انتفاضة الحقوق الوطنية
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

انتفاضة الحقوق الوطنية

 فلسطين اليوم -

انتفاضة الحقوق الوطنية

بقلم : طلال عوكل

رغم الاحتفال الهزيل، الذي يليق بالضيف والمضيف، وبجوهر الاحتفالية التي قاطعتها معظم السفارات المحترمة، والرد الفلسطيني والعربي والدولي الغاضب على القرار والإجراء الأميركي بحق القدس، إلاّ أن الإدارة المستهترة في البيت الأبيض، مصممة على حشد إمكانياتها لحمل دول أخرى على نقل سفاراتها إلى القدس المحتلة. الإدارة الأميركية التي يقف على رأسها دونالد ترامب لا تكتفي بأن تطابق سياساتها مع سياسات الكيان الصهيوني الاحتلالي المجرم، ولكنها تزايد عليه وتتقدم عليه في الدفاع عن مصالح إسرائيل.

احتفال بحجم ومستوى إيفانكا ترامب، لا يمكن أن يحظى بالاحترام أو يفرض وقائع تاريخية، مخالفة لكل القوانين والأعراف والقرارات الدولية. الغضب الفلسطيني لم يتوقف على ما وقع في الرابع عشر من أيار الجاري، رغم أنه كان مخضباً بدم عشرات الشهداء، وآلاف الجرحى. الشعب كله موحّد في الميادين حيث يوجد فلسطيني، لا يخدشه. خلاف من هنا أو هناك فرغم استمرار وتعمّق الانقسام إلاّ أن الكل موحّد في مواجهة الحلف الأميركي الإسرائيلي. ربما لم تتوقع الولايات المتحدة وإسرائيل، أن يشمل الغضب والرفض معظم الساحات العربية والإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها. يشكو نتنياهو من أن علاقات إسرائيل ببعض الدول العربية التي غازلها، وأشار في تصريحات سابقة إلى رضاه عن مجرياتها، فها هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي أطلق على القمة العربية قمة القدس، هو بنفسه يدعو إلى اجتماع عربي لمناقشة سبل الرد على الإجراء الأميركي.

القرارات التي صدرت عن الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة وعن القمة الإسلامية في تركيا، تنطوي على أهمية بالغة، لا من حيث تأكيدها النظري على رفض وإدانة الموقف الأميركي، وإنما لأن ثمة آليات تحرك سياسي دبلوماسي، يستحق مندوب الكويت شرف إدارته للأزمة على مستوى مجلس الأمن الدولي.

بعد تلك الاجتماعات، اتسعت دائرة الرفض الشعبي السلمي للقرارات الأميركية، حيث انطلقت مسيرات في عواصم دولية كثيرة، وكأن الجريمة وقعت اليوم.. هذا فضلاً عن الإجراءات المتقدمة التي اتخذتها بعض الدول، مثل: تركيا وجنوب أفريقيا، وبلجيكا وإيرلندا ولوكسمبورغ، التي إما سحبت سفراءها من إسرائيل أو استدعت سفراء إسرائيل، للتعبير عن رفضها وغضبها.

نعلم أنه لا الدول العربية، ولا الصديقة، قادرة أو مستعدة لاتخاذ خطوات حقيقية لمعاقبة الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكن ينبغي أن تكون هذه الدول قادرة ومستعدة لمعاقبة أي دولة تقرر نقل سفارتها إلى القدس، كما فعلت غواتيمالا وتفعل الباراغوي. الولايات المتحدة لا تزال في موقع دولي، يمكنها من معاقبة الآخرين، وامتصاص أي إجراءات ضدها، لكن إمعانها في تحدي منظومة الأمم المتحدة أو القانون الدولي، وتجاهلها لمصالح الآخرين، بما في ذلك شركاؤها التاريخيون، لا يمكن أن يمر دون ثمن.

الولايات المتحدة وضعت نفسها إلى جانب إسرائيل التي تعاني من عزلة دولية متزايدة، سيأتي الوقت ليؤكد مدى أهميتها. لقد قاوم النظام العنصري في جنوب أفريقيا وبدعم من الولايات المتحدة وشركائها، عقوداً طويلة، لكنه سقط في النهاية، وهو المآل الذي تذهب إليه إسرائيل التي تغرق في وحل العنصرية وممارسة إرهاب الدولة.

العالم يتحرك كله تحت وقع أقدام الجماهير السلمية التي خرجت وتخرج في كل مكان انتصاراً للحق الفلسطيني والعدالة الدولية، لكن مثل هذا التحرك كان يمكن ألاّ يأتي بثمار مضاعفة لو أن الوضع الفلسطيني على غير الحال، الذي هي عليه من الانقسام.

في هذه المعركة التي لها بداية ولها نهاية ورغم الوحدة الميدانية ووحدة الموقف، إلاّ أن آثار الانقسام، كانت بادية بوضوح على حجم المشاركة الشعبية، التي كان يمكن أن تصل أو تتجاوز المليونية لو أن الكل أخلص للتعامل مع الفكرة والحدث.

من لا يريد أن يصدق ذلك، لأنه لا يرى بأم عينه الميدان، فإننا نحيله إلى شبكات التواصل الاجتماعي، التي تظهر فيها آراء مخالفة وبعضها شامتة، وبعضها الآخر ينطوي على لغة اتهامية. لعل السؤال عما إذا كان الإنجاز يستحق هذا الثمن، يعبر عن هذه الحالة السلبية وكأن من ذهبوا إلى الحدود، أو من خرجوا إلى الميادين ومواقع الاشتباك أرادوا تحقيق وعد الآخرة، وطالما لم يحققوا ذلك فإن الثمن يذهب هباءً. الحراك الشعبي مستمر حتى الخامس من حزيران، وهو مستمر على كل حال ومفتوح على الزمن، طالما يستمر التحالف الأميركي الإسرائيلي في مصادرة الحقوق الفلسطينية، لكننا نأمل من هذا الحراك أن يؤدي إلى رفع الحصار عن قطاع غزة، وتوفير فرصة أخرى لتحقيق المصالحة، وأن يشكل وقوداً للمعركة السياسية والدبلوماسية في الأمم المتحدة التي كان باكورتها قرار المجلس العالمي لحقوق الإنسان.

ما يدعو لذلك، هو ما يظهر من مؤشرات عملية على وجود تفاهمات عن طريق طرف ثالث، لوقف مسيرات العودة، مرحلياً عند حدود التظاهر من بعيد، وإقصاء فكرة اقتحام الحدود مقابل تسهيلات تؤدي إلى تخفيف وطأة الحصار وليس إلى إنهائه.

دولياً ثمة تجاوب مع هذه الإمكانية، حيث بدأ الحديث يدور عن ملايين الدولارات، لإنقاذ الوضع الصحي المتردي في القطاع، ولكن إن صدقت هذه المؤشرات، فإن على حركة "حماس" أن تظهر مصداقية إزاء احترام الشركاء الذين أبدعوا الفكرة، ودعموها بالأفعال. من حق الناس في قطاع غزة، أن يقفوا على حقائق الأمور وأن يكونوا شركاء في القرار، وثمة ضرورة للتذكير بأن الحملة الشعبية كلها لم يكن هدفها فقط كسر أو تخفيف الحصار، فالأهم هو الاستثمار الوطني، حتى نتجنب توفير الفرصة لتحقيق ما أرادته إسرائيل بعزل قطاع غزة وإقامة الدولة عليه.

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة الحقوق الوطنية انتفاضة الحقوق الوطنية



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday