في الطريق إلى المصالحة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

في الطريق إلى المصالحة ...

 فلسطين اليوم -

في الطريق إلى المصالحة

بقلم :طلال عوكل

حرب باردة تدور رحاها على المستوى الدولي بين دولة فلسطين تحت الاحتلال والدولة الاسرائيلية. هي حرب ربما اكثر صعوبة وجدوى من الحروب التقليدية المسلحة، رغم ما في الاخيرة من ضحايا ودمار وخسائر باهظة.

هذا ما ينبغي ان يدركه الفلسطينيون في اطار فهم وتحديد اولويات اشكال النضال دون ان يتخلوا عن اي شكل منها خصوصا وان مواثيق الامم المتحدة تجيز للشعب المحتل ان يستخدم كل اشكال النضال للتخلص من الاحتلال.

لا اقصد من ذلك، ان على الفلسطينيين ان يدفنوا تحت التراب اسلحتهم وقدراتهم القتالية، بمناسبة الحديث عن المصالحة وشروطها، فالمقاومة الموجودة في ظروف قطاع غزة المعروفة والمختلفة عنها في الضفة الغربية هي ذخر لا ينبغي التفريط به بقدر ما ان المطلوب التفاهم بشأن فعاليته.

في كل الاحوال، فإن المصالحة اذا تمت على اسس مقبولة للجميع، فإن قرار المقاومة كما قرار المساومة والكفاح الشعبي، سيكون بيد قيادة وطنية وبشروط تمنع استخدامها بل تحرم استخدامها في العلاقات الداخلية الفلسطينية.

لا بد من الاعتراف بأن النضال السياسي والقانوني والدبلوماسي حقق في السنوات الاخيرة انجازات مهمة، تندرج في سياق عملية التراكم المطلوبة لعزل اسرائيل دوليا ومحاكمتها واخضاعها للمحاسبة، لا يجوز بأي حال الا للجهلة، التقليل من الانجازات التي تحققت سواء بالاعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقبا، ورفع العلم الفلسطيني بين اعلام الامم او ما تحقق في اليونسكو، ومنظمة حقوق الانسان ومنظمة الشرطة الدولية «الانتربول»، فضلا عن قرار مجلس الامن الدولي رقم ٢٣٣٤، الخاص بالاستيطان وعلى مستوى النضال الشعبي السلمي، لا يمكن تجاهل الانتصار الذي تحقق في معركة المسجد الاقصى، والتي كانت معركة وطنية بامتياز.

فليتصور الفلسطينيون حجم ونوع الانجازات التي كان يمكن تحقيقها وتلك التي يمكن تحقيقها في حال كانوا موحدين على قلب رجل واحد، يديرون خلافاتهم وتناقضاتهم في اطار الانضباط العام للقرار الوطني من خلال المؤسسة الوطنية الواحدة والموحدة.

في كل مرة يحقق فيها الفلسطينيون انجازا تتوسع دائرة الدول والمجتمعات التي تتفهم منطق العدل والحق، وتزداد نسبة المصوتين على القرارات رغم كل ما تقوم به اسرائيل والولايات المتحدة من مقاومة وتمارسه من ضغوط على الدول، اكثر من مرة هددت الولايات المتحدة بالانسحاب او الامتناع عن دفع مساهمتها في موازنات بعض المؤسسات الدولية لكنها فشلت في ان تحمي اسرائيل من العدالة الدولية.

 في هذه الفترة تبدو اسرائيل مرتبكة الى حد كبير، فهي تراقب بغضب سير الحوارات الفلسطينية من اجل تحقيق المصالحة، والاطاحة بالانجاز الاستراتيجي الذي حققته اسرائيل من خلال الانقسام الفلسطيني الذي دام لاكثر من عشر سنوات ووفر لها ذخيرة قوية استخدمتها للتغطية على مشاريعها ومخططاتها الاستيطانية والتهويدية، وقدمت لها الذرائع لتبرير انقلابها على عملية السلام.

في اوقات سابقة، كانت اسرائيل جاهزة لتعطيل المصالحة في بداياتها للاحتفاظ بواقع الانقسام، كما فعلت في تموز ٢٠١٤، حين خاضت حرباً ضد قطاع غزة، كان من بين اهدافها، تعطيل اتفاق الشاطئ الذي انتهى بحل حكومة حماس وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.

في هذه المرة الامور ستكون اكثر صعوبة، ذلك ان اسرائيل وحدها تغرد خارج سرب المجتمع الدولي بما في ذلك حليفتها الولايات المتحدة واوروبا والامم المتحدة، حيث يشكل الاجماع الدولي حول ضرورة انجاز المصالحة كابحا لنوايا اسرائيل العدوانية.

لولا هذا الاجماع الدولي والاقليمي على دعم المصالحة، لكان الظرف مناسبا لاسرائيل كي تشن عدوانا كبيرا اخر على قطاع غزة بدعوى محاربة الارهاب، خاصة وان حبل التحقيق يلتف حول رقبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لقد تعودت اسرائيل على التهرب من ازماتها الداخلية عبر تصدير العدوان وخلط الاوراق، واحيانا عبر الذهاب الى انتخابات مبكرة لكن لا هذه ولا تلك تتوفر لها ذرائع كافية، ما سيفاقم من ازمة رئيس الحكومة وائتلافه، اليميني المتطرف.

الآن تستعد اسرائيل لخوض معارك على جبهة الوضع الدولي ومؤسسات الامم المتحدة، تساندها في ذلك، الادارة الاميركية احيانا وفي احيان اخرى الكونغرس، تحت تأثير اللوبي الصهيوني الاميركي.

تحضر اسرائيل نفسها لخوض معركة ضد اليونسكو، ولكن على الارض اذ تواصل اقتحام المسجد الاقصى بمعدلات يومية، وبأعداد اكبر وبحماية الشرطة، فضلا عن متابعة الحفريات تحت وحول المسجد الاقصى في محاولة لتغيير الواقع القائم بعكس قرارات اليونسكو، الشيء ذاته بوسائل اخرى لتغيير واقع المسجد الابراهيمي في الخليل، فبعد تقسيمه مكانيا وزمانيا تسعى لاخراجه من دائرة الاوقاف الفلسطينية من خلال تشكيل بلدية للمستوطنين التي اقامتها وسط المدينة، منظمة حقوق الانسان العالمية هي في المهداف الاسرائيلي والاميركي، اذ يسعى الطرفان لانهاء صلاحياتها او وجودها من الاساس، اذ تعتبرانها منظمة منحازة لصالح الفلسطينيين. الاونروا هي هدف ثالث لاسرائيل تسعى لاحالة ملفها وصلاحياتها الى الهيئة العليا لشؤون اللاجئين، عبر اتهامها بالارهاب، وتقليص صلاحياتها.

اما معركة المقاطعة المعروفة بالـ B.D.S، فهي مفتوحة على التوسع خصوصا بعد أن نجحت في اختراق المجتمع والمؤسسات الاميركية، وبعد أن جهزت الامم المتحدة قائمة سوداء تشمل مئة وخمسين مؤسسة وشركة اسرائيلية ودولية تعمل لصالح أو مع الاستيطان.

في الخلاصة فإن على الفلسطينيين ان ينتبهوا لأهمية هذه الاشكال النضالية وهم يحاولون اعادة صياغة أوضاعهم الداخلية وتحديد استراتيجياتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الطريق إلى المصالحة في الطريق إلى المصالحة



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday