كل الطرق تؤدي إلى روما
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

كل الطرق تؤدي إلى روما

 فلسطين اليوم -

كل الطرق تؤدي إلى روما

بقلم : طلال عوكل

فيما تواصل إسرائيل تهديداتها بالثبور وفظائع الأمور ضد سكان قطاع غزة، الذي تغلق عليه كل المنافذ، فإن موقف المجتمع الدولي يدعو للدهشة والحيرة. يمكن إطلاق ما شاء المرء من التوصيفات على موقف المجتمع الدولي إزاء ما ترتكبه إسرائيل من عقاب جماعي وجرائم حرب بحق الفلسطينيين، غير أن الموضوع بعيد عن الأخلاقيات. الموضوع ليس مجرد تواطؤ أو عجز، وإنما ينطوي ذلك على أبعاد سياسية لا يخطئها العقل السوي ولا يخرجها السياسي الواقعي من حساباته.

رضي الفلسطينيون أم غضبوا فإن مواقف المجتمع الدولي عموماً اتسمت بالطابع النظري، والعجز عن اتخاذ إجراءات أو مواقف ضاغطة على إسرائيل، لكن ذلك كان يعبر عن حالة من التضامن المعنوي، أما الآن فلا هذه ولا تلك.

هذا يعني أن الفلسطينيين خصوصاً في قطاع غزة قد أصبحوا في زنزانة بلا نوافذ، في ضوء التلاقي الدولي والإقليمي على ضرورة معالجة الأزمة التي تعصف بقطاع غزة، وتزداد تفاقماً، حتى الخيار العسكري لم يعد خياراً مجدياً في مواجهة هذا الحصار المشدد، إذ لم تفلح الحروب الإسرائيلية الثلاث السابقة، في الإفراج عن سكان القطاع، الذي عانى ويعاني من الدمار الذي خلفته تلك الاعتداءات، لتستقر الأمور في أفضل أحوالها عند معادلة «هدوء مقابل هدوء».

إسرائيل التي تبحث عن ذرائع، وتجري مناورات كبيرة لمحاكاة عملية عسكرية كبيرة لقطاع غزة، تتخذ من الأطباق الورقية والبالونات الحارقة ذريعة للتصعيد، ولكن الهدف ليس وقف هذه الأطباق وإنما تذهب إسرائيل إلى تحقيق أغراض سياسية، تبدو اليوم مختلفة عن الأمس.

تسعى إسرائيل إلى قطع آخر خيط لها مع قطاع غزة، بمعنى التنصل الكامل من مسؤولياتها كدولة احتلال وفق القانون الدولي، وإبعاد القطاع بكليته، ولكن مع التخلص من التهديد الذي تشكله المقاومة، التي قال أحد المسؤولين الإسرائيليين إنها ضاعفت قدراتها عشرات المرات قياساً بما كانت عليه خلال حرب 2014.

أرجح أن إسرائيل التي تتصاعد فيها لغة التهديد بالحرب، ستلجأ إلى أي صيغة تجنبها هذه الحرب، ذلك أن أحد مسؤوليها خاطب المستوطنين في قطاع غزة، قائلاً: هل تريدون أن تختبئوا في الملاجئ، وأن تتعرضوا للقذائف والصواريخ؟ وفي الاتجاه ذاته، يعطي نتنياهو تعليماته للجيش بالاستهداف المباشر لمطلقي الأطباق الورقية، ثم يتحدث عن مهلة تنتهي بعد يومين لوقف إطلاق هذه الأطباق، لكنه على الأرجح لا يجرؤ على أن يتخذها ذريعة لعدوان واسع تعارضه فيه أطراف كثيرة بما في ذلك واشنطن التي ترى أن الأمور تسير على نحو جيد دون حروب قد تخلط الأوراق.

من جانبها، فإن المقاومة تدرك مدى جدية التهديدات الإسرائيلية وتدرك الأبعاد السياسية التي ينطوي عليها التصعيد، ولذلك من الحكمة أن تتخذ موقفاً عملياً يؤدي إلى وقف إطلاق الأطباق الورقية، والتخلي عن نظرية الرد بالمثل، والردع مقابل الردع.

حين تنتزع فصائل المقاومة مثل هذه المبررات، فإن إسرائيل ستكون عارية وفي وضع حرج، وتحتاج إلى بعض الوقت للعثور على ذرائع جديدة، لكنها مع ذلك ستواصل الضغط ارتباطاً بملفات أخرى هي التي تشكل جوهر القضية ونقصد موضوع التهدئة أو الهدنة وموضوع الأسرى، بالإضافة إلى موضوع الحراك الشعبي السلمي شرق القطاع.

جديد السياسة الإسرائيلية أنها دون إعلانات صريحة ومباشرة لا تمانع في أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية هي العنوان الذي تتعامل معه في قطاع غزة. هذا يعني أنها لا تمانع في أن تستمر القاهرة في مساعيها لإنجاح المصالحة الفلسطينية وتحقيق عودة السلطة إلى قطاع غزة، طالما أن الهدف هو أن تنجح المجموعة الدولية التي تحدث عنها المبعوث الأممي لعملية السلام ملادينوف في البدء بتأهيل قطاع غزة، تحت عنوان معالجة الأزمة الإنسانية، الأمر الذي سيفضي من و جهة نظر إسرائيلية إلى دولة غزة.

المهم بالنسبة لإسرائيل أن يختفي دور سلاح المقاومة، وأن يتوقف التهديد الذي يصدر عن المقاومة، وبدون تغيير جوهري على الأهداف الإسرائيلية التي ستظل تتحكم في العلاقة بين الضفة وغزة، وكأن الانقسام باق بالمعنى الجغرافي واللوجستي.

في كل الحالات فإن أمام نزلاء الزنزانة واحداً من أمرين: فإما الخيار الوطني الفلسطيني، بمعنى تحقيق المصالحة، ومن خلاله يجري تحسين أوضاع سكان القطاع، وإما الخيار الأميركي الإسرائيلي الذي يسعى لفرض وقائع على الأرض في الاتجاه الذي يخدم صفقة القرن التي تقف اليوم عند غزة، وتجاوزت مسألة البحث والتقصي إلى مرحلة التنفيذ العملي.

بعد كثرة خيبات الأمل، نجازف اليوم بالقول إن تحقيق المصالحة قد أصبح أمراً ممكناً، فالأخبار الأولية تتحدث عن موافقة حماس على الرؤية المصرية، والتي نعتقد أنها لا تبتعد كثيراً عن رؤية حركة فتح مع تعديلات مقبولة. القاهرة ماضية بمساعيها وبكل الجدية اللازمة، لتحريك قطار المصالحة، في غضون أيام قليلة قادمة. فالوقت لم يعد يسمح بمزيد من التردد، والحراك السياسي الإقليمي لم يعد يسمح بتعدد الخيارات، فكل الطرق تؤدي إلى روما كما يُقال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل الطرق تؤدي إلى روما كل الطرق تؤدي إلى روما



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday