متى ينفجر برميل البارود
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

متى ينفجر برميل البارود؟

 فلسطين اليوم -

متى ينفجر برميل البارود

بقلم : طلال عوكل

أخيراً، يتمم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعوده التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية وبدت في ذلك الحين على أنها مجرد وسيلة لاستقطاب الناخبين. سلسلة من القرارات الجذرية اتخذها ترامب، تقلب الطاولة تماماً على أهم الإنجازات التي يعتد بها الرئيس السابق باراك أوباما، وكأنه ينتقم للسياسة الأميركية التي أدارها أوباما خلال ثماني سنوات.

أولها إلغاء قانون أوباما كير، ثم قراره بشأن الهجرة، والحدود مع المكسيك، ثم الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وإلغاء اتفاقية التجارة، عبر المحيط. وفيما يتعلق بالشرق الأوسط يتخذ قراراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ويقرر نقل سفارة بلاده إليها، في مناسبة فارقة حيث تحتفل إسرائيل بما تدعي أنها ذكرى استقلالها، فيما هي ذكرى وقوع النكبة بالنسبة للشعب الفلسطيني. ويمضي ترامب نحو شطب حق العودة للفلسطينيين من خلال شطب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ويقرر أن الاستيطان في الضفة الغربية شرعي وأمر واقع لا يمكن تجاوزه، وأخيراً يعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية ستة زائد واحد مع إيران. لا تتوقف السياسة الأميركية عند هذه الحدود، بل تتجه نحو توتير علاقاتها مع حلفائها التاريخيين ونقصد الأوروبيين عبر جملة من القرارات التي تتعلق بالضرائب في التعاملات التجارية، والأمر ذاته مع الصين الذي يعتبرها ترامب مع روسيا الخطر الأول على الولايات المتحدة.

وكسياسة عامة، لم تعد الولايات المتحدة مستعدة، لتكبد تكاليف الدفاع عن حلفائها وأصدقائها الأوروبيين أو العرب، إذ إن على هؤلاء أن يدفعوا للولايات المتحدة تكاليف مساعدتهم وحماية أمنهم الاستراتيجي.

القراءة المستعجلة للسياسة الأميركية إزاء القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط عموماً، تقول إن الولايات المتحدة، تبنت بالكامل ومئة بالمئة السياسة والمخططات الإسرائيلية، بل أنها تتطوع لفرض تلك السياسات والمخططات عبر ما يسمى بصفقة القرن. لم يُبقِ ترامب مجالاً لأي طرف لأن يخطئ القراءة، فيواصل المراهنة على سياسة أميركية أو دور مختلف يمكن أن يزعج إسرائيل، أو يحد من تطلعاتها. إسرائيل هذه الأيام تعيش أفضل أوقاتها، وتتطلع إلى أن تستعيد الولايات المتحدة دورها العسكري وغير العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط لتشكل سنداً قوياً وحاضراً، لدعم السياسة العدوانية الإسرائيلية، وفتح الباب أمام تعزيز علاقاتها وتعاونها مع الدول العربية التي احتفلت معها بالقرار الأخير بشأن الاتفاق النووي الإيراني.

لا تتوقف إسرائيل عن التحرش بإيران وحزب الله والنظام في سورية على الأرض السورية، لإضعاف وإبعاد إيران عن الحدود معها، باعتبار ذلك يشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل ولكن ليس تهديداً وجودياً كما يقول وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.

القرار الأميركي بشأن البرنامج النووي الإيراني، يشكل مقدمة لعودة كل أنواع العقوبات ضد إيران، بأمل أن يؤدي ذلك إلى إسقاط النظام الإيراني، أي قطع رأس الأفعى، وليس ذيلها كما يقول مسؤولون إسرائيليون.

تسعى إسرائيل إلى مواصلة عملياتها العدوانية على سورية حتى تستدرج رداً تأخر كثيراً من قبل إيران وحزب الله، يؤدي إلى تصعيد كبير وربما اندلاع حرب على الجبهة الشمالية، يدفع الولايات المتحدة للتدخل وتوسيع دورها العسكري. من الواضح أن إيران تتصرف بهدوء وصبر، ذلك أنها أمام خيارين، فهي إما أن تطلق العنان لبرنامجها النووي بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، وإما أن تؤجل ذلك حتى تعمق التناقض بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الذين أعلنوا تمسكهم بالاتفاق.

من الواضح أن إيران تعطي الفرصة، للأطراف المتمسكة بالاتفاق لمعرفة مدى صلاحية هذا الخيار في التخفيف من وطأة العقوبات الأميركية التي  لن تتأخر كثيراً، فضلاً عن أنها تحتاج لبعض الوقت حتى تتمكن من الحصول على صفقة صواريخ اس 600، التي قدر ثمنها بستة عشر مليارا من الدولارات. إذا كان هذا ما تفكر به إيران، فإن الطرف الأميركي الإسرائيلي لن يعطي إيران مثل هذه الفرصة، فإما أن يجري الضغط على روسيا لكي تتراجع عن صفقة الصواريخ، وإما أنهما، سيستعجلان توسيع دائرة الحرب على الوجود الإيراني في سورية، إلى أن تجرها إلى حرب أوسع، أو أن تتلقى المزيد من الإهانات والمزيد من الخسائر. تكذب إسرائيل حين تدّعي أنها لا ترغب الدخول في حرب مع إيران ولكنها مستعدة لذلك، فالأمر مرتبط بقدرتها على تحريض الولايات المتحدة، حتى تبدي استعداداً عملياً، لتكثيف حضورها ودورها في هذا الصراع. في كل الأحوال فإن المنطقة مقبلة على حروب واسعة كان الأوربيون قد حذروا من وقوعها، وليس السبب أن ايران قادرة على امتلاك السلاح النووي أم لا، بقدر ما له علاقة بالتمدد الإيراني في المنطقة وما قد يشكله ذلك من خطر على إسرائيل إن لم يكن اليوم فغداً.

إلى ذلك فإن الجبهة الشمالية ليست الوحيدة المرشحة لوقوع حرب، فقد يسبقها عدوان واسع تقوم به إسرائيل على قطاع غزة، لقطع الطريق على مسيرات العودة الكبرى التي يحضّر لها الفلسطينيون في الرابع عشر والخامس عشر من الجاري، وللاستفراد بحركات المقاومة الموجودة في غزة، طالما أن إسرائيل تستبعد أن تبادر إيران إلى الحرب بسبب غزة.

في هذا السياق لا بد من مراقبة الموقف الروسي، وما إذا كان سيستمر في ضبط ردود الفعل الإيرانية إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، أم أنه مستعد لحماية حلفائه، وتصعيد التوتر مع إسرائيل، وحكماً مع الولايات المتحدة. المنطقة كلها تقف على فوهة بارود، ومقبلة على جملة من الحروب، التي تدخل في إطار التغيرات التي تحدث على جبهة النظام العالمي متعدد الأقطاب، وصراع المصالح بين الدول الكبرى ودول الإقليم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى ينفجر برميل البارود متى ينفجر برميل البارود



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday