من بين أسباب الموت اختار الختيار الشهادة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

من بين أسباب الموت اختار الختيار الشهادة

 فلسطين اليوم -

من بين أسباب الموت اختار الختيار الشهادة

بقلم : طلال عوكل

ما من شك أن أبو عمار اختار الرحيل شهيداً على أن يمضي على فراش المرض، أو وفق شريعة الزمن، أو أن يباغته ملك الموت. 

لكننا نشك كثيراً في أنه كان سيختار الطريقة أو التوقيت الذي سجل نهاية حياته. ربما كان الشهيد عرفات، يتوقع أن الطلقة ذاتها التي أسقطت شريكه في عملية السلام اسحق رابين، هي ذاتها التي تضع حداً لرواد مسيرة أوسلو، على أمل أن تتبخّر هذه العملية مع رحيل فرسانها. 

وأجزم، أيضاً، أن الشهيد أبو عمار كان يعرف غريمه وقاتله سلفاً، وهو أكثر من عرف، كم من المحاولات التي دبرتها إسرائيل لاغتياله منذ وقت مبكر، وقبل أن تطأ قدماه أرض فلسطين. 

ربما لكثرة المحاولات، يطلق عليه البعض عنقاء فلسطين، وبعض آخر يعتبره بسبع أرواح أو أكثر، وبخاصة بعد سقوط وتحطم طائرته في الصحراء الليبية.

عرفات لم يخشَ يوماً أن تكون نهايته على يد واحد من أبناء شعبه، وفيهم من ناصبه العداء، والكره، لكنه كان يعرف أن مثل هذا العمل المجرم لا يصدر عن فلسطيني؛ لذلك ما عاد ضروريا أن تتابع لجنة التحقيق، البحث عن قاتل عرفات الذي قضى بسم نادر، إسرائيل واحدة من الدول التي تمتلكه وهي صاحبة المصلحة الحصرية في إنهاء حياته.

لقد صدر حكم الشعب الفلسطيني في التعريف بالقاتل ولا أظن أن أي لجنة يمكن أن تصل إلى استنتاج مغاير. 

لا داعي إذاً لمتابعة المختبرات الروسية أو الفرنسية، أو السويسرية أو غيرها إلاّ فقط من أجل توفير الأدلة المادية التي تؤكد حكم الشعب. 

والسؤال هو حتى لو أن أي طرف، تجرّأ على الممانعات القوية التي توفرها الولايات المتحدة وإسرائيل، وقدم مثل هذه الدلائل، فهل سيؤدي ذلك إلى محاكمة المحتل المجرم. 

بيد الفلسطينيين، ملفات طافحة بالأدلة الدامغة، التي تدين إسرائيل بارتكاب الكثير من جرائم الحرب، لكن ثمة من يقف بالمرصاد ليمنع مثل هذه المحاكمة، التي ربما لا تتم إلاّ في جلسة المحاكمة النهائية والأخيرة لاحتلال عنصري، لا يأبه بأحكام التاريخ وتغيرات الزمن.

خلاصة الأمر أن عرفات قضى بقرار إسرائيلي أميركي ابتداءً، وبمعرفة وتواطؤ العديد من المراكز الدولية، وربما بعضها عربية. 

إذا كانت الرصاصة التي قتلت رابين، قد أرادت إنهاء اتفاقية أوسلو مبكراً ومن طرف واحد، فإن من وقفوا وراء القاتل أرادوا، وربما توقعوا، أن يعلن عرفات الاستسلام للمخططات الإسرائيلية التي تنهي أصغر حلم لدى الفلسطينيين.

لكن عناد الزعيم الراحل، وتمسكه بقضيته وحقوق شعبه وثباته في أرض الميدان، وتحركه الذي لا يتوقف لحظة، هو الذي قاد القتلة إلى أن يضعوا حداً لحياته ولدوره.

إن لم أكن مخطئاً فإن قرار إنهاء حياة الزعيم عرفات، قد صدر بعد فشل المفاوضات في تموز من العام 2000 في كامب ديفيد، والتي خرج منها عرفات رافعاً صوته الجهور بالرفض للمشاريع التي طرحها الثنائي الأميركي بيل كلينتون، والإسرائيلي ايهود باراك. 

حين عاد من كامب ديفيد استنجد عرفات بشعبه الذي خرج بصوت واحد، يرفض ما رفضه الزعيم، ويوفر له الحماية والدعم والتأييد الواسع. 

عاد عرفات من كامب ديفيد، ليقود انتفاضة شعبية اجتاحت كل أنحاء الوطن الفلسطيني، وتوحّدت فيها كل القوى، والفصائل والفئات الشعبية، وحين استخدمت إسرائيل آلتها الحربية لقتل وجرح مئات الفلسطينيين، أراد عرفات أن يقول لهم ولغيرهم إنه ليس أسير الخيار الواحد، أي خيار المفاوضات والبحث عن التسوية لانتزاع الحقوق. 

أراد أن يقول إنه يمكن أن يعود أدراجه الأولى حين امتشق السلاح في العام 1965، وأن يبدأ من جديد، فدعم تشكيل كتائب شهداء الأقصى ومنحها الغطاء السياسي والمادي.
 
لا شك أن عرفات الحذر وصاحب الرؤية الثاقبة، كان يدرك النتائج المترتبة على ما أقدم عليه من موقف ومن فعل، لكنه ما كان يتوقع أن يقضي شهيداً بالطريقة التي تم استخدامها. 

في كل الأحوال، كان سيصمد وسيقود من عرينه في المقاطعة المعركة، وهو واثق أن شعبه لن يبخل عليه وعلى القضية بمزيد من التضحيات. 

لم يخذل الشعب زعيمه رغم كل التباينات والاختلافات، ولكن إذا جاز لنا أن نشير بإصبع الاتهام لمن خذلوا الرئيس، فهم أولئك الذين اجتمعوا في بيروت، تحت قبة القمة العربية، الذين أشاحوا بوجوههم عنه، واكتفوا بأن يلقي كلمته في القمة من خارج القاعة. 

أبو عمار القائد والرمز والرئيس يستحق أن يتحوّل قبره إلى مزار، وأن يُقام باسمه متحف، وأن يحظى كل عام في ذكرى استشهاده بخروج الملايين إحياءً لذكراه. 

عرفات هو صاحب الطلقة الأولى، ومفجّر الثورة، والقافز بمنظمة التحرير الفلسطينية فوق الحسابات الاستخدامية العربية، حتى باتت عنوان الهوية، وعنوان وحدة الشعب والتمثيل الحصري.

وإذا كان المجال لا يتسع، ولا تتسع كتب لاحتواء مميزات الرجل ودوره على مدار نحو خمسين عاماً، فيكفيه أنه صانع العجب الذي اسمه حركة فتح العصية على الذوبان. 

لقد أدرك عرفات أن كلمة فلسطين أقوى من كل الأيديولوجيات وأقوى من كل النظريات، وهي التي توحِّد المختلفين حد التناقض، فكانت فتح تستحق أن تكون أم الوطنية الفلسطينية، وقائدة حركة التحرر الفلسطينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بين أسباب الموت اختار الختيار الشهادة من بين أسباب الموت اختار الختيار الشهادة



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday