القيادة مدينة للناس بتوضيح
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

القيادة مدينة للناس بتوضيح

 فلسطين اليوم -

القيادة مدينة للناس بتوضيح

بقلم :طلال عوكل

لا أدري إن كان ثمة ما يبرر للكتّاب الفلسطينيين، استهلال الجزء الأكبر من طاقاتهم في الكتابة عن الأوضاع الداخلية فيما تتصاعد حمّى المخططات الأميركية الإسرائيلية لمصادرة حقوقهم، وفيما يضطرب الوضع العربي والإقليمي بشدة. في واقع حال الفلسطينيين لا شيء على الإطلاق معزول عن السياسة، بما في ذلك الهموم والأوضاع الشخصية والعائلية فحتى هذه تعكس سياسات وسلوكيات ذات أبعاد واستهدافات سياسية.
حتى لا ينزعج أصحاب القرار، فإننا نتحدث بوجع شديد عن الإجراءات التي اتخذتها السلطة، بحق قطاع غزة، وبعد نحو خمسة عشر شهراً على اتخاذها. الإجراءات مستمرة، رغم التصريحات اليومية التي تصدر عن مسؤولين، وأكثرهم في هذه الأيام من مستويات مختلفة في حركة فتح. لو حاولنا بعد كل هذا الوقت تغذية أفضل برامج الكمبيوتر وأكثرها تطوراً، بالمعطيات التي تتصل بموضوع الإجراءات، بما في ذلك الرواتب، حتى نحصل على تحليل منطقي لما يجري، فلا أظنّ أننا يمكن أن نصل إلى نتائج منطقية.
وحتى اليوم، فإن أفضل المحللين وأكثرهم خبرة، وقرباً من مراكز القرار والمعلومات، وأكثر المسؤولين والقياديين مصداقية، لم يقدم للناس تحليلاً للأسباب والدوافع والأهداف، التي تبرر اتخاذها واستمرارها.
بدا الأمر منطقياً وربما مفهوماً لدى البعض حين تم اتخاذ تلك الإجراءات، فلقد تم الحديث عن ممارسة ضغط على حركة حماس، لإرغامها على التسليم برؤية السلطة وحركة فتح للمصالحة أو أن ذلك سيؤدي إلى تحريك الشارع في قطاع غزة ضد "حماس" وللضغط عليها وقد كان ذلك مفهوماً أو متفهماً من قبل الكثيرين.
ولكن وبعد خمسة عشر شهراً، جاءت النتائج لتؤكد أن "حماس" هي الأقل تأثراً بتلك الإجراءات، وأنها تستطيع التكيف معها وأنها لا تزال متمسكة برؤيتها للمصالحة، بل إنها نجحت في تخطي تلك الإجراءات وآثارها من خلال تعظيم الاشتباك السلمي على حدود قطاع غزة في سياق وطني عام يحقق لـ"حماس"، أيضاً، بعض المكاسب.
لقد قدم العديد من شباب وقيادات "فتح"، فضلاً عن كثير من الكتّاب والمحللين، استنتاجات واضحة، تشير إلى حقيقة أن تلك الإجراءات، لم تحقق الغاية التي وقفت خلفها، كما تم الإعلان عنها في البداية.
ويتضح أن الضرر الأكبر المباشر أصاب ويصيب حركة فتح، على اعتبار أن الغالبية العظمى من الموظفين هم من الحركة، وأن ذلك أدى ويؤدي إلى تعميق المآسي والأزمات الاجتماعية لسكان القطاع.
يعلم المسؤولون المعنيون وغير المعنيين، مدى خطورة الأوضاع الاجتماعية لسكان القطاع، والأمراض النفسية والاجتماعية التي تجتاح المجتمع في قطاع غزة، نتيجة الفقر، ومحدودية الخدمات الحياتية التي يتلقونها. تنتشر في قطاع غزة على نحو واسع ظواهر التسول، والطلاق والعنوسة والانتحار، والتفكك الاجتماعي، وما يتبع ذلك من أمراض نفسية وعضوية. ثمة شعور عارم بالتمييز والدونية، وقصدية استهداف الكرامة والهوية الوطنية، وكأن الناس ارتكبوا ما يستحقون عليه العقاب الجماعي القاسي من أبناء جلدتهم والمسؤولين عن إدارة شؤونهم الحياتية والوطنية.
كانت الشكوى لبعض الوقت تصدر عن فصائل وشباب، وكتّاب وقادة مجتمع مدني. لكنها مؤخراً أصبحت تصدر عن قيادات وشباب ونشطاء أغلبهم من حركة فتح.
لا مجال للمرور على كثير من التصريحات التي تصدر عن ناطقين باسم الحركة ومسؤولين فيها، وتعبر كلها عن ضرورة العودة عن تلك الإجراءات، وتعبر عن حرص الحركة على الوفاء بحقوق الموظفين والناس باعتبارها حقوقاً ثابتة لا مجال للتلاعب بها طالما أنها مستندة إلى القانون.
المؤسف إزاء كل ذلك أن تصدر تبريرات غير منطقية، وغير مقبولة ولا مفهومة أبداً، من نوع أن المسألة تتعلق بخلل فني، أو بقصور مالي لدى السلطة، أو أن الحكومة هي المسؤولة، والتي عليها أن تلتزم بقرار الرئيس محمود عباس خلال انعقاد المجلس الوطني.
مثل هذه التبريرات، بدت وكأنها ضحك على ذقون المواطنين، الذين يعرفون الحقيقة، والحقيقة هي أن الحكومة ليست مستقلة ولا تملك مثل هذه الصلاحيات التشريعية، وأنها في الأول والأخير حكومة الرئيس محمود عباس، ولا يمكنها تجاوز قراراته.
سيكون الوضع أكثر من مؤسف وأكثر من مقلق إذا كانت الحكومة قادرة على تحدي أو تجاوز قرارات الرئيس، فإن صح ذلك فإن أحوال النظام السياسي الفلسطيني قد أصبحت في "الباي باي".
في هذا السياق فإنني أنصح أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وأعضاء تنفيذية المنظمة أن يتوقفوا عن إطلاق التصريحات الواعدة، التي سرعان ما أن تكشف الأيام مدى سذاجتها، ومدى ذاتيتها.
لقد طال أمد اللجنة المكلفة مراجعة تلك الإجراءات، ولا نظن أن المسألة في الأساس تستدعي تشكيل لجان، أو عقد اجتماعات بين اللجنة المركزية والحكومة فبعد مرور كل هذا الوقت لم يعد ثمة ما يستدعي ذلك.
وليعذرنا إخوتنا في كل المستويات القيادية، ذلك أننا نتصبب عرقاً ونخجل من أنفسنا حين يكون علينا متابعة الاهتمام الذي تبديه أوساط ودول كثيرة بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ونقارن ذلك بمدى اهتمام ودور السلطة الفلسطينية.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيادة مدينة للناس بتوضيح القيادة مدينة للناس بتوضيح



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday