المصالحة كمان وكمان
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

المصالحة كمان وكمان

 فلسطين اليوم -

المصالحة كمان وكمان

بقلم :طلال عوكل

أن تتم أو لا تتم المصالحة، لم يعد محل تساؤل أو شك، فلقد وقَّعَ الطرفان اتفاقاً يتضمن خارطة طريق لكيفية تنفيذ اتفاق القاهرة في العام 2011، غير أن التساؤلات لم تتوقف. لم يغير الفلسطينيون عاداتهم، إذ كان من المأمول أن يتم نشر ما تم الاتفاق عليه، خاصة وأنه ليس بحاجة إلى مصادقة من أي جهة. ما يتداول الناس، هو مجرد تسريبات تحتمل التفسير، وكأن الاتفاق وتنفيذه يخص شعباً آخر، أو أنه ينطوي على ما يدعو للخجل من قبل الذين وقَّعُوا عليه. كان من المأمول، أيضاً، أن يتلقى الناس الذين دفعوا ثمن الانقسام، اعتذاراً من الطرف والأطراف التي تتحمل المسؤولية، لكن هذا لم يحصل والأرجح أنه لن يحصل.

يعكس ذلك ضعف الاهتمام بالجماهير الفلسطينية أو أنه يعكس نظرة استعلائية لا تليق بالشعب ولا تليق بالقضية. ولأن مصالح المجتمع، وحاجاته، لا تقع في أولوية سلم الاهتمام الذي تتصدره مصلحة الفصيل، فبإمكان هؤلاء أن يتجاهلوا أو يتباطؤوا في تقديم بعض الإنجازات الملموسة للناس، الذين احتفلوا بتوقيع اتفاق المصالحة، ثم عادوا إلى بيوتهم ينتظرون. يحصل ذلك رغم كثرة الحديث عن الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، هذه المصلحة التي يعرفها كل فصيل وكل مسؤول وكل إنسان على طريقته الخاصة.

من المؤكد أن المسألة تخرج عن السياق التربوي، فلقد صبر الناس حتى عيل صبرهم، ولم يعودوا بحاجة إلى المزيد من الدروس والمواعظ، في كل حال فإن الامتحان قادم لا محالة، فبإمكانهم اليوم أن يقرروا ما شاؤوا من خلال الحوار والتوافق، وفي ذلك مصلحة للناس، لكنهم سيخضعون يوماً لامتحان صناديق الاقتراع. صناديق الاقتراع ليست مضمونة لأحد، ولا يملك مفتاحها، إلاّ الذين أكلوا الحصى، ودفعوا الدم والدموع، والأرجح أن صناديق الاقتراع في المرة القادمة لن تبقى الحال على ما يتوقعه كل فصيل ومسؤول لنفسه.

الاتفاق تم، والتنفيذ سيبدأ في وقت ما غير معلوم، وهو اتفاق شامل لغزة والضفة، وينطوي على التزامات مهمة، تعطي السلطة الوطنية الفرصة للتحرك السياسي وملاقاة الحراك السياسي الدولي بدون عقبات. لقد حصل ذلك في وقت سابق ففي الاحتفال الذي أقيم في مقر المخابرات المصرية، العام 2011، وقف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك خالد مشعل، وأعطى فرصة للحراك السياسي نحو البحث عن السلام. في هذه المرة لم يقف أحد، ليكرر ما كان أعلنه مشعل، لكن طبيعة الاتفاق وضماناته تؤكد أنه يعطي التحرك السياسي نحو السلام فرصة أخرى ومن موقع المشاركة المباشرة في النظام عبر حكومة وحدة وطنية لا أرى سبباً لأن تكون حركة حماس خارجها. حتى لو بقيت حكومة الوفاق الحالية، كما هي، أو إذا تم إدخال عناصر جديدة إليها، فإن الأمر لن يختلف طالما أن ثمة اتفاقا على أن تواصل عملها استناداً إلى برنامج منظمة التحرير أو برنامج الرئيس.

محلولة قضية السلاح والكتائب مؤقتاً، طالما أن قرار السلم والحرب سيخضع وفق صيغ معينة، للقيادة الوطنية التي يشترك فيها الجميع وذلك يشمل الأعمال العسكرية في الضفة الغربية، الأمر الذي سيعكس نفسه على ملف الحريات السياسية، وأيضاً على ملف التنسيق الأمني.

في هذه المرة، لا تستطيع إسرائيل أن تشكل تهديداً على اتفاق المصالحة، بالوسائل التي اعتادتها في السابق، ولذلك فإن خطابها مرتبك. كان بود رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يقدم له اتفاق المصالحة، ذريعة لشن حرب أخرى على قطاع غزة حتى يهرب من الملاحقات القضائية التي تقترب من لف الحبل حول عنقه غير أن هذا لم يعد أمراً ممكناً. كما لم يعد لديه فرصة للهرب من خلال حل الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة ولذلك عليه أن يواجه الحقيقة مباشرة. يبقى لنتنياهو فرصة التخريب على المصالحة، من خلال تصعيد الموقف في الضفة الغربية، حيث سيستغل الهدوء الذي توافق عليه المتحاورون في القاهرة، فيلجأ إلى تصعيد الاستيطان والتهويد والاعتداءات. حرب باردة يخوضها نتنياهو وحكومته، لكنها، أيضاً، لن تكون سهلة حيث عليه أن يراعي، الأطراف التي تقف خلف المصالحة وأهمها الولايات المتحدة، والرباعية الدولية، التي تتطلع إلى تحريك عملية السلام.

لا يستطيع نتنياهو المغامرة، فالاتفاق يتم بضمانة مصرية، يحرص على ألا يغضبها، وبضمانة دولية واضحة، كان آخرها ما صرح به توني بلير الذي اعتذر عن قطع العلاقة مع حركة حماس خلال المرحلة السابقة.

تدرك حركة حماس، اليوم، الطريق الذي ينقذها من نفسها ومن طريقة عملها من أجل تحقيق أهدافها، حتى أهدافها الخاصة كحركة، فهي اليوم، أمام طريق مفتوح لتحسين علاقاتها ودورها، على المستويين العربي والدولي، وبإمكانها لبعض الوقت أن تتصرف بدون ملاحقتها بتهمة الإرهاب، حتى لو لم يجر حذفها من القائمة الآن. وتدرك "حماس"، أيضاً، أن شرعية صندوق الاقتراع، ولا حتى شرعية المقاومة، يمكن أن تمنحها الشرعية، ذلك ان شروط الشرعية في هذا الزمان مختلفة وشاملة، بمعنى أنها شرعية فلسطينية عبر المؤسسة الوطنية واستناداً إلى القانون ثم شرعية عربية ودولية. بهذا الإدراك يطمئن المواطن إلى ما يجري هو إعادة صياغة للنظام، سواء قصد ذلك المعنيون أم لا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة كمان وكمان المصالحة كمان وكمان



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday