حكومة «جديدة» في قصر الفراغ
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

حكومة «جديدة» في قصر الفراغ..

 فلسطين اليوم -

حكومة «جديدة» في قصر الفراغ

بقلم طلال عوكل

في عصر الهزيمة العربية الشاملة، سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وثقافياً، يصبح «تحرير حلب» من سيطرة العصابات التكفيرية المسلحة، أمثال «داعش» و «جبهة النصرة» وغيرهما من مستولدات «القاعدة» إنجازاً تاريخياً!..

بالمقابل يصبح إنجاز أول حكومة جديدة في «العهد الجديد» شكلاً العتيق مضموناً، حدثاً تاريخياً باهراً يستوجب الاحتفال وإقامة حلقات الدبكة وحفلات الزجل وإطلاق النار في الهواء، وإن أصاب الرصاص الطائش بعض العابرين المثقلين بهموم حياتهم بحيث لا يعنيهم مثل هذا الحدث الخطير الذي سيحوّل المجهول معلوماً والنكرات إلى «أصحاب المعالي»..

اكتمل نصاب «الدولة» التي يمنع نظامها الفريد قيامها فعلاً، وإن ظلت طبقتها السياسية حريصة على استكمال الشكل، كلما أمكن، ولو بقليل أو كثير من التأخير، وبتمديد واحد أو ثان وربما ثالث في مؤسسة التشريع... فأن يحكم الفراغ فيفاقم الفساد الذي يشارك فيه الجميع من دون الخشية من حساب أو عقاب، أفضل من تحديد المسؤوليات وإدانة المرتكبين الذين يشكلون مجلس إدارة الفساد في وطن الأرز.

... وتسألون عن الدولة؟! انظروا، بداية، من حولكم ودلونا على دولة كالتي تقرأون عنها أو تشاهدون انتخاباتها الرئاسية بكل الفضائح الجنسية والمالية لمسؤوليها، بدءاً من أميركا العظمى إلى بريطانيا التي خسرت عظمتها، إلى فرنسا التي تكاد مراكز الحكم فيها تتحول إلى «غارسونيرات» وأوكار اختلاس وصفقات مشبوهة، وإلى إيطاليا الجميلة التي حكمها ذات يوم رئيس حكومة لا يعرف عدد عشيقاته والذي استقبل جمال القذافي بالنشيد الوطني..

كل ما يجري في لبنان طبيعي.. فلماذا تستهجنون أن يكون الوزير لصاً، وأن يكون النائب واحداً من «الهتيفة» يمثل ضمير الشعب، وأن يدخل الأصهار والأقارب والأنسباء المخلصون نعيم الحكم؟ أليس لكل دولة رجالها وحاشيتها وبطانتها ومستودع أسرارها؟
حلب الشهباء كانت تحت احتلال العصابات المسلحة، وقد اضطر وضعها الحرج ان يشارك في تحريرها واستعادتها مثخنة بالجراح، إضافة إلى الجيش العربي السوري، من جاء من الخارج البعيد والقريب، كروسيا وإيران والعراق ولبنان، حتى لا يتمكن الإرهاب من تدميرها بتاريخها المضيء كأعرق مدينة على وجه الأرض وأغنى ديوان شعر يختال فيه المتنبي أمام سيف الدولة هازم الصليبيين وباني قلعتها التي استعصت على أبي فراس الحمداني فوقف دونها ينادي حبيبته الأميرة فلا تسمعه، فيحوّل شعره إلى رثاء للعشاق والمغرمين؟!
... وبيروت الأميرة خرجت من أيدي أهلها لتتحول إلى سوق لمن يملكون الذهب يشترون أرضها وبحرها وسماءها، وإلى ملاه ومقاه وعلب ليل وقد كانت معرض الأفكار ومنبر الشعر والكلمات التي تقتل العتمة وتضيء الطريق إلى المستقبل.

هو رئيس جديد ـ قديم. وهي حكومة جديدة ـ قديمة. ومجلس قديم قديم ـ وإدارة تدار من خارجها.. في بلد جميل يراد تحويله إلى مركز للربا ووكر مخدات ودار استراحة للمرابين وطلاب اللذة ومستوردي مغني جلسات السمر بالراقصات العرايا، مقدمي جوائز الثقافة شعراً ونثراً ورواية، مصادري موقع لبنان الإشعاع بعدما أطفأت طبقته السياسية مصابيحه ومفكريه ومبدعيه فهجرت معظمهم ممن رفضوا بيع أقلامهم وعرض نتاجهم الفكري والأدبي في سوق النخاسة..

يطلقون الوعود كبالونات ملونة في أعياد الميلاد تبهرج الجو للحظة من دون أن تغيّر المضمون.. فالأعياد مرتهنة للمصارف، والفرح غادر البلاد مع شبانه الذين لم يجدوا مستقبلهم فيه فهجوا إلى حيث يبيعون شهاداتهم المكتوبة، بعرق جباه آبائهم وذهب أساور أمهاتهم، وهم ـ على الأرجح ـ لن يعودوا، حارمين بلادهم من كفاءاتهم التي تحتاجها لبناء مستقبلها.

العهد جديد بدليل أن سيدة قد أدخلت الحكومة، خلسة، لعلها تجبر زملاءها أصحاب المعالي على تهذيب كلماتهم التي تخدش الحياء الوطني، والتستر على ارتكاباتهم التي لا تجسد من يحاسب عليها.

وإنه لإنجاز تاريخي: فلقد تم تشكيل الحكومة بسرعة قياسية، وبعد جلسات مقاصة وإعادة توزيع المغانم، واستنقاذ ماء وجه العهد الجديد بإعطائه كوتا وزارية حرزانة مقابل استرضاء بعض الذين سبقوا إلى مناصرته فباعهم قبل صياح الديك..

هي حكومة. مجرد حكومة في قصر الفراغ محروق المدخل، ستمثل أمام مجلس النواب المغلق على الفراغ، لتسلي الشعب عن أحزانه وتعده بما لا تستطيع إنجازه وان توزع جيش وزرائها ألقاب أصحاب الدولة والمعالي «لتحرير» ما تبقى من ثروة البلاد والعباد.
عشتم وعاش لبنان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة «جديدة» في قصر الفراغ حكومة «جديدة» في قصر الفراغ



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday