قبل أن يقع الفأس في الرأس
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

قبل أن يقع الفأس في الرأس

 فلسطين اليوم -

قبل أن يقع الفأس في الرأس

بقلم :طلال عوكل

إذا كان ثمة من لا يزال يعتقد بأن السلام يحظى بفرصة، فإن ما تتعرض له مدينة السلام، يقفل أية فرصة أمام السلام. البوابات الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل على بوابات المسجد الأقصى، تنطوي على رمزية أبعد من المسجد الأقصى، فلقد دأبت حكومة نتنياهو على وضع مثل هذه البوابات أمام عملية السلام، وأمام كل المبادرات، التي يحدو أصحابها أمل في أن تعيد فتح تلك البوابات أمام السلام. كانت إسرائيل ستفعل ما تفعله بوجود أو عدم وجود مبرر لكنها استغلت أبشع استغلال عملية قتل الشرطيين الإسرائيليين، اللذين كان وجودهما في باحات المسجد الأقصى يشكل استفزازاً ويستدعي ردود فعل مشابهة. في الخفاء الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، متفقة على ضرورة إبقاء الحرم القدسي مغلقاً، والاختلاف في النبرة، بين من يقول بفتحه على نحو متدرج ومن يدعو لمواصلة إغلاقه ان هو إلاّ تضليل وتلاعب دبلوماسي. الحرم القدسي مغلق فعلياً منذ يوم الجمعة الماضي، على الرغم من أن عدداً من الدول العربية بما في ذلك مصر والسعودية والأردن، اتخذت مواقف علنية مهمة. 

لا تصاب دولة الاحتلال بأي مستوى من الحرج، فهي ستقول إنها تواجه الإرهاب، العدو الآثم الذي تتفق الدنيا على مواجهته وأن ما تقوم به من إرهاب يستهدف حماية أمن المصلين، وضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، تتجاهل إسرائيل أن حكومتها أوكلت مهمة الإشراف على الحرم القدسي لبلدية القدس، التي لم تبق لدائرة الأوقاف أية فعالية. وسيقول نتنياهو إنه أصدر أوامره بفتح المسجد الأقصى أمام المصلين بعد يومين من إغلاقه وأن المشكلة تكمن في رفض سدنة الحرم، والمصلين، الدخول إليه من البوابات الإلكترونية. لن تتراجع إسرائيل، طالما أن معركة الحرم المقدسي انفتحت، فهي منذ زمن تتبع سياسة منهاجية يحذر الكل من أنها تستهدف فرض واقع التقسيم المكاني والزماني على الحرم. المرابطون والمصلون، يواصلون أداء صلواتهم خارج البوابات الإلكترونية، ويرفضون الإجراءات الإسرائيلية ذلك أنهم يعرفون حق المعرفة أن تلك البوابات ستكون بوابات عار، وبوابات للحط من كرامة من يُسمح له بالدخول.

حين تطلق الشرطة الإسرائيلية عيارات نارية أو مطاطية وتصيب شخصيات مهمة من مستوى الشيخ عكرمة صبري والدكتور مصطفى البرغوثي، إضافة إلى بعض الصحافيين فإنها توجه رسالة لكل المتدخلين بأنها جادة ومستمرة في سعيها لفرض أهدافها. وبصراحة فإن إسرائيل لا تستهدف فقط حسم معركة القدس، وإنهاء ملفها بالطريقة التي تناسبها، وإنماً، أيضاً تسعى لإثارة غضب الفلسطينيين، الى الحد الذي يجعلها تواصل التحريض على السياسة الفلسطينية وتعتبرها السبب في تعطيل الجهد الأميركي الهادف لاستئناف المفاوضات.

إزاء ملف القدس، والعبث الإسرائيلي فيه، أطراف عديدة تتحمّل المسؤولية عن كل ما يجري في هذا الملف. الولايات المتحدة على رأس هذه الأطراف وليست أولها. من الواضح أن نوايا ومبادرات الولايات المتحدة تخضع لاختبار صعب آخر، إذ هي حتى الآن لم تستطع تجاوز عقبة الاستيطان الإسرائيلي المتواصل بكثافة، ولو كانت الإدارة الأميركية جادة فيما تدعي أنها ترغب في تحقيقه لكانت تدخلت بقوة لدى حكومة نتنياهو لوقف ما يجري. غير أن ما يجري يشكّل، أيضا اختبارا قويا لمصداقية العلاقات الأميركية والعربية والإسلامية، تلك العلاقات التي شهدت تطوراً مدهشاً إثر زيارة ترامب للرياض، والحصاد الذي عاد به. وعلى الجانب الآخر فإن الموقف الأميركي المتخاذل، والمتواطئ على ما تقوم به إسرائيل، يؤكد من ناحية الأولوية المطلقة للعلاقة مع إسرائيل على حساب أية أطراف أخرى، الأمر الذي يضع السياسات العربية والإسلامية أمام اختبار صعب، أيضاً.

كالعادة، يكثر العرب والمسلمون من التصريحات والإدانات، لكن إسرائيل تسمع بدون أي اهتمام طالما، أن الأقوال في واد والأفعال في واد آخر. لقد أهمل العرب والمسلمون موضوع المعركة الدائرة منذ زمن في القدس وعليها، وأكثروا من المؤتمرات والمسمّيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم يبق أمامهم سوى البكاء على الأطلال والبحث عن ذرائع لتبرئة الذمم.

والآن هل يمكن لفلسطيني أن يتنصل من المسؤولية؟ إن كان هناك من يدعي أنه لم يتأخر عن القيام بمسؤولياته تجاه القدس فليسأل مؤسساتها الوطنية، وليسأل سكانها، وأزقّتها ومعالمها التاريخية. مرة أخرى لا بد من التذكير بالنتائج التي جرّها الانقسام الفلسطيني على كل الملفات التي تتعلق بالحقوق الوطنية.

لم يعد الحديث مهماً عمن يتحمّل المسؤولية عن استمرار الانقسام، طالما أنه قائم ويتعمّق يوماً بعد الآخر، ويتسبّب في المزيد من المعاناة واليأس والإحباط للجماهير الفلسطينية. في هذا الإطار يتوجب التحذير من أي تصعيد ذات طابع عنفي، لأن ذلك سيعجِّل من تحقيق إسرائيل لأهدافها في السيطرة على المسجد الأقصى، وربما تستغله إسرائيل في التعجيل بمخططاتها التوسعية في الضفة الغربية. مطلوب إطلاق طاقة الشعب، في كل الأراضي المحتلة، لمواجهة الاحتلال بالوسائل السلمية. الوضع يشكل اختباراً للقيادة السياسية، بل للقيادات التي عليها أن تضع خلافاتها ومخاوفها وحساباتها جانباً، لخوض المعركة بكفالة وطنية جامعة. لا يجوز أبداً أن تخضع حسابات المواجهة الراهنة لحسابات الأوضاع التي أدت إلى تراجع انتفاضة السكاكين، والتي لعبت السياسة الفلسطينية الرسمية، ولعب الانقسام دوراً بارزاً في وأدها، انطلاقاً من حسابات غير صحيحة.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل أن يقع الفأس في الرأس قبل أن يقع الفأس في الرأس



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday