حين يدرك العرب مصالحهم
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

حين يدرك العرب مصالحهم

 فلسطين اليوم -

حين يدرك العرب مصالحهم

بقلم - طلال عوكل

القمة العربية التي تنعقد في عمّان في التاسع عشر من هذا الشهر هي السابعة منذ اندلاع ثورة الياسمين في تونس نهاية العام 2010، بدت فيها نتائج تلك القمم من حيث الجديد والفعالية، أقل أهمية من منظمة حقوق إنسان.

القرارات والبيانات التي صدرت عن تلك القمم، لم تحظ بأي قدر من مصداقية الالتزام بالتنفيذ، أو بتوحيد الرؤى والمواقف، وكالعادة كثير من الكلام وقليل من الفعل. لم تنتصر القمم العربية الست السابقة، للكرامة العربية، ولم تنتصر لأي من الدول العربية التي تعرضت لتسونامي الاضطراب الكبير الذي يجتاح المنطقة.

بعض هذه الدول، لعبت دوراً سلبياً مباشراً في تغذية الصراعات الداخلية، من كل نوع، وقدمت خدمات جليلة لكل الأطراف الخارجية التي تلعب في مصير المنطقة لصالح مخططات جهنمية تستهدف فرض سايكس بيكو جديدة على المنطقة.

تعكس تلك السياسات فقراً في وعي أبعاد تلك المخططات التقسيمية، فلقد تصرفت بعض الأنظمة انطلاقاً من قناعة مريضة، على أنها محصّنة وبعيدة عن رياح التغيير وأن علاقاتها الحميمة مع الولايات المتحدة، ستجعلها بمنأى عن أن تكون جزءاً من مخططات التقسيم والصراع.

القضية الفلسطينية حظيت خلال القمم الست، ببيانات وقرارات مكرورة، يجري سحبها من الأدراج، غير أن السلوك السياسي بين هذه القمة وتلك لم يعكس اهتماماً معقولاً تجاه هذه القضية، التي تتعرض لمخاطر لا قبل للفلسطينيين وحدهم على مجابهتها.

وفق أولويات هذا النظام أو ذاك، تراجعت القضية الفلسطينية، وترك أهلها وحدهم في مجابهة مخططات إسرائيلية، استيطانية توسعية، تعمل على نسف الحد الأدنى من الحقوق الوطنية التي يسعى الفلسطينيون لتحقيقها.

وفق أولويات بعض الدول الفاعلة في السياسة العربية، ذهب البعض نحو الاستقواء بإسرائيل في مواجهة الخطر الإيراني، وأصبح هذا الخطر هو المحدد الأساس لبناء التحالفات، والتعاون، من دون أن ينجح كل ذلك في حماية تلك الدول، أو إبعادها عن استهدافات الجماعات الإرهابية.

عشر سنوات على الانقسام الفلسطيني الخطير، وعشر قمم عربية، لم تفلح في مساعدة الفلسطينيين على إنهاء هذا الانقسام، بل ان عديد الدول العربية أوغلت في لعبة الاستقطاب، وتحريض الطرفين على بعضهما البعض، ظناً منها أنها بهذه الطريقة، يمكن أن تعزز حضورها ودورها السياسي.

وخلال القمم الست، انشغلت الدول العربية في تأجيج التناقضات فيما بينها وأصبح بعضها معاوناً قوياً لهدم البيت العربي القطري والقومي لصالح أجندات تافهة، ثانوية، ولا تخدم في الأخير سوى التحالف الأميركي الإسرائيلي.

أمام قمة عمّان مهمة تاريخية، تفرض على الزعماء العرب أن لا يتخلفوا عن حضورها أولاً، وأن يراجع كل منهم، تجربة السنوات المنصرمة. لا داعي الى أن تكون جلسات القمة سرية ومغلقة، فإن فعلوا ذلك فإنهم يغلقونها على المواطن العربي، ذلك أن القوى المعادية لصالح الأمة العربية، تقف على كل المعلومات التي تحتاجها، فالقمة تكون مغلقة على المواطن ومفتوحة على غيره.

ليس عيباً ولا يشكل نقيصة الاعتراف بالخطأ والذنب، وإذا كان الاعتراف بالحق فضيلة، فإن الأفضل هو التراجع عن الخطأ، ليس على كل نظام عربي سوى أن يختار الاستقواء ببقية الأنظمة العربية، حتى يحمي نفسه أو يقلل الثمن الذي سيدفعه اليوم، أو غداً بسبب اشتعال النيران وتمددها على طول المنطقة وعرضها.

هذه المراجعة يجب أن تستند إلى قناعة أن النيران لن تترك دولة عربية واحدة، حتى لو بدا اليوم أنها محصنة، فمن يلعب بالنار تحترق أصابعه. أموال طائلة وإمكانيات هائلة أهدرها العرب على الصراعات والتدخلات البينية، والنتيجة المزيد من الانهيارات والمزيد من التفكك والضعف الذي يصيب الجميع دون استثناء. كانت هذه الأموال والإمكانيات ستساعد في معركة الدفاع عن مصالح شعوب المنطقة لو أنه تم توظيفها وفق سياسة تدرك طبيعة الجاري من الأحداث والصراعات.

الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، يبشر بأن هذه القمة مختلفة، فيتحدث عن مصالحات عربية، ما تبين منها حتى الآن، هو تقدم الوساطة لإجراء مصالحة بين السعودية ومصر، بالإضافة إلى الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس محمود عباس لمصر.

كان على العرب أن يتصالحوا داخلياً في بلدانهم، مع مجتمعاتهم ومع القوى السياسية والاجتماعية، التي ترفض الارهاب، وترفض العنف في معالجة التناقضات الداخلية، وأن تبادر إلى إجراء التغييرات الهيكلية والقانونية، التي تتناسب وتطلعات مجتمعاتها للعصرنة، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

بقاء الحال على حاله في الدول العربية، هو وصفة، لاستدعاء الاحتجاج والاضطراب والخطر، واقتراب النيران. لا يمكن القبول، أو الارتكان إلى أن وحدة مواقف الزعماء في القمة أو خارجها، يمكن أن يساعد العرب، إن كان ذلك سيكون على حساب مجتمعاتهم ودولهم، وعلى حساب وجود أنظمتهم وتماسكهم من الأساس.

حول القضية الفلسطينية يتحدث الأمين العام للجامعة العربية عن صياغة فلسطينية جديدة للحل أو الموقف لكنه لم يفصح عن طبيعة هذه الصياغة أو انه لم يتبلغ بها، مثلما هو حالنا نحن الفلسطينيين الذين يتابعون مجريات التحضير للقمة.

القضية الفلسطينية في هذه المرحلة في خطر شديد، في ضوء السياسات الأميركية، وفي ضوء استمرار اسرائيل بمخططاتها وفي ضوء استمرار الانقسام الفلسطيني. في التقييم السريع، والواثق، لا يبدو أن التحرك الأميركي الجديد، يحمل للفلسطينيين والعرب، ما يدعو للتفاؤل، لكننا نعرف أن لا الفلسطيني ولا العربي قادر أو راغب في تجاهل هذا التحرك.

إذ يصبح المطلوب من هذه القمة لا أن تسحب من أدراجها صياغات وبيانات وقرارات من الأدراج، وإنما صياغة قرارات تقف وراءها إرادة جماعية عربية قوية إزاء التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ورفض المخططات التوسعية الإسرائيلية. يحتاج الفلسطينيون إلى جهد وإرادة عربية صادقة، للضغط على طرفي الانقسام لإنهائه واستعادة الوحدة، بما يساعد على تقوية الجبهة الفلسطينية الداخلية في مواجهة التحديات القائمة والقادمة.

ويحتاج الفلسطيني إلى تنشيط الدور العربي على المستوى الدولي لنصرة القضية الفلسطينية، ومساعدة الفلسطينيين على تحقيق المزيد من الإنجازات. ويحتاج الفلسطيني، أيضاً، إلى الكف عن التدخلات السلبية وتوفير الإمكانيات المادية لحماية النظام الفلسطيني من الابتزاز والضغوط التي تُلوّح بها الولايات المتحدة لإخضاع الموقف الفلسطيني.

إذن، فإن المطلوب إرادة جماعية حقيقية، ومصداقية في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه واتخاذه من قرارات، ليس من باب دعم فلسطين فقط وإنما لأن ذلك يساعد في حماية العرب ومصالحهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يدرك العرب مصالحهم حين يدرك العرب مصالحهم



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday