قراءة في فنجان
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

قراءة في فنجان

 فلسطين اليوم -

قراءة في فنجان

بقلم :طلال عوكل

تَعَوَّدَ الزعماء العرب، على الامتناع عن وضع شعوبهم، أمام الحقائق بحيث أصبح ذلك من سمات النظام العربي الرسمي. كان يمكن للصحافيين أن يستغنوا عن خدمات المحلّلين السياسيين، لو أن الشفافية، جزء أصيل من وعي المسؤول، أو أن القانون والنظام يفرضان على المسؤول فرداً كان أم مؤسسة بأن يقدم للمواطن ما يملك من معلومات، خاصة ما يتعلق منها بمصير الشعب.

لماذا يخجل المسؤول العربي، من أن يصارح شعبه بما يواجه البلد من أزمات ومن تداعيات؟ هل يمكن اعتبار ذلك ناجما عن عدم ثقة بوعي المجتمع ونخبه، أم أنه دلالة على ثقة زائدة بالذات؟ الزيارة التي قام بها العاهل الأردني لرام الله يوم الاثنين الماضي، ولقاؤه بالرئيس محمود عباس، تنطوي على أبعاد تاريخية لارتباطها بلحظة تاريخية في حياة ومستقبل فلسطين والأردن، أشار إليها، الملك الأردني في تصريح مقتضب قبل الزيارة. صحيح أن هناك قضايا مهمة بالمعنى اللحظي، خصوصاً فيما يتعلق بملف القدس وبجريمة اغتيال مواطنين أردنيين من قبل ضابط أمن إسرائيلي، غير أن هذه القضايا، تؤشر إلى مخاطر كبيرة حين تصبح جزءاً من السياق العام لتطور الأحداث ومآلاتها.

في درس المسجد الأقصى، لا بدّ أن ثمة قناعة مشتركة وعميقة من أن إسرائيل تتبنى سياسة منهاجية، لفرض السيادة على المسجد الأقصى، في محاولة لاستكمال مصادرة ملف القدس. الأمر من حيث الأهمية لا يقتصر على إمكانية فقدان الأردن لدوره في الإشراف على الأقصى، وإنما يذهب في اتجاه إدراك المخاطر الحقيقية لطبيعة المخططات الإسرائيلية ومراميها. الرئيس عباس كان قد أعلن عن حق، من أن معركة المسجد الأقصى لم تنته، وإنما بدأت للتو، ولذلك فإن هذا التقدير للموقف كان جزءاً من أسباب استمرار السلطة في قرارها بوقف الاتصالات بالجانب الإسرائيلي بما في ذلك التنسيق الأمني. في الوعي العام لما يحيط بالقضية الفلسطينية يصبح موضوع القدس، مؤشراً قوياً نحو قادم الأحداث والتطورات. 

خلال الاشتباك في القدس، من ساحات الأقصى، كان الموقف الأميركي، خصوصاً والدولي بشكل عام، أكثر من متواطئ مع السياسة الإسرائيلية، حتى أن المناقشات في مجلس الأمن لم تفض إلى حتى بيان شكلي. في البداية كان الموقف يدعو لضبط النفس، وعدم التصعيد، وبعد ذلك جاء ليثني على الموقف الإسرائيلي برفع البوابات الإلكترونية. كوشنير وغرينبلات مبعوثا ترامب لم يكلفا نفسيهما الاتصال والتفاعل مع السلطة وكأنها خارج الحسابات والتأثير، وفضلا متابعة الأمر مع الأردن وإسرائيل قبل أن يغادرا المنطقة.

تجاهل السلطة كطرف فاعل مباشر وأساسي، لم يكن فقط سمة الموقف الأميركي والدولي، وإنما يشمل معظم الدول العربية والإسلامية، التي اكتفت بالتواصل مع واشنطن وتل أبيب. هذا فضلاً عن بعض المآخذ الأردنية الفلسطينية المشتركة إزاء مواقف بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

بعد ذلك تابعت الإدارة الأميركية الضغط على الفلسطينيين من خلال تبنّيها للموقف الإسرائيلي من مخصصات الأسرى والشهداء، إذ اتخذ الكونغرس وبرضا من الرئيس ترامب، قراراً بخفض الدعم الذي تقدمه واشنطن لموازنة السلطة ما لم تتوقف عن دفع هذه المخصصات. وفي الأساس فإن جوهر الموقفين الأميركي والإسرائيلي من هذه المسألة، واعتبار الأسرى والشهداء إرهابيين، ينطوي ليس فقط على حكم ظالم وغير منطقي، وإنما أيضاً، تمتد أبعاده إلى طبيعة وجوهر الحقوق الفلسطينية

وعدالة القضية، يبدو أن الزعيمين الأردني والفلسطيني أصبحا على دراية بما تخطط له إسرائيل بتواطؤ، أو دعم علني وغير علني من قبل الولايات المتحدة. إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططات لا تقوم على مبدأ حل الدولتين والانطلاق من الاعتراف بحدود الرابع من حزيران، والحل الإقليمي الذي تسعى إليه، يقوم على كيانين فلسطينيين، في غزة مرتبط بمصر وفي أقل من نصف مساحة الضفة مرتبط بالأردن. بل ربما تعود إسرائيل إلى نغمة الأردن الوطن البديل.

هذا هو الملف الأكثر خطورة وجدية الذي يفرض ذاته على كل اتصال بين الأردن وفلسطين.بعد ذلك تنطوي جريمة اغتيال المواطنين الأردنيين من قبل ضابط أمن إسرائيلي على خطورة من مستوى آخر، يعكس حقيقة نظرة إسرائيل للأردن ونظامه. الطريقة المتعالية والفوقية التي عبّر عنها نتنياهو خلال التعامل مع هذا الملف، تدعو إلى الغضب والتوتر، والخوف من الآتي. ليس هذا وحسب، بل ان وزير الأمن في حكومة نتنياهو عبّر باستخفاف شديد عن رفضه للموقف الأردني الرسمي من أحداث المسجد الأقصى.

هذا يعني أن اتفاقية السلام جيدة حين تخدم إسرائيل، وأنها لا تساوي شيئاً حين تكون في غير مصلحتها. بعد ذلك ثمة قضايا أخرى أقل أهمية من نوع ملف المصالحة الفلسطينية، والمواقف العربية إزاء ذلك، وهي مصدر شكوى من قبل الفلسطينيين، بما ينطوي عليه من توتر في علاقة السلطة ببعض الدول العربية المركزية. يحتاج الطرفان الفلسطيني والأردني كل لمعونة الآخر ودعمه، في التصدي لمصير مشترك، يهدد الطرفين ومستقبل قضاياهما، وشعوبهما، في غياب المعلومات نقدم هذا التحليل، إن أصاب فلا مكافأة وإن خاب فلا لوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في فنجان قراءة في فنجان



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday