ترامب يعبّر عن أميركا كما هي
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

ترامب يعبّر عن أميركا كما هي

 فلسطين اليوم -

ترامب يعبّر عن أميركا كما هي

بقلم :طلال عوكل

ليس من الصحيح أو الممكن التعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنه جاهل في السياسة، أو أنه مريض نفسياً، فهو الرئيس المنتخب من قبل الشعب الأميركي، والقيِّم على السياسة الأميركية.

إن كانت الأمور طبيعية أو غير طبيعية بالنسبة للإدارة الأميركية الراهنة وسياساتها واستراتيجياتها، فإنها تعبر عن طبيعة ومصالح ومخططات الدولة الأميركية. تلك الطبيعة التي اتسمت تاريخياً بالأنانية والعدوانية تجاه الشعوب الأخرى.

لن يستمع الرئيس ترامب لنصيحة سلفه الرئيس السابق باراك اوباما الذي أشار عليه بضرورة التروي قبل أن يطلق ما يدور برأسه، لكأن الرئيس أوباما يرى أن الرجل عفوي، ومتسرع، ولا يقيم وزناً لما يصدر عنه من تغريدات، وتصريحات، سرعان ما تتلقفها وسائل الإعلام الأميركية وغير الأميركية الموالية أو التي ناصبها الرئيس ترامب العداء.

بعد كثير حديثه، عن عزمه نقل السفارة الأميركية من تل أبيب اضطر ترامب لأن ينزل عند نصائح مستشاريه، فيؤجل تنفيذ ذلك الوعد، استناداً إلى رؤية للدور الأميركي في المنطقة كلها.
ومرة أخرى وقبل نحو أسبوعين، اتخذ الكونغرس قراراً بوقف ترخيص عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لكن الإدارة تراجعت عن ذلك القرار.
الآن يهدد الرئيس ترامب بأنه سيتخذ قراراً صاعقاً يوم الأربعاء القادم، يقضي باعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، فإن وقّع ذلك فإن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يصبح تحصيل حاصل.

قد يكون كل ذلك بما في ذلك التهديد بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، شكلاً من أشكال تصعيد الضغوط على منظمة التحرير والسلطة، والكل الفلسطيني، وأيضاً على الدول العربية التي تنتظر كلها التحرك الأميركي نحو ما يقال عن أنه صفقة القرن ولكن إن كان كل ذلك من باب استخدام التهديد كوسيلة للضغط فما الذي تريده الولايات المتحدة من الفلسطينيين ثم من العرب؟

أولاً، تريد الإدارة الأميركية من الفلسطينيين أن تأتي المصالحة الجاري الحوار بشأنها، على مقاسات ولتلبية الشروط الأميركية الإسرائيلية، بمعنى أن تنخرط كل الفصائل الفلسطينية في إطار البرنامج الذي تعمل عليه المنظمة والسلطة، وهو نهج البحث عن التسوية عبر المفاوضات.

غير أن هذا غير كافٍ بالنسبة للولايات المتحدة، إذ على الفلسطينيين أن يتنازلوا عن رؤيتهم للتسوية، التي تقوم على قرارات الأمم المتحدة لصالح الرؤية الإسرائيلية، التي لا تعترف للفلسطينيين بالقدس ولا بحقوق للاجئين، ولا سيادة أمنية أو غير أمنية على الأراضي التي يمكن السماح بتسميتها دولة فلسطينية.

وترى الولايات المتحدة أنه ليس على الفلسطينيين أن يحركوا ساكناً، لا عبر مقاومة شعبية سلمية، ولا عبر مقاومة سياسية دبلوماسية، وليس فقط المقاومة المسلحة المرفوضة بالمطلق من قبل الإدارة الأميركية وتريد واشنطن من الفلسطينيين أن يتجاهلوا، كل ما يجري على جبهة التطبيع والتعاون الإسرائيلي مع عديد الدول العربية والإسلامية.

ثانياً، على المستوى العربي والإسلامي، تستعجل الولايات المتحدة تصعيد الصراعات في المنطقة، بما يلزم من تحالفات، تقف وراءها الولايات المتحدة، ويكون لإسرائيل موقع فيها، بصرف النظر عن طبيعة هذا الموقع الذي يسمح لإسرائيل بأن تتمدد في المنطقة، وأن تكون طرفاً في معادلات الصراع.

الولايات المتحدة تستعجل تفجير حروب بالوكالة لا تكلفها ما كلفتها الحروب السابقة التي خاضتها في المنطقة، ما سيؤدي إلى إفقار الدول العربية والإسلامية الغنية، وتنشيط تجارة السلاح، وفي النهاية تهديد استقرار تلك الدول.

يعرف الرئيس الأميركي أن لا الفلسطينيين ولا العرب ولا المسلمين يمكنهم أن يقبلوا قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأن مفتاح مواقف وسياسات الدول العربية موجود بالأساس بيد الفلسطينيين، فهم الذين يملكون القدرة على نزع الأغطية والذرائع عن الدول العربية والإسلامية التي تستعجل تطبيع علاقاتها بإسرائيل.

حتى لا تقع الدول العربية والإسلامية في هذا الحرج بما قد يرغمها على إعادة النظر في حساباتها وسياساتها، فإن هذه الدول انخرطت مع الفلسطينيين في تحرك سياسي للضغط على إدارة ترامب من أجل ألا يقع المحظور.

يبدو أن الرئيس ترامب وإدارته، يتجاهلون، حقيقة أن قرار الحرب والسلم في المنطقة معلق بالقضية الفلسطينية، وأن الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة قد بلغ أقصى مداه، من التأثير على المواقف الفلسطينية التي لن تتزحزح عن التمسك بحقوقها.

من حيث المبدأ فإن مثل هذه التهديدات سواء كانت في إطار الضغط أو كانت في إطار التنفيذ الفعلي، فإنها ترسم صورة واضحة لطبيعة السياسات الأميركية، بالقدر الذي ينبغي أن ينتهي وإلى الأبد، كل مراهنة على دور أميركي موضوعي.

إذا كان ذلك معلوماً للفلسطينيين، فإن ما ينبغي أن تعرفه إدارة الرئيس الأميركي أن قراره بشأن القدس إنما يستعجل الإقفال النهائي لملف العمل من أجل تحقيق تسوية للصراع عبر المفاوضات، ما يعني أن الولايات المتحدة ستعود لتحتل موقعها الطبيعي كعدو أول وأساسي للشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية. فإذا انتهى الدور الأميركي فإنه لا مجال لقوة أخرى لأن تحل مكانه، لا الأوروبيون قادرون ولا روسيا، ولا الصين وبالقطع الأمم المتحدة.

يرتب ذلك وفي كل الحالات على الفلسطينيين أن يلملموا صفوفهم بأقصى سرعة لمواجهة التحديات المتصاعدة بحقهم وبحق قضيتهم وحقوقهم.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يعبّر عن أميركا كما هي ترامب يعبّر عن أميركا كما هي



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday