عيد هذا أم مأتم
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

عيد هذا أم مأتم؟

 فلسطين اليوم -

عيد هذا أم مأتم

بقلم : طلال عوكل

الناس عموماً في قطاع غزة، لا يظهرون ارتياحاً لقدوم عيد الأضحى، بسبب الحالة النفسية المتدهورة، الناشئة عن سوء الأحوال المعيشية، فضلاً عن ضيق ذات اليد بالنسبة للكثيرين. الأسواق مليئة بشتّى أنواع البضائع من الملابس إلى الحلويات بأشكالها ومذاقاتها المختلفة، وهي أيضاً مليئة بالزوار، الذين لا يجدون أفضل من الأسواق لقضاء الوقت. 

الشوارع تضجّ بالحركة، ولكنك بالكاد تجد من يحمل بيده ملابس، أو ألعابا للأطفال، أو مشتريات العيد. 

كل المؤشرات تقول إن عدد الأضاحي هذا العام، أقل بكثير مما اعتاد سوق غزة استهلاكه، والأرجح أن معظم المتوفر من الأضاحي يعود إلى بعض المؤسسات الاجتماعية الممولة. 
الكل مفلس فالتجار يفتحون أبواب محلاتهم بحكم العادة وبأمل الحصول على القليل من المردود المادي، فلقد أنهكتهم الضرائب وأنهكهم الحصار الذي يفرض على بضائعهم رسوماً عالية فضلاً عن أجور النقل. 

والأساس هو تدني القدرة الشرائية لدى السكان بشكل عام فكل فئات المجتمع التي تعتمد على الرواتب تعاني منذ فترة.

من يحصلون على الرواتب هم إما موظفو السلطة، وهؤلاء تراجع دخلهم الشهري بسبب الخصومات التي قد تصل إلى سبعين في المئة من الراتب، الذي لم تحصل عليه أي زيادات منذ الانقلاب العام 2007. 

الكثير من هؤلاء ترهقهم القروض، حتى أن بعضهم لا يحصل في الشهر على أكثر من مئة شيكل، وبعضهم قد لا يحصل عليها. 

موظفو حركة حماس وهم أيضاً عشرات الآلاف لا يحصلون إلاّ على أربعين في المئة من الرواتب، وفي كثير من الأحيان يحصلون على ما يتبقى من الراتب بعد ثلاثة أو أربعة أشهر من استحقاق الحصول عليه. 

الفئة الثالثة وهي أيضاً نحو أحد عشر ألف موظف وعامل، ومدرس يحصلون على رواتبهم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وقد وقعت عليهم خصومات طارئة لم يكونوا يتوقعونها، فضلاً عن أن بعضهم قد تم فصله من العمل، والبقية تخشى أن تواجه المصير ذاته خلال سنوات قليلة قادمة. 

الفئة الرابعة هم الموظفون في منظمات المجتمع المدني وبعض الوكالات والمؤسسات الدولية، وهؤلاء أعدادهم لا تتجاوز آلافاً قليلة. 

منظمات المجتمع المدني هي الأخرى تتعرض لتراجع التمويل، وضعف الإمكانيات المادية، وبعضها قد أغلق أبوابه بسبب انعدام التمويل. 

وهؤلاء جميعاً، وكل من يحصل على دخل ثابت سواء من العاملين في السلطة، أو في غيرها من المؤسسات، يتعرضون إلى ضغوط اجتماعية بسبب كثرة الفقراء وعديمي الدخل من الأقارب والجيران والأصدقاء. 

ولأن عيد الأضحى وفق التقاليد والأعراف، هو عيد ذبح الأضاحي وتقديم العيدية للأطفال والأرحام، فإن الكثير من الناس يصابون بحرجٍ شديد حتى أمام أطفالهم، ولذلك فإنهم لا يرحبون ويعتبرون العيد ورطة، تضاعف وتلخص في الوقت ذاته معانياتهم خصوصاً أنه يحل هذا العام بالتزامن مع بدء العام الدراسي بما ينطوي عليه ذلك من تكاليف.

الجواب من الذين يرحبون بالعيد، لأنهم لا يعانون ما يعانيه المعدمون من الناس، ومن القيادات السياسية، وأصحاب الشعارات العالية، الجواب يأتي من قبل الكل، اصمدوا، فنحن شعب لا ينحني للعدو، ولا للفقر، ولا لنائبات الزمان.

ما لا يقوله هؤلاء الناس، هو أنهم مجرد حطب للنار المتقدة في الصراع مع الاحتلال، وفي الصراع من أجل السلطات، ولإدامة الانقسام ما لم يأت بحسابات متطابقة مع حسابات أهل الأمر والنهي. 

اصمدوا، ولا تستمعوا لكل الدعوات والمبادرات التي تحاول أن تقدم لكم سمّ السياسة في دسم الإنسانية.

يعلم الناس، كل الناس، الفقراء منهم ومن لا يشتكون الفقر، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تحاولان تسويق صفقة القرن من باب الأزمة الإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع. 

ويعلم الناس أن الحوارات أو المفاوضات الجارية من أجل تحقيق تهدئة أو هدنة مع الاحتلال، إنما تستهدف تمرير السم في الدسم، وعزل قطاع غزة، ونحو تأهيله ليكون الكيان الفلسطيني. 

يعلم الناس كل هذا وأكثر، ولكن من ذا الذي يقدم لهم حلولاً كريمة لأزماتهم المعيشية؟ لقد انتظر الناس نحو اثني عشر عاماً منذ الانقلاب حتى تتحقق المصالحة الفلسطينية، التي تشكل العنوان الوطني الأكيد لمعالجة الهموم الوطنية والشخصية، ولكن هذا الفارس الذي يركب الحصان الأبيض لم يأت، ويبدو أن هذا الفارس لا يزال يضل الطريق.

والسؤال: إلى متى ينتظر الناس وماذا ينتظرون؟ لذلك فإن الناس مستعدون للتعاطي مع الفرصة المتاحة، التي تسمى التهدئة، لتخفيف وطأة الحصار والمعاناة، وطالما أنها لا تنطوي على تكلفة سياسية، أما إن كان ثمة من يعتقد أن التكلفة السياسية هي بحجم التعاطي مع صفقة القرن، فإن الشعب دائماً كان أسبق من قيادته في الدفاع عن حقوقه الوطنية، وأكثر استعداداً للتضحية من أجلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد هذا أم مأتم عيد هذا أم مأتم



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday