مملكة العنصرية والخداع
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

مملكة العنصرية والخداع

 فلسطين اليوم -

مملكة العنصرية والخداع

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

لبعض الوقت بدا وكأن بنيامين نتنياهو قد فقد الأمل في إمكانية إنقاذ مستقبله السياسي، لكنه اليوم يتنفس الصعداء. الإسرائيليون والفلسطينيون تملّكهم الشعور بأن نتنياهو سقط في الهاوية بلا رجعة، لكنه لم يفقد الأمل وظل يقاتل بعكس التيار، حتى وجد قارب النجاة.لم تكن الرغبة الفلسطينية بسقوط نتنياهو في الهاوية، قائمة على المراهنة بأن بيني غانتس يملك رؤية سياسية مختلفة، أو أنه يؤمن بسلام غير الذي يتبناه نتنياهو، لكنها الرغبة في الانتقام، وربما كسب القليل من الوقت، في حال مضى بيني غانتس في الطريق الذي بدأه نحو الإطاحة بنتنياهو وتشكيل حكومة بدعم من القائمة المشتركة، وإن كان من خلف الستار.

ثمة مشكلة في طبيعة وشخصية نتنياهو، التي تعكس ذاتية مفرطة تجعله مستعداً لتقديم أي تضحيات على حساب حلفائه، من أجل استمراره، لكن المشكلة الأساسية عند بني غانتس الذي يقتحم حقل السياسة بالمواصفات ذاتها التي تشكل هوية نتنياهو الشخصية.كان بإمكان غانتس أن يحقق ما أراد تحقيقه مع تحالفه في أزرق - أبيض بأن يشكل الحكومة بدعم من القائمة المشتركة، التي أرادت سقوط نتنياهو كهدف مباشر، وحتى أن يحظى برئاسة الكنيست، لكنه عاد إلى طبيعة السياسيين الأغرار الذين يبحثون عن مصالحهم الخاصة حتى لو أدى ذلك للتضحية بحلفائه.

نتنياهو قبل بتشكيل حكومة، مناصفة مع بيني غانتس الذي لم يبق معه سوى خمسة عشر مقعداً في الكنيست، رغم أن كتلة اليمين تحظى بثمانية وخمسين مقعداً، ولو كانت الأوضاع في شكل طبيعي لكانت المساومة صعبة، ولما كان لغانتس أو أي حزب آخر بحجمه أو أكثر أن يحصل على ما حصل عليه.غانتس نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية، وغابي أشكنازي وزير الدفاع مع الاحتفاظ لزملاء آخرين بوزارة العدل، وتصويت أربعة وسبعين عضواً لصالح تنصيب غانتس رئيساً للكنيست، حتى لو أدى ذلك للتضحية برئيس الكنيست السابق من الليكود ادلشتاين.

مساومة تبدو مربحة لغانتس ونتنياهو في الوقت ذاته، ما يؤدي إلى تفكيك أزرق - أبيض، وخيبة أمل كبيرة من قبل القائمة المشتركة، فضلاً عن إلقاء أفيغدور ليبرمان وكتلته على الرف، بينما التكتل اليميني الذي يتزعمه نتنياهو على حالة من التماسك.صحيح أن نتنياهو لعب على وتر الأزمة القومية التي اندلعت مع ظهور فيروس "كورونا"، وتزايد عدد المصابين والوفيات، وبالتالي الحاجة للتعبئة العامة، وإقامة حكومة وحدة وطنية يتحمل الجميع مسؤولياته في هذه المرحلة الصعبة، لكن هذا العامل لم يكن هو الدافع الرئيس وراء ما يحصل.

في الواقع من غير الممكن أو المحتمل أن ينجح تحالف نتنياهو - غانتس بتشكيل حكومة وحدة وطنية، حتى وإن كانت ستحصل على دعم أكثر من سبعين مقعداً في الكنيست، إذ ستبقى كتل أخرى وازنة خارج هذه الحكومة، ما يجعلها حكومة أفراد ذات تطلعات ومصالح خاصة.
في الواقع فإن ما يجري في الطبقة السياسية الإسرائيلية، ينطوي على دلالات مهمة. أولى هذه الدلالات أن العنصرية تضرب في جذور المجتمع والطبقة السياسية، حيث يرفض الجميع التعامل مع القائمة المشتركة، رغم أنها حققت فوزاً ظاهراً وغير مسبوق بحصولها على خمسة عشر مقعداً.
لقد جرى خداع وتلاعب بالقائمة المشتركة، التي راهنت على صدقية أزرق - أبيض، وبني غانتس، وأبدت استعداداً ومرونة عالية للتعامل معه ظناً منها بأنه سيواصل العمل والتعاون من أجل إسقاط نتنياهو.
في كل الأحوال فإن هذه التجربة بالنسبة للقائمة المشتركة ينبغي أن تترك آثاراً بالغة على طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه الفلسطينيون في الحياة السياسية في إسرائيل.
لقد تعرض الفلسطينيون في إسرائيل إلى حملات تحريض واسعة، وقدمتهم على أنهم وباء لا ينبغي الاقتراب منه، وأن من يتعامل معهم سيكون في موضع المتهم بالتآمر على يهودية الدولة ووجودها.
أما الدلالة الثانية فهي أن اليمين المتطرف سيعود للتلاقي والعمل معاً، كانعكاس لتدهور المجتمع نحو اليمين، وأن المصالح الذاتية الخاصة هي بعد ذلك التي تحرك المساومات وتحدد مواقع كل طرف.
ثالث هذه الدلالات، أن السياسة في إسرائيل لا تعرف القيم والمبادئ العامة، فالمصالح الفردية تلعب دوراً أساسياً في تقديم مفاجآت غير محسوبة.
من السهولة بمكان أن ينقل أي شخص سياسي أو حزب، البندقية من كتف إلى آخر.
رابع هذه الدلالات، أن مخرجات السياسة العامة في إسرائيل، لا تعطي للفلسطينيين أملاً أو تتيح لهم مجالاً للمراهنة على سياسة مختلفة، فلقد انزوى بعيداً صوت المطالبين بسلام يقوم على رؤية الدولتين، وبات بعضهم يخجل من أن يقف عكس التيار الجارف.
غير أن هذه الدلالات، تعود إلى الاعتقاد بأن المشهد السياسي سيظل مضطرباً، ولو بدا لبعض الوقت مستقراً، إذ إن طبيعة المساومة التي جرت بين نتنياهو وفريقه، وغانتس ومن بقي معه، تشير إلى أن الخداع وعدم الثقة والرغبة في الانتقام ستكون حاضرة في وقت ما.  لا أحد يضمن أو يمكن أن يراهن على ثبات نتنياهو، على ما تم الاتفاق عليه، فهو سيظل يبحث عن ضمانات أكثر صلابة لمواصلة حياته السياسية على رأس أي حكومة في إسرائيل.
من جديد، سيخوض نتنياهو مساومات من أجل إنقاذ نفسه من براثن القضاء الذي يلاحقه، وربما يكون قد اتفق كجزء من الصفقة مع غانتس على شل يد القضاء، وإجراء التغييرات التي يريدها نتنياهو.
أشهر قليلة وينقشع الضباب، لكن الألاعيب والخداع سيظل السمة الأساسية في أداء الفاعلين السياسيين الإسرائيليين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مملكة العنصرية والخداع مملكة العنصرية والخداع



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday