موسم تصدير الأزمات
أخر الأخبار

موسم تصدير الأزمات

 فلسطين اليوم -

موسم تصدير الأزمات

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

إن كان بنيامين نتنياهو، قد نجح في إنقاذ نفسه، أو انه اعتقد ذلك، حين أبرم اتفاقه مع بيني غانتس، وضمن وجوده على رأس الحكومة لسنة ونصف السنة في حال استقرارها، فإنه لا يزال يشعر بالتهديد، ويبحث عن طريقة جديدة.

منذ تشكيل الحكومة، لم يستقر حالها، وبقيت عرضة للانهيار أو الشلل، بسبب الخلافات على موضوع الضمّ، والموازنة، وطريقة إدارة البلاد في ظل جائحة «كورونا»، فيما فتح القضاء أبوابه أمام القضاة لمواصلة جلسات المحاكمة.

فوق هذا وذاك، يجد نتنياهو نفسه، أمام اندلاع التظاهرات والاحتجاجات على نحو مكثف ومتقارب، تطالب باستقالته من الحكومة. صحيح أن مئات الآلاف لم يخرجوا بعد إلى الشارع، ولكنها كرة الثلج، ذلك أن القائمين عليها (أصحاب الرايات السوداء)، يملكون من الإصرار، ما سيؤدي إلى انضمام فئات أخرى. كومة من القضايا والأزمات التي تعصف بالحكومة ورئيسها، تدفع المحتجين لمواصلة احتجاجاتهم رغم شدة الحر، والقيود التي تفرضها الجائحة، لكن الأحزاب السياسية، وما تسمى قوى اليسار أو الوسط، لم تقرر بعد الانضمام العلني للمحتجين.

غير أن هذا الركود في مواقف الأحزاب من الجاري، يتخذ طابعاً مؤقتاً في انتظار تطورات مهمة توفر لها الذرائع. صحيح أن استطلاعات الرأي لا تزال تعطي الأفضلية لحزب «الليكود»، لكن الأغلبية غير راضية عن أداء رئيس الحكومة الأمر الذي يوجه رسالة للداخل «الليكودي».

الاستطلاعات تشير إلى أن عدم الرضا عن أداء رئيس الحكومة، يؤثر سلباً على شعبية ومكانة الحزب الذي يترأسه أي «الليكود»، فلقد تراجعت حصته في حال جرت الانتخابات، اليوم، إلى واحد وثلاثين مقعداً.

الوقت يمر ولم يبق منه إلاّ القليل، قبل أن تنتخب أميركا رئيسها الجديد، وتطوي صفحة «بابا نويل» الذي لم يسبق لرئيس أميركي إن كان أشدّ إخلاصاً وأكثر كرماً مع إسرائيل.
كان نتنياهو يتوقع بأن يحقق حلمه الصهيوني، بسرقة ثلاثين في المئة من الضفة الغربية بعد القدس، لو أن «بابا نويل» الأميركي منحه الضوء الأخضر والحال أن الفرصة لم تنته بعد، ذلك أن ترامب قد يمنح قرينه الإسرائيلي الضوء الأخضر، إن شعر باليأس من إمكانية فوزه في الانتخابات المقبلة. لإرباك خلفه، والإدارة الجديدة، في الانتظار، يبحث نتنياهو عن طريقة لإخماد الاحتجاجات الشعبية، وإضعاف المعارضة داخل الحكومة وخارجها، وإرغام القضاء على تأجيل محاكمته.

في مثل هذه الظروف والأزمات، تشير التجربة الى أن الحكومة تستدعي خطراً قومياً والحديث كثير هذه الأيام، عن التهديد الوجودي الذي تمثله إيران وأذرعها وحلفاؤها في المحيط القريب.

الإعلام الإسرائيلي لا يتوقف عن ضخ المعلومات والتصريحات والممارسات التي تستهدف تعبئة الجمهور في محاولة لحرف الأنظار عن فشل الحكومة ورئيسها.
لقد اختفى ملف الضمّ، الذي شغل لفترة ليست طويلة كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، فالتذكير به، يعني التذكير بفشل رئيس الحكومة. في الواقع فإن رفع مستوى التهديد الإيراني، إلى مستوى التهديد الوجودي القومي، ينطوي على أهداف أخرى، عدا أهداف نتنياهو الشخصية، فمثل هذا التهديد، من شأنه أن يقرب دول الخليج من إسرائيل على خلفية التهديد المشترك الذي تمثله إيران.

ثمة من يرقص طرباً من العرب بسبب تكثيف إسرائيل ضرباتها للوجود الإيراني، بما في ذلك في إيران نفسها عدا سورية والعراق.
لا يكاد يمر يوم إلاّ وتشنّ الطائرات الإسرائيلية غارة على هدف عسكري لإيران أو «حزب الله»، فيما يبدو أن إسرائيل تسعى لاستدراج إيران أو حلفائها لرد يضفي مصداقية على خطاب التهديد الوجودي ويرفع درجة حرارة المنطقة.

تدرك إسرائيل الضائقة الشديدة التي تعاني منها إيران، بسبب شدة العقوبات الأميركية، وأيضاً الأزمة العميقة التي يمر بها لبنان، وما ينطوي عليه ذلك من حساسية إزاء حسابات «حزب الله».

في آخر الاستفزازات الإسرائيلية، قامت القوات الإسرائيلية بإلقاء قنابل دخانية على منطقة كفار شوبا جنوب لبنان. إسرائيل لا ترغب في أن تخوض حرباً ضد إيران، ولكنها تمارس حرب استنزاف، لإحراج إيران وحلفائها، من ناحية، وتحقيق أهداف سياسية، فضلاً عن الدوافع الذاتية لرئيس الحكومة الإسرائيلية.

في الأهداف السياسية لا يتعلق الأمر، بتسريع عملية التطبيع مع بعض الدول العربية، خصوصاً الخليجية، وإنما إشغال العرب واستنزاف إمكانياتهم في صراعات وحروب وأزمات، وتعميق الخلافات بينهم كما يحصل في سورية وليبيا في هذه الفترة.

إنها سياسة الفوضى الخلّاقة، التي لا تزال سارية، في المنطقة بأكملها، تمهيداً لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، عبر تفتيت الكيانات الوطنية، وزرع كل أنواع الأعشاب السامة، التي تحول دون أن يعثر العرب على طريق الوحدة والتنمية والتطور.

وفي المقابل، فإن المشروع الإيراني ينطوي على أبعاد استراتيجية إزاء المنطقة، ولذلك من المستبعد أن تقع إيران أو حلفاؤها في فخ الاستدراج الإسرائيلي، ويتخذ ردها أبعاداً استراتيجية تعتمد الصمود حتى لو كان مريراً، والبحث عن تحالفات واتفاقيات قد لا تبدو منطقية إذا كانت قاعدة التقييم، البعد الإسلامي، الذي لم يعد موجوداً في سياسات المصالح لا عند إيران ولا عند غيرها من الدول الإسلامية.

إيران بعد خيبة أملها من الاتحاد الأوروبي الذي عجز عن مساعدتها على تخفيف العقوبات الأميركية وحماية الاتفاق بشأن برنامجها النووي وفي ضوء تأرجح علاقاتها مع روسيا وتضارب مصالح الدولتين في سورية، تختار أن تبرم اتفاقاً استراتيجياً مع الصين. الاتفاق ينطوي على مصلحة للدولتين، فكلاهما تتعرض، كل لأسباب، لعقوبات أميركية وكل مع فارق، لديه تطلعات إقليمية أو دولية في عالم متقلب يتجه نحو نظام عالمي جديد ومختلف.

مثل هذا الخيار مربك ومستفز ليس لإسرائيل فقط، وإنما للولايات المتحدة، وأوروبا وروسيا، وبطبيعة الحال للدول العربية المعادية لإيران. تفتح إيران خياراتها من دون كوابح، ويغلق العرب على خيارات التعامل مع الولايات المتحدة، دون إدراك للمخاطر التي تنتظرهم.

والأكيد أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ستقرر، الكثير من الملفات، والسياسات ومواقف دول المنطقة، والثابت أن المنطقة كلها لا تزال خاضعة لحسابات بعيدة المدى، من المبكر توقع خواتيمها.

قد يهمك ايضا :  

عمار يا فلسطين

العنصرية تفضح كلمة الديمقراطية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم تصدير الأزمات موسم تصدير الأزمات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 07:07 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء إيجابية ومهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:12 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يغنى للمارة في كندا عام 2007 قبل الشهرة

GMT 23:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السورى يستعيد قرية جب عوض وتلة الشيخ محمد

GMT 22:47 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الأحمد سعيد بحصوله على جائزة عمر الشريف

GMT 17:08 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

كاظم الساهر يؤكد لمن يشوهون صورته سعيه لخدمة وطنه

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday