو، أيضاً، الذي يبدي استعداده لرفع الأذان من الكنيسة حين منع الإسرائيلي رفعه من الأقصى.

هل رأيتم الشباب المقدسي، مفتولي العضلات، أصحاب السراويل الساحلة، وقصّات الشعر الغريبة، وهم يصلون في الصف الأول ما يعبر عن وعيهم لدورهم في حماية الوطن والشعب؟ هل رأيتم شيوخنا الأجلاء، وهم يديرون المعركة بكل حكمة وحزم، ويحددون البوصلة التي يقتدي بها الكل الفلسطيني، سياسيين وفصائل ومؤسسات وأفرادا؟ إنه الفلسطيني الذي يستحق من قياداته كل الاحترام والتقدير والرعاية والمساعدة، ويحظى بوعي وطني من المفروض أن يحصّنه من الملاحقة والقمع. إذاً، هي وحدة الشعب والفصائل والقيادة والسلطة، هي التي اجتمعت على موقف واحد، التي تستحق أن تكون بطل الانتصار. إذا كان الأمر كذلك، فإن من يتخاذل إزاء دوره في إعادة توحيد الوطن والوطنيين الفلسطينيين، ينبغي أن يعيد التفكير بما يفعل. ان من يرد تحقيق الإنجازات يعرف الطريق، وهو طريق جرّبناه في معركة القدس، خاصة وأن الطريق أمام الفلسطينيين لا يزال مليئاً بالمعارك، وما من ضمانة أن يتكرر درس الوحدة في كل معركة طالما بقي الحال على حاله، وربما تتزايد العقبات أمام إمكانية استعادة الوحدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوحدة هي بطل الانتصار الوحدة هي بطل الانتصار



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday