صراع علاقات القوة في الغربال
آخر تحديث GMT 11:03:36
 فلسطين اليوم -

صراع علاقات القوة في الغربال

 فلسطين اليوم -

صراع علاقات القوة في الغربال

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

من المبكر الوقوف على النتائج الحقيقية، التي يتسبب بها فيروس «كورونا»، التي تضفي أبعاداً جديدة كارثية، على الاقتصاد العالمي، والعلاقات بين الدول. إذا كانت اقتصادات الدول الضعيفة، ومتوسطة التطور، ستشهد انهيارات كبيرة، فإن «كورونا» لن تترك حجراً على حجر حتى بالنسبة للدول ذات الاقتصادات المتطورة والقوية.

«كورونا» تمثل الغربال ذا الفتحات الواسعة، لكن عملية الغربلة لا تعني أن من يسقط من الغربال قد فقد تماماً صلاحية الوجود، وإنما يعني أن نوعية الوجود ستكون بمواصفات متدنية. كما أن من يبقى صامداً، على سطح الغربال، لا يعني أنه في حال أفضل مما هو عليه قبل الغربلة، فالأرض كلها تحولت إلى قرية كونية صغيرة، تتداخل فيها العناصر بشدة، فالقوي قد استمد بعضاً من قوته من الضعيف، والضعيف يستمد الكثير من عناصر بقائه اعتماداً على ما يملكه القوي من عناصر الثروة، وأشكال السيطرة.

كانت الأزمة الاقتصادية التي ضربت المجتمعات الرأسمالية في العام 2008، مجرد زلزال أولي، تجاوز مفاعيله لا يعني، سوى الاستعداد لزلزال أقوى قد أدى وقوعها في مراحل سابقة إلى اندلاع حروب كونية، وصراعات دامية اختفت معها دول، وانقسمت أخرى، وحرب البلقان شاهدة على ذلك.

العالم اليوم يتعرض لحرب عالمية باردة، حتى من دون احتساب ما يجري منذ عقد من الزمان في منطقة الشرق الأوسط. وان كان ما يجري في هذه المنطقة، يشكل حلقة مهمة من حلقات تلك الحرب. عنوان الحرب الباردة، السباق القوي بين الولايات المتحدة والصين على المركز الأول في الاقتصاد العالمي، وانعكاسات ذلك على النظام الدولي، وعلاقات القوة بين الدول المتقدمة، وبين هذه والدول ضعيفة ومتوسطة التطور، وآليات السيطرة على الثروة.

الخلافات تتسع، حول التجارة والتكنولوجيا مع ارتفاع نسب التطور في الصين، وتمدد العلاقات التجارية الصينية، وغزوها للأسواق العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى الحد الذي يدفع الإدارة الأميركية للتعبير عن ضيقها وعدم رضاها عن مستوى العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين وإسرائيل، ومطالبة الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن ذلك.

وتمتد الخلافات بين البلدين، لتشمل طريقة التعامل مع «كورونا»، ما أدى إلى انسحاب أميركا من منظمة الصحة العالمية التي تتهمها بالتواطؤ مع الصين، وتشمل اتهامات اميركية للصين لشن حملات قمعية في هونغ كونغ، وتعترض بقوة على مطالبات الصين الاقليمية في بحر الصين الجنوبي، من المؤكد أن الولايات المتحدة، تنظر بعدائية شديدة للاتفاق الاستراتيجي بين الصين وإيران، وكلاهما يخضعان لعقوبات أميركية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إفراغ السياسة الأميركية من مضامينها، وبالتالي إفشالها جزئياً على الأقل. وفي حين تحث الصين الولايات المتحدة على الابتعاد عبثاً عن عقلية الحرب الباردة، الأمر الذي ينطوي على اتهام الإدارة الأميركية بشن مثل هذه الحرب، فإن ترامب يهاتف الرئيس الروسي بوتين ليعبر عن أمله في تفادي نشوب سباق تسلح بين أميركا وروسيا والصين.

في الواقع فإن السباق على أشده، وليس عنوانه الوحيد سباق التسلح، وإنما الحروب التجارية والتكنولوجية، والسيطرة على أعالي البحار، ومراكز الثروة على الأرض، بعد كل ما أقدم عليه ترامب من إجراءات استفزازية حتى لحلفاء أميركا من الدول الرأسمالية، انطلاقاً من ذاتية مفرطة لبلاده على حساب كل سكان الأرض، يعود للبحث عبثاً عن حلفاء لردع الصين، ولكن من دون أن يغادر عقلية التفوق الأميركي، ومن دون تقديم تنازلات للحلفاء.

وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يعلن صراحة أنه يجب على الأمم الحرة في العالم دفع الصين إلى التغيير بطرق أكثر إبداعاً وحزماً، ويدعو روسيا للانضمام إلى التحالف ضد بكين. الرفض الروسي لدعوة بومبيو، كان متوقعاً، ذلك أن الصين شريك مهم، وأن روسيا لا تتحالف ضد دولة ما، كما جاء في الرد الرسمي الروسي.

إذا كانت الخارجية الأميركية توجهت إلى روسيا في اطار حشد القوى الكبرى للانخراط في حربها الباردة ضد الصين فهي بالتأكيد تكون توجهت بالدعوة ذاتها إلى الاتحاد الأوروبي واليابان والهند وكندا والبرازيل، باعتبارها الدول الأكبر من حيث حجم الناتج القومي السنوي.

هل تنجح الولايات المتحدة في مسعاها، أم ان المسألة تتجاوز الكلام، وتتطلب تراجعاً أميركياً عن سياساتها وأن تكون مستعدة لدفع الثمن؟ في الواقع فإن ترتيب الدول من حيث الناتج السنوي المحلي يضع الولايات المتحدة في المقدمة بـ 20,5 تريليون دولار، تليها الصين بـ 13,6 تريليون وهي تتقدم بخطى حثيثة وسريعة نحو تبوُّء المركز الأول بعد سنوات.

التوتر الأميركي آخذ في التصاعد، بعد أن أقدمت الولايات المتحدة وبطريقة غير دبلوماسية على إغلاق القنصلية الصينية في مدينة هيوستن بدعوى أنها وكر للتجسس وسرقة الملكية الفكرية.
الصين لم تتأخر في الرد بخطوة مماثلة حيث أغلقت القنصلية الأميركية في تشنغدو. مظاهر هذه الحرب الباردة متوفرة في أكثر من مكان والأمر لا يقتصر على السباق بين الصين والولايات المتحدة، وإنما يشمل روسيا والاتحاد الأوروبي، ودولاً أخرى من بينها إسرائيل، وتتجه المؤشرات على أرض الواقع نحو انفجار العديد من مناطق التوتر وربما تتخذ طابع الحروب الجزئية بين الأطراف، وحروب بالوكالة، العرب أوّل ضحاياها.

قد يهمك أيضا : 

  مــن أصــغــر الشـرر

  موسم تصدير الأزمات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع علاقات القوة في الغربال صراع علاقات القوة في الغربال



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday