صفقة القرن أم صفعة القرن
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

صفقة القرن أم صفعة القرن؟!

 فلسطين اليوم -

صفقة القرن أم صفعة القرن

بقلم :طلال عوكل

قرون استشعار السلطة والقيادة الفلسطينية آخذة في التحرك بأقصى درجات الحساسية، تجاه مستقبل كل عملية التسوية كنهج ومخرجات وآفاق. لا شيء يدعو للتفاؤل إزاء إمكانية تحريك عجلة التسوية بعد أن تكسّرت كل العجلات التي يمكن أن تسير عليها. إذا كانت الإدارة الأميركية، هي رأس الحربة، كما هو واقع الحال حتى الآن فإن هذه الإدارة التي تحدثت كثيراً عن مهارة رئيسها في إنجاز الصفقات الكبرى، ما يجعله مؤهلاً لإنجاز ما قيل عنها أنها صفقة القرن، فإن القيادة الفلسطينية بدأت في التراجع عن رهانها. الأمر بالنسبة لرهان القيادة الفلسطينية يستند إلى قراءات عميقة، لمفردات الخطاب والدور السياسي الذي تقوم به الإدارة الأميركية، وخلاصتها أن هذه الإدارة المرتبكة لن يكون حالها أفضل من الإدارات التي سبقت من حيث تبني السياسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بملف التسوية.

ليس هذا وحسب بل ان هذه الإدارة، تتبنى عملياً الرؤية الإسرائيلية لكيفية التعامل مع صراعات المنطقة، وترتيب أولوياتها التي لا تجد القضية الفلسطينية لها مكاناً في مقدماتها. هذه الإدارة لا تكتفي بالضغط على الفلسطينيين وإطلاق وعود مبهمة، وإنما يبدو أنها تقوم بعملية تخدير للسياسة الفلسطينية، وذلك في إطار تكامل الأدوار مع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل. وفي الإطار الدولي، أيضاً، تراجع الدور الأوروبي، واستقرَّ عند آخر محاولة قامت بها فرنسا، التي فشلت بعوامل أميركية وإسرائيلية في أن تضخ بعض الدماء في مبادرتها التي أصبحت جزءاً من تاريخ الفشل. 

روسيا الحليف التاريخي للفلسطينيين لا تزال تكتفي بإطلاق التصريحات، شأنها شأن الفصائل الفلسطينية التي تعوّدت أن ترفع المطالب، وتدعو الآخرين، وكأنها ليست ذات صلة، أما الصين فهي أقل الدول الكبرى اهتماماً فلا تصدر عنها تصريحات بشأن الملف إلاّ في مواسم قليلة ومتباعدة.

الأوضاع العربية، ولا نقصد الدول العربية التي تعاني من الصراعات الدموية وغير الدموية، وتتعرض لمخططات التقسيم، والتدمير، وإنما ما تبقى من الأمة العربية، حددت أولوياتها على نحو، لا تقف على رأسها القضية الفلسطينية وملف الصراع العربي الإسرائيلي. وإذا كانت العلاقات والتحالفات، تتبع الأولويات، فإن العديد من الدول العربية باتت لا تخشى الحديث العلني، عن استعدادها، لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بل ان بعض هذه الدول قد أقامت أوتوسترادات من التعامل مع إسرائيل، وتنتظر اللحظة المناسبة، للإعلان عن ذلك، وممارسته عملياً وتحت أنظار الجميع، مستفيدة من الانقسام والضعف الفلسطيني. ربما كان آخر ما نتوقعه أن يعلن وزير سوداني، عن ضرورة التطبيع مع إسرائيل، دون أن يقيم اعتبارا لأي نقد يفترض أن يصدر عن نظام يرتدي جلباب الإسلام السياسي، ويعتمر بعمامته.

السودان يعاني من أزمات تتصل بطبيعة نظام الحكم في الأساس وليس لأنه يتعرض لما تتعرض له سورية وليبيا والعراق واليمن، وهو قد عانى من التدخل الإسرائيلي الأميركي الذي أدى إلى قسمة السودان وجعل جنوبه قاعدة لإسرائيل، ولذلك كان غريباً أن تصدر عن أحد وزرائه دعوة للتطبيع، دون أن يؤدي ذلك إلى نقده أو محاكمته أو إقالته من الحكومة.
أما فلسطينياً فحدِّث ولا حرج، فبالرغم من أن أبواب تل أبيب مغلقة منذ زمن على سياسة توسعية عنصرية، تكره كلمة السلام، فإن الانقسام الفلسطيني، وترهُّل منظمة التحرير وتراجع جماهيرية ودور حركة فتح، فإن كل ذلك يدعو للاحباط واليأس. 

المواقف الفلسطينية إزاء موضوع المصالحة، وترتيب البيت على أسس جديدة تضمن شراكة الكل، وتعزيز الوفاق الوطني في اطار مؤسساته الجامعة، هذه المواقف قد تدعو للتساؤل ما إذا تحوّل بقاء الانقسام إلى هدف بحد ذاته، وقد يعتبر البعض استمراره إنجازاً فصائلياً. ليس مطلوباً من أحد أن يقدم المزيد من المبادرات، التي لم تبق فكرة إلاّ وتضمنتها، وكلها تصطدم بالحسابات الفصائلية الخاصة، والخيارات الخاصة. تمعن السلطة في اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية لسكان قطاع غزة، ولحركة فتح في قطاع غزة، دون أن تحقق المرجو منها في معاقبة حماس وإرغامها على العودة إلى حضن السلطة.

وحين تحتاج إلى مساعدة خارجية تذهب إلى تركيا وقطر، للتدخل من أجل الضغط على حماس لإقناعها بالتنازل لصالح تحقيق المصالحة، الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً فوق تعقيداته.
كيف يمكن أن يتوجه خطاب التدخل بالمساعدة لتركيا، ويتم القفز عن القاهرة، التي أشار وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إلى أن السلطة أودعت عندها ملف المصالحة؟
أليست العلاقة مع تركيا وقطر، خياراً سياسياً لا يتوقف على ملف المصالحة، الذي بذلت لتحريكه هذه الدول جهوداً كبيرة لكنها انتهت إلى الفشل؟

في المقابل، حددت حماس خيارها في الاتجاه المعاكس فهي ذاهبة بكل جدية وقوة نحو الالتزام بتفاهمات القاهرة وما بعد القاهرة، حيث تجد فيها إمكانية لتحقيق مصالحها، حتى لو غضبت قطر وتركيا، ولأنها وفق حساباتها لا تجد عند السلطة، والمنظمة ما يحقق لها أهدافها في حال أخذت طريقها نحو المصالحة.

 كذلك فإن ثمة مخاوف حقيقية في ضوء كل هذه العوامل، لأن تتحول صفقة القرن إلى صفعة القرن، وحيث يمكن أن تأتي الكلمات للفلسطينيين من أطراف عديدة، وكل ذلك بسبب سوء السياسات الفلسطينية ورداءة الخيارات والأداء، وبحيث تأتي الصحوة، بعد أن يكون القطار قد وصل محطته الأخيرة، وحيث لا ينفع الندم، ولا يشفع التاريخ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة القرن أم صفعة القرن صفقة القرن أم صفعة القرن



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday