أميركا لم تغلق الملف بعد
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

أميركا لم تغلق الملف بعد

 فلسطين اليوم -

أميركا لم تغلق الملف بعد

بقلم-طلال عوكل

من المرات القليلة، التي تلجأ فيها الولايات المتحدة، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتمرير قرار، لم تنجح في تمريره من خلال مجلس الأمن، حيث تتوقع "فيتو" من قبل روسيا أو الصين، أو انها تفشل في الحصول على أغلبية من قبل الأعضاء غير الدائمين في المجلس.

الكبرياء المزيف للدولة العظمى، والاستهتار بمواقف وأدوار الدول الصغيرة والضعيفة، التي تتشكل منها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا تجعل الولايات المتحدة، مستعدة للذهاب إلى هناك، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، وحقوق الفلسطينيين.

ساحة الجمعية العامة، هي ساحة الفلسطينيين بامتياز، وفيها يحرز الفلسطينيون الإنجاز تلو الآخر، وبأغلبية متزايدة، كما حصل مؤخراً عند التصويت على القرار الايرلندي، الذي يؤكد الحقوق الفلسطينية وحصل على تصويت من قبل 156 عضواً.

خلال التصويت على القرار الأميركي بإدانة حركة حماس والجهاد، حاولت الولايات المتحدة اقتحام القلعة، واستخدمت كل ما بحوزتها من إمكانيات الضغط والابتزاز، لكسر المعادلة، مستغلة رهاب الإرهاب الذي يجتاح العالم، وباعتبار أن المقاومة الفلسطينية المسلحة، هي شكل من أشكال الإرهاب، وتستغل الولايات المتحدة، ارتباط ظاهرة الإرهاب بالجماعات الإسلامية، ولكون من يتصدر هذه المقاومة في فلسطين، حركات إسلامية متجاهلة أن ثمة حركات، وجبهات غير إسلامية تتبنى وتمارس هذا الشكل من أشكال المقاومة وإن كانت بفعالية أقل.
الغريب في الأمر أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتحدثان عن انتصار عبر عنه التصويت. إسرائيل تعتبر أن تصويت 87 دولة لصالح القرار الأميركي يشكل تقدماً كبيراً، بالقياس لعديد القرارات، المتعلقة بالشأن الفلسطيني، التي لم يقف مع إسرائيل فيها إلاّ عدد قليل من الدول. الفلسطينيون، أيضاً، يتحدثون عن انتصار الدبلوماسية الفلسطينية في إفشال القرار الأميركي، الذي لم يحصل على نسبة الثلثين المطلوبة لتمريره. لكن الطرفين، أيضاً، مهزومان بمعنى أو بآخر، فلقد فشل القرار الأميركي لكنه حاز على موافقة عدد كبير من الأصوات، وفشل الطرف الفلسطيني في تحجيم التصويت لصالح القرار الأميركي، بحصوله فقط على 57 صوتاً ضد القرار الأميركي.
يشعل هذا التصويت الأضواء الحمر كلها، فالولايات المتحدة كما يقول رياض منصور، المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة ستعاود طرح القرار على الجمعية العامة، ما يعني أن الولايات المتحدة ستشتغل بقوة وتستخدم إمكانيات أكبر في الضغط على الدول التي لم تصوت لصالح القرار. ليس هذا وحسب بل ان حصول القرار الأميركي على هذا القدر من الأصوات، ينطوي على خطورة بالغة من حيث إنه يعكس موقف الرأي العام الدولي، خصوصاً الفاعل منه، إزاء الحق الفلسطيني في ممارسة كافة أشكال النضال التي تجيزها مواثيق الأمم المتحدة. وبالتأكيد فإن إسرائيل ستستغل هذا المناخ الدولي، للتغطية على جرائم يمكن أن ترتكبها بحق الفلسطينيين، بالادعاء أنها تواجه "الإرهاب"، وهذه المواجهة "للإرهاب" لا تستدعي وجود مبررات أو ذرائع، ولا تلتزم بتوقيتات محددة، إلاّ ما تراه إسرائيل مناسباً.
في الواقع علينا أن نفصل بين تصويت على شكل من أشكال النضال وهو المقاومة المسلحة، وبين التصويت على الحقوق المتعلقة بالقضية الفلسطينية على الرغم من أن أي مساس بالحق الفلسطيني الشرعي بممارسة شكل المقاومة المسلحة لإنهاء الاحتلال، إنما يشكل مساساً بحق تكفله الشرعية الدولية لكل شعب يقاوم احتلالاً.
مخطئ جداً، ولا يفهم ألف باء السياسة من كان يعتقد من الفلسطينيين أو غيرهم، بأن منظمة التحرير الفلسطينية، وجهاز الدبلوماسية الفلسطينية يمكن أن يتهاونا في مواجهة مثل هذا القرار الأميركي، انطلاقاً من حسابات الانقسام.
لقد تصرفت المنظمة والدبلوماسية الفلسطينية من واقع التزامها العميق ومسؤوليتها إزاء الوطنية الفلسطينية، وموجبات الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وقد اجتهدت في إفشال القرار الأميركي، ونجحت في ذلك وستفعل ذلك مجدداً في كل مرة. لم يكن ذلك السلوك، مجرد عربون أو رسالة إيجابية، نحو "حماس" أو "الجهاد"، تنتظر مقابلاً لها بالعلاقة مع المساعي الجارية والمتعثرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
بعد وفي ضوء مجريات ونتائج التصويت ننتظر أن يتعلم الآخرون مدى أهمية الانطلاق من أرضية الوطنية الفلسطينية في النظر للعلاقات الداخلية ونحو تغليب التناقض الرئيسي على التناقضات الثانوية فالأولى تحل من خلال النضال بكل أشكاله، أما الثانية فلا حل وطنياً لها إلاّ من خلال الحوار، والصدق في بناء الشراكات.
لا يكفي تقديم الشكر، للرئيس، أو للدكتور رياض منصور على فعل واجب بحكم الالتزام الوطني، وإنما الأهم القراءة العميقة، لأبعاد الحدث من كافة جوانبه، واستخلاص الدروس والعبر، التي أولها يشير إلى مدى أهمية الشرعية، والمؤسسة الوطنية الجامعة، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات، ذلك أن التواجد خارج هذه المؤسسات، ينطوي على مخاطر ليس على القضية وحسب وإنما، أيضاً، على الوجود والدور.
في هذا السياق لا بد من ملاحظة أن ما كان صحيحاً بالأمس قد لا يكون صحيحاً اليوم، أو غداً، فقد تتبدّل الحسابات، فتكون المقاومة هدفاً وواحداً من استحقاقات، تسريع "صفقة القرن" التي يستعجل الإسرائيليون فرضها بالاستفادة القصوى من وجود رئيس أميركي من هذا النوع.
إن الوقت من ذهب فعلاً، ذلك أن العام القادم الذي أصبح على الأبواب، هو عام الحسم، عام التطورات الكبيرة في المنطقة، ارتباطاً بصفقة القرن، الأمر الذي يستوجب الاستعجال في ترميم البيت الفلسطيني لحماية الكل الفلسطيني.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا لم تغلق الملف بعد أميركا لم تغلق الملف بعد



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday