خطاب الرئيس وملامح إستراتيجية وطنية جديدة
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

خطاب الرئيس وملامح إستراتيجية وطنية جديدة ...

 فلسطين اليوم -

خطاب الرئيس وملامح إستراتيجية وطنية جديدة

بقلم :طلال عوكل

ولا تزال الاجتماعات والتحركات العربية والاسلامية على اهميتها، تقصر عن التعامل مع الابعاد الاستراتيجية الخطيرة التي ينطوي عليها قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب. خلال الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي انعقد في القاهرة يوم السبت المنصرم، كانت الكلمة التي القاها باسم فلسطين وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي، ضعيفة، واضعف من بعض الكلمات التي جاءت على ألسنة بعض وزراء الخارجية العرب.

ثلاث صفحات مطبوعة، خرجت عن الاجتماع الوزاري العربي، خلت من المواقف الاجرائية، غير التقليدية التي بشرت بها كلمات الوفود، وباستثناء الموقف النظري السياسي الحازم الذي خرج به الاجتماع الوزاري العربي، فإن البيان كان تقليديا، ويفتقر الى الخطوات الاجرائية العملية التي تستدعيها خطورة القرار الاميركي.

ارتفع سقف الخطاب الفلسطيني في الاجتماع الطارئ للبرلمانات العربية، حيث طالب الرئيس محمود عباس باتخاذ اجراءات تتعلق بالعلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وسحب السفراء، فضلا عن ضرورة تحرك البرلمان العربي للقيام بحملة واسعة مع نظرائه في مختلف دول العالم لتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومنع أي دولة من ان تحذو حذو القرار الاميركي.

ثمة اعتقاد موضوعي بأن البرلمانيين العرب، اكثر حماسة واكثر التزاما، واكثر قدرة على الفعل والتأثير من مواقف الانظمة السياسية العربية، وبأن النشاطات البرلمانية تخترق المجتمعات الاجنبية وممثليها، وبالتالي فإنها تزرع في ارض خصبة ذات مردود اكثر تجذرا واكثر تأثيرا على المستوى الاستراتيجي.

في كل الاحوال وحتى لو كان الوفد الفلسطيني للاجتماع الوزاري العربي، مضطرا لمراعاة التناقض في مواقف الدول العربية، ما جعل من الصعب اصدار بيان افضل، رغم طول فترة المداولات، الا ان الموقف الفلسطيني كان ينبغي ان يكون اكثر قوة واشد وضوحا، نحو رفع سقف المطالبات الفلسطينية من الاشقاء العرب اولاً والمسلمين ثانيا.

في القمة الاسلامية التي دعا اليها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، اختلف الوضع كليا، حيث جاء خطاب الرئيس عباس، معبرا بقوة شديدة، ووضوح اشد، وبمطالبات اجرائية محددة، بمجموعها تضع المسلمين والعرب، لو انهم تبنوها امام وضع جديد، وتوظيف جديد وفاعل لقدراتهم في الدفاع عن مصالحهم.

الموقف الذي حدده الرئيس عباس ازاء مواقف وسياسات ودور الولايات المتحدة في عملية السلام، وازاء السياسات الاسرائيلية، وطبيعة ومستقبل الصراع، أشهر «لا» عالية، لكل هذه السياسات وعبر عن استعداد الفلسطينيين للتحدي دفاعاً عن حقوقهم وثوابتهم.

في خطابه كشف الرئيس عباس، جوهر وطبيعة السياسة الاميركية على نحو شامل، معترفاً بأن منظمة التحرير كانت تستجيب لطلبات الادارة الاميركية، بتأجيل اتخاذ بعض الخطوات، نحو المؤسسات الدولية، غير انه يستخلص بأن الولايات المتحدة ليست دولة تحترم التزاماتها وتعهداتها ووعودها. ثمة اسباب كثيرة قبل قرار ترامب الاخير، كانت كافية، للتوقف عن المراهنة على دور اميركي فيه ولو القليل من النزاهة والحيادية، غير ان قراره الاخير نزع كل الاقنعة عن الوجه الحقيقي الاستعماري للولايات المتحدة، ما جعلها عمليا خارج دائرة الرعاية للعملية السياسية، التي اصر الرئيس عباس على التمسك بها. القرار الفلسطيني بتنحية دور الولايات المتحدة عن الدور التقليدي الذي لعبته في اطار احتكار الرعاية للعملية السلمية انتهى لصالح التوجه الى الامم المتحدة. القرار مشفوع باجراءات اعلنها الرئيس بمقاطعة الاتصال والعلاقة مع القنصلية الاميركية في القدس وايضا بعدم استقبال بينس، نائب الرئيس الاميركي الذي يزور المنطقة.

لم يظهر في خطاب الرئيس عباس اي تردد، او استدراك او خوف من اعلان التحدي، محملاً الولايات المتحدة المسؤولية عن تصاعد التطرف الديني وغير الديني في المنطقة وضد سياسات ومصالح اميركا وحليفتها اسرائيل.

وبلغة واضحة يتهم الرئيس عن حق الولايات المتحدة، برعاية وحماية ودعم نظام التمييز العنصري الذي تعبر عنه اسرائيل بحكومتها المتطرفة وسياساتها التهويدية والاستيطانية. وازاء التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي يقول الرئيس فيما يمكن اعتباره تمهيدا لاتخاذ قرارات محددة، إن الاتفاقيات التي تحكم العلاقة بين المنظمة واسرائيل كأنها لم تكن، خاصة وان اسرائيل تنصلت منها عمليا خلال العقود اللاحقة.

خطاب الرئيس قدم ملامح استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة سواء في العلاقة مع اسرائيل او الولايات المتحدة او المجتمع الدولي. ونظن ان ما ورد في الخطاب، يشكل نقطة متقدمة على طريق تحقيق اجماع وطني فلسطيني، مع ما تحتاجه الى قرارات محددة. في كل الاحوال فإن خطاب الرئيس يقدم غطاء سياسياً لتصعيد المقاومة الشعبية السلمية، ونحو استنفار كل طاقة العمل السياسي والدبلوماسي والقانوني الفلسطيني.

ثمة ضرورة لاستنفار طواقم العمل السياسي والقانوني المتخصص بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والفصائل وكل مقومات المجتمع الفلسطيني استعدادا لخوض الصراع بكل الاشكال، الا ما ينبغي الحذر من استخدامه في هذه الظروف وهو العنف. لا بد من ان تدرك الفصائل والقوى الفلسطينية بعامة ان اسرائيل تعمل على حرف الانظار عن المعركة الاساسية، نحو تصعيد المواجهة العسكرية مع قطاع غزة، الامر الذي يلزم الكل الفلسطيني ضرورة كظم الغيظ، وضبط النفس مهما صعدت اسرائيل من عدوانيتها، ان ملامح الاستراتيجية التي تضمنها خطاب الرئيس، تشير الى ان الفلسطينيين على اعتاب مرحلة جديدة مختلفة عن المرحلة السابقة، وتندفع نحو خوض الصراع المفتوح على كل الحقوق التاريخية الفلسطينية على كل الارض الفلسطينية حتى لو استمر اعتماد الخطاب الذي يستند الى قرارات الامم المتحدة والشرعية الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب الرئيس وملامح إستراتيجية وطنية جديدة خطاب الرئيس وملامح إستراتيجية وطنية جديدة



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday