الفلسطينيون وحدة في الموقف والبرنامج والخلاف على الأدوات
آخر تحديث GMT 18:28:05
 فلسطين اليوم -

الفلسطينيون: وحدة في الموقف والبرنامج والخلاف على الأدوات

 فلسطين اليوم -

الفلسطينيون وحدة في الموقف والبرنامج والخلاف على الأدوات

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

لا قيمة للخوض في تفاصيل المخطط الأميركي الصهيوني المسمى صفقة القرن، لا من أجل إقناع الفلسطينيين والعرب، ولا لإقناع غيرهم من الشعوب الأخرى، لانتظار مواقف مساندة للحق الفلسطيني ورافضة لتلك المخططات. مبكراً الفلسطينيون جميعاً أعلنوا رفضهم للصفقة قبل إعلان تفاصيلها، وطالما أنها بدأت بمصادرة القدس والجولان وإعلان الحرب على قرارات الأمم المتحدة التي تتصل بالحقوق الفلسطينية، رغم أنها مجزوءة ومجحفة.الصفقة مرفوضة بمجموعها وبكل تفاصيلها، وهي لا تصلح أرضيةً لمفاوضات، او لإدخال بعض التحسينات عليها، وذلك بخلاف مواقف بعض العرب والأجانب التي تراها مدخلاً لمفاوضات يمكن ان تكون مقبولة من الفلسطينيين.

ولكن من المهم رؤية بعض المؤشرات الدالة على طبيعة المخطط الصهيوني وأبعاده وأهدافه، وربما الاستنتاجات العامة، التي تتعلق بالشعب الفلسطيني. لا نعتقد أن ثمة من يجادل بعد إعلان الصفقة، في أنها أزالت كل الحدود والخطوط الخضراء والصفراء بين أبناء الشعب الفلسطيني داخل ارض فلسطين التاريخية. الصفقة بما تنطوي عليه عملياً، تكون قد وحدت الشعب الفلسطيني بأسره، من حيث البرنامج والمشروع والأهداف وربما التمثيل الجامع. ان كان ثمة خصوصية للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل او في القدس، او غزة، او غيرها، فإن هذه الخصوصية ليست سوى تفاصيل في اطار المشروع العام التوافقي، قد تفرض اختلافاً في الوسائل والأساليب المستخدمة في مواجهة المخطط الصهيوني.

الصفقة عملياً تشير إلى التالي:

أولاً: اسرائيل تصر على تعريف نفسها على أنها دولة يهودية بما يكرس قانون القومية الذي سبق للكنيست ان أقره، ما يعني ان الأراضي التي ستعلن إسرائيل السيطرة عليها، ينبغي ان تكون خالية تماماً من أي أقليات قومية مختلفة.هذا يشير إلى ان إسرائيل لا يمكنها ان تجمع بين الديمقراطية والعنصرية وهي تختار العنصرية ونظام الابارتهايد. وبما أنها تعرف ذاتها، وهويتها على هذا الأساس، فإن ذلك سيكون الطريق للتسبب بانهيارها. ان كانت الكلمات التي تتضمنها الصفقة غير كافية للاشارة الى ما هو قادم من المخطط الصهيوني، فان اقتراح او على الارجح قرار ضم منطقة المثلث بسكانها الذين يفوق عددهم الثلاثمائة الف فلسطيني الى الدولة الفلسطينية يمنح الكلمات أبعاداً حقيقية. اسرائيل اذاً تمارس جوهر المشروع الصهيوني الاجلائي الاحلالي، ووجود نحو سبعمائة ألف مستوطن في الضفة الغربية، وما هو قادم من تهجير الفلسطينيين، يؤكد الطبيعة الاستعمارية العنصرية لهذا المخطط.

ثانياً: إسرائيل وفق الصفقة، تعيد رسم حدودها وأيضاً بشكل مؤقت، ففي المرحلة الأولى ستقوم بإعلان السيادة على مناطق المستوطنات، وغور الأردن وشمال البحر الميت، لكن المرحلة اللاحقة، ستشهد مخططاتٍ تؤدي إلى السيطرة الكاملة على كل ما يسميه اليهود بـ "يهودا والسامرة"، ما يعني أن الصراع يعود الى بداياته الأولى.
في هذا السبيل تعرض الصفقة على الفلسطينيين معادلة الطعام مقابل الأمن والسلام، الأمر الذي ينسف كل إمكانية لأي مراهنات على تعديل تلك المخططات او إقناع اليمين الإسرائيلي بالتراجع عنها او عن بعض أجزائها.

ثالثاً: تشتغل إسرائيل استناداً الى الصفقة، على كسب المعركة الديمغرافية او إبعاد خطرها، فهي قد بدأت بإزاحة مليوني فلسطيني في غزة، وتحاول ان تكرر تجربة الحصار لغزة على الضفة الغربية، حين تنفصل القدس عن بقية المدن، ثم يتم فصل كل مدينة عن اخرى ضمن سياسة المعازل والبانتستونات التي تفرضها الخارطة، التي يجري إعدادها من قبل فريق أميركي إسرائيلي.
ووفق الخطة التي تستدعي سحب أسلحة الفصائل في غزة، فإن هذه تنتظرها تهديدات خطيرة، حيث تدخل في حساب المزايدات الانتخابية، فإن كانت تهديدات نتنياهو مجرد كلام فارغ، فإن غانتس يهدد بإعادة غزة الى العصر الحجري، بمجرد ان ينجح في تشكيل الحكومة.

خامساً: تحصل اسرائيل على حصانة القوة الداعمة، والضعف الشديد للقوى الرافضة للخطة، اذ تعتقد أن مخططاتها قد حازت على شرعية دولية بمجرد إطلاقها من قبل الولايات المتحدة. هذا الأمر يقود إلى أن إسرائيل يمكن ان تفلت من العقاب، وان تواصل ارتكابَ ما تشاء من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، دون ان تنتظر رادعاً او عقاباً، حيث انها تحصل على مكافأة من القوة العظمى، بدلاً من ان تواجه العقاب، ومقابل ذلك يكون النضال الفلسطيني بالصاروخ او الحجر وما بينهما إرهاباً. على الجانب الفلسطيني، فإن المشهد محزنٌ الى حد كبير، فالانقسام موجود في كل التجمعات التي يتواجد فيها فلسطينيون بما في ذلك في اراضي العام 1948. كل شيءٍ مجزّأ، فالمنظمة لا تزال على حالها، تتعرض للمنافسة طالما ان "حماس" و"الجهاد" خارجها، وهي ضعيفة، طالما أنها لا تعطي الاهتمام اللازم لكل التجمعات الفلسطينية، خصوصاً في الشتات والمهاجر.

والخلاف قائم حول السلطة، ووظيفتها، وأدائها، وصلاحياتها رغم الموقف الموحد الرافض لصفقة القرن، والمناكفات الفلسطينية لا تزال قائمة على أشدّها. الصفقة لم توحد الشعب الفلسطيني فقط، وإنما واقعياً، مسحت الفوارق البرنامجية، بين الفصائل والقوى السياسية، بما في ذلك الأحزاب الفلسطينية في إسرائيل، إذ يقف الجميع على أرضية صراع جذري مع اسرائيل على كل الأرض وكل الحقوق، وفي انتظار الوقت، كي يجد الفلسطينيون انفسهم جميعاً يجلسون على طاولة واحدة وملزمين ببناء استراتيجية وطنية ومشروع وطني واحد.

قد يهمك أيضا :

   نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية

  عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون وحدة في الموقف والبرنامج والخلاف على الأدوات الفلسطينيون وحدة في الموقف والبرنامج والخلاف على الأدوات



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday