ليست نهاية التاريخ
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

ليست نهاية التاريخ

 فلسطين اليوم -

ليست نهاية التاريخ

بقلم: طلال عوكل

ليس للإسرائيلي أن يشعر بالاستقرار والطمأنينة والأمن طالما أن الفلسطيني يعاني استمرار الاحتلال، بكل مواصفاته البشعة والإجرامية. الفلسطيني والإسرائيلي طرفان في معادلة واحدة، فكل وجع يصيب طرفاً فإنه بالتأكيد سيصيب الطرف الآخر، ويخل بالمعادلات الطبيعية. واضح أن إسرائيل تنجح في فرض مخططاتها التي تتعارض مع كل ما هو طبيعي ومنطقي على الكرة الأرضية، وتعتمد في ذلك على جملة من العوامل، أولها استخدام كل وسائل الإرهاب والقمع والعقاب الفردي والجماعي، وإنكار الحقوق التي أقرتها الأمم المتحدة وحظيت بموجبها إسرائيل بالشرعية الدولية عند إعلان قيام الدولة عام 1948. لكنها، أيضاً، تعتمد كلياً على الولايات المتحدة في حماية نفسها من العقاب، خصوصاً وقد وصلت السياسات الأميركية في عهد ترامب إلى مستوى متقدم جداً من التطابق مع السياسات والاستراتيجيات والأهداف الإسرائيلية.

وتستغل إسرائيل أيّما استغلال الظروف التاريخية الصعبة والمعقّدة التي تمر بها الأمة العربية، وفي الأصل فإنها مع الولايات المتحدة، تشتركان في خلق وتعظيم المصائب الكبرى التي تعاني منها الأمة العربية منذ العام 2010. وإسرائيل التي لعبت دوراً أساسياً في وقوع الانقسام الفلسطيني، وتواصل العمل بكل قوة لإدامته، تستغل هذه الحالة الخطيرة والبائسة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية ونظامه السياسي.
لكن إسرائيل مع كل ذلك، لا يمكنها أن تحقق الحد الأدنى من الاستقرار والشعور بالأمن والأمان، طالما أن الشعب الفلسطيني موجود على أرضه وفي كل أرض، ويواصل إبداعاته في المقاومة، واقتحام موسوعة غينيس، بمفردات ومصطلحات جديدة.

حين انفجرت الانتفاضة الشعبية الكبرى عام 1987، لم تكن الظروف الاجتماعية والكفاحية للفلسطينيين، سيئة إلى الحد الذي ينبئ باندلاع انتفاضة تستمر لسبع سنوات، الانتفاضة الثانية عام 2000 كانت لها أسبابها ودوافعها، لكن أحداً لم يكن يتوقع أن تكون دامية ومرهقة جداً بالنسبة للإسرائيليين كما كان الحال إبان تلك الانتفاضة.

الحديث عن الانتفاضات لا يحملنا وزر تقييم مجرياتها ونتائجها وما إذا كانت حققت أهدافها وأي أهداف، لكنها نقلت الوضع الفلسطيني إلى وضعية أخرى، فمن الصاروخ البدائي، إلى ترسانة من الصواريخ والإمكانيات الكبيرة والإبداعية التي تملكها فصائل المقاومة، حتى أخذ يرتفع الصوت بالحديث عن الردع والردع المقابل.

منذ الثلاثين من آذار هذا العام، اختلفت وسائل التعبير عن الفعل الفلسطيني في المناسبات التقليدية، التي تطفح بها الرزنامة، حيث تتقارب المسافات الزمنية بين كل مناسبة والتي تليها.
جربت إسرائيل قدرتها على مواجهة الإرادة الشعبية الفلسطينية حين حاولت تغيير وضعية المسجد الأقصى، وفرض السيطرة عليه، لكنها فشلت وارتدت على أعقابها، ولكن دون أن تتراجع عن مخططاتها، حيث تزايدت الموجات التي تقوم بها عصابات المتطرفين وحتى الرسميون وتحاول اقتحام المسجد الأقصى بصورة يومية.

حين تفشل إسرائيل تتقدم الولايات المتحدة، بالتعويض، وتقديم الحماية والدعم، فإذا كانت إسرائيل فشلت في معركة البوابات الالكترونية في المسجد الأقصى، فإن الولايات المتحدة تبادر لـ «منحها» القدس، وتتنطح بكل أشكال الابتزاز لتعظيم تلك الهدية من خلال إرغام دول أخرى على نقل سفاراتها إلى القدس.

قبل يومين مرت الذكرى الواحدة والخمسون لهزيمة حزيران عام 1967، تلك الهزيمة التي شكلت نقلة نوعية من حيث أنها كانت المقدمة، لحرب تشرين 1973، كآخر الحروب العربية الإسرائيلية، وخروج الجيوش النظامية من معادلة الصراع، ومن حيث أنها شكلت البداية للنهوض الوطني الفلسطيني وتبلور الهوية الوطنية وتقدم الفلسطينيين نحو تحمل المسؤولية الأولى عن قضيتهم.

وبالنظر لنتائج تلك الهزيمة، وبعد عقود من الصراع، وعقود من البحث عن الحقوق الوطنية، من خلال المفاوضات، يصل الفلسطينيون إلى محصلة تشير إلى أن الصراع مع الاحتلال والأطماع الصهيونية يعود إلى بداياته بل يتجاوزها، لأن تلك الأطماع لا تقف عند حدود احتلال كل أرض فلسطين التاريخية، بل تتعداها نحو توسيع هذه الأطماع لتشمل المحيط العربي القريب والبعيد.

لا تدرك إسرائيل أن ما تحظى به من نجاح في هذه المرحلة لا يشكل نهاية التاريخ، وأن الوقائع ذاتها التي تجعل قادتها يشعرون بالنصر، هي ذاتها التي تؤشر إلى بداية مرحلة التراجع التاريخي للمشروع الصهيوني.

لا نقصد أن الحراك الشعبي السلمي المبدع شرق قطاع غزة، وما تسببه الطائرات الورقية وغيرها من الإبداعات الشبابية، على أهمية ذلك، هو ما يبرر لنا الاستنتاج ببداية أفول نجم الصهيونية، فالمسألة تتجاوز ذلك حتى لو أن مثل هذه الإبداعات تؤكد على حقيقة أن الشعب الفلسطيني قادر على خلط الأوراق، وقلب الطاولة على الكل.
الأساس أن إسرائيل ربطت مصيرها بمصير الولايات المتحدة، حتى أخذتها معها إلى عزلة دولية متزايدة، يضاعف خطورتها السياسات الحمقاء التي تديرها الطغمة الصهيونية المتأمركة في البيت الأبيض الأميركي.

سيصحو الأميركيون يوماً لكي يتساءلوا بغضب عن علاقات بلادهم مع دول العالم وتجمعاته بما في ذلك أقرب الحلفاء التاريخيين، وأبناء جلدتهم الرأسمالية الاستعمارية فلا يجدوا حتى إسرائيل التي ستبحث عن حليف آخر يتبناها.

أميركا ترامب تتصرف بحماقة واستفزاز شديد، مع الأعداء والحلفاء، بل إنها تلحق الكثير من الأضرار الاقتصادية بحلفائها الأقربين، فإن جاءت لحظة المواجهة مع من تعتبرهم أميركا أعداءها الحقيقيين، فإنها لن تتمكن من إعادة بناء الثقة والشراكات مع من سايروها في حروبها السابقة، دون أن يحصلوا على الحد الأدنى من المكافأة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليست نهاية التاريخ ليست نهاية التاريخ



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday