معذرة أيها الزعيم الخالد
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

معذرة أيها الزعيم الخالد

 فلسطين اليوم -

معذرة أيها الزعيم الخالد

بقلم : طلال عوكل

لا يحاسب أحد أحدا إذا ما كان قد كتب عن الشهيد ياسر عرفات، أو لم يكتب في ذكرى رحيله الرابعة عشرة، ولا يدخل ما تكتب في سيرتك الذاتية ككاتب. ولكن ثمة دافعية قوية للكتابة، لا من باب الحاجة لمقارنة قيادة بأخرى، ولا قائد لآخر، ولا حتى لمقارنة طرف لآخر وإنما هي دافعية شخصية ذات أبعاد عاطفية وسياسية ووطنية.

عرفات القائد والزعيم الشهيد لا يشبه أحداً، غير أبو عمار، فقائمة الشهداء الكبار طويلة، لكن أحداً منهم لا يشبه الآخر لا في طبيعة شخصيته، وأدائه، ولا في خصائصه الذاتية، لكن معظم هؤلاء يشتركون في مواصفة مهمة، وهي انتماؤهم الوطني العميق للشعب والقضية، واستعدادهم للتضحية من أجلها.
لا أدري بعد كل المحاولات التي استهدفت عرفات، منذ أن برز كزعيم وطني متفرد، كيف وصلوا إليه. في الحقيقة فإن ذلك لم يكن ليقع، مع الكبار أمثاله، إلاّ بقرارات كبيرة، وبدعم وموافقة من قوى كبيرة بالتأكيد هي أكبر من طاقة الاحتلال الإسرائيلي، الذي قام بعملية التنفيذ.

خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان العام 1982، وجدت إسرائيل لنفسها المبرر لملاحقته واغتياله، فلقد خاضت حرباً طويلة ضروساً ضد منظمة التحرير الفلسطينية، حتى أنها احتلت بيروت في سابقة لاحتلال عاصمة عربية.

عرفات الذي كان يتواجد ويتجول في كل مكان، أفقد إسرائيل إمكانية استخدام الأفراد للوصول إليه، ولذلك، استخدمت الطائرات الحربية في قصف بناية الصنائع التي كان يفترض أن تكون المكان الذي تجتمع فيه، اللجنة المركزية لحركة فتح. هل هو القدر، أم انه الحذر غير العادي الذي ألهم عرفات ورفاقه، حتى لا يصلوا إلى مقر الاجتماع في الموعد المحدد ما أفشل المخطط الإسرائيلي، الذي أراد التخلص من كل قيادة الحركة؟
ربما كانت القيادات الإسرائيلية، الأكثر إدراكاً لمدى خطورة، الشهيد ياسر عرفات، ورفاقه الميامين، الذين لاحقتهم، في تونس، بعد أن لاحقت العديد من القيادات في عواصم أخرى. لم تفلح إسرائيل، بكل ما لديها من وسائل وإمكانيات، إلاّ حين حاصرته في المقاطعة خلال حملة السور الواقي العام 2002، حيث بدا حينها أن العرب الذين عقدوا قمتهم في بيروت، قد تجاهلوا حصاره، ونداءاته، وكأنهم ينتظرون موعداً محدداً للتخلص منه. ومع أن كل الشعب الفلسطيني، بكل فئاته السياسية والاجتماعية أشاروا علناً وكل الوقت، بأصابع الاتهام إلى المجرم الذي ارتكب الجريمة، وهو الاحتلال الإسرائيلي، إلاّ أن التحقيقات الوطنية والدولية، لم تصل إلى الدلائل الثبوتية المؤكدة، أو لنقل وهو الأصح، إنها خصوصاً الدولية، لم تكن ترغب في أن تصل إلى نتيجة في التحقيقات. تواطأ الجميع، من علموا ووافقوا مسبقاً على قرار التخلص من زعيم الشعب الفلسطيني، ومن فوجئ بالخبر، حتى لم يعد في هذا العالم الذي تسيّره الولايات المتحدة، مختبر أو مسؤول يجرؤ على المساعدة في التوصل إلى الحقيقة المعروفة.

لست أدري أي مقالة، أو لغة يمكن أن تحيط بهذا الزعيم التاريخي الكبير، الذي تجاوز حدود الوطنية والقومية إلى العالمية، فكان زعيماً تحررياً عالمياً، يدافع عن أعدل قضية على وجه الأرض.
لست قادراً على الإحاطة بكل مناقبه، خشية أن أتجاوز بعضها، لكنه هو، وهو الشاب الذي بالكاد أنهى دراسته في الهندسة، قد فجر ثورة عارمة، في ظل ظروف عربية ودولية غير مواتية.
كان بإمكان عرفات ورفاقه المؤسسين أن يعيشوا موظفين في دول الخليج، حياة أفضل كثيراً وأعلى مستوى معيشي مما كان عليه واقع حال ملايين الفلسطينيين، لكنها الوطنية العميقة التي قادت هؤلاء، إلى البدء بتشكيلات تنظيمية وخلايا صغيرة، ذات انتماء وطني فلسطيني خالص، تحولت بعد سنوات إلى طوفان من الفدائيين والأعضاء والمناصرين، من كل أنواع ومستويات الشعب الفلسطيني الأكاديمية، والعسكرية، والثقافية والإعلامية، حتى كان بإمكانها أن تدعي عن حق بأنها أي حركة فتح تمثل أكثر من 90% من الشعب.
"فتح" لها السبق في تحديد أسلوب الكفاح المسلح، وحرب التحرير الشعبية وكان لها السبق في تحديد العلاقة بين الوطني والقومي على قاعدة أن الشعب الفلسطيني ينبغي أن يكون في طليعة النضال العربي ضد الاحتلال، وبدون انتظار الوحدة العربية، أو حتى الجاهزية العربية لمواجهة الاحتلال ذلك أنها انطلقت قبل هزيمة حزيران العام 1967.

وحركة فتح هي التي صاغت الهوية الوطنية الفلسطينية، وجعلت من منظمة التحرير الفلسطينية، إطاراً ائتلافياً وحدوياً، ما أهّلها لأن تكون الممثل الشرعي والوحيد، الذي يفرض صفته على القمم العربية. ومن بعد ذلك حين فرضت وجودها وصفتها على الساحة الدولية بما في ذلك الحصول على مقعد في الأمم المتحدة.

قد لا ينسب هذا الفضل كله للشهيد الزعيم ياسر عرفات، فلقد كان له شركاء أساسيون في حركة فتح، وفي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لكنه هو قائد تلك المسيرة، وبفضل حكمته وسعة صدره، وببصيرته الحادة، أمكن تحقيق ما هو أكثر مما مررنا عليه.

بعد رحيله تجرّأ البعض على قلب حقائق التاريخ والانقلاب عليه، حين اعتقدوا وروّجوا، أن النضال الوطني الفلسطيني، بدأ من حيث بدؤوا هم، رغم أنهم تأخروا كثيراً، لكن كل محاولات التزوير مهما كبرت، لا يمكن أن تنجح في طمس صفحات مشرقة، حتى لو أن من سطروها، أو أغلبيتهم، لم يعودوا موجودين بيننا اليوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معذرة أيها الزعيم الخالد معذرة أيها الزعيم الخالد



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي

GMT 08:17 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بريطاني مسنّ مخمور يعترف أمام فتاة شابة في حانة بخنق زوجته

GMT 06:00 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أردوغان يطالب دول أفريقيا للتبادل التجاري بالعملة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday