نحو فهم أعمق للحراك السياسي
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

نحو فهم أعمق للحراك السياسي

 فلسطين اليوم -

نحو فهم أعمق للحراك السياسي

طلال عوكل

هل يعلم صناع القرار، وصناع الأحداث، وصناع المآسي والآلام وإن بغير ما يقصدون، أن الكتابة والحديث في السياسة، قد أخلت مقامها من أولوية اهتمام المواطن الفلسطيني؟ قد يدرك أو لعله لا يريد المسؤول أن يدرك بأن هموم الناس اليومية، وأزماتهم الحياتية، قد أصبحت على رأس أولويات المواطن، الذي يدفع ثمن شعارات وأوهام وفبركة انتصارات وإنجازات، لا يلمس منها سوى المزيد من الآلام والمزيد من الدمار، والخراب.
المدوّنون، وشباب «الفيسبوك»، الذين يقدمون بعض التعليقات الساخرة، ويفرغون ما في دواخلهم من غضب، أخذوا يستحوذون على اهتمام الجمهور الفلسطيني، حتى لو أن غضبهم وكبتهم مسور بما يعايشونه من عجز يبدو وكأنه مستحكم إلى حد الشلل.
يسأل المواطن، وهو يعرف مسبقاً الجواب، ولكن بأمل أن يجد لدى المحللين والكتاب ورواد الفضائيات ما يبدل قناعاته، بشأن الغد، فإذا جاء الجواب مطابقاً لمدركاته توقف عن السؤال، وأما إن تلقى جواباً يبشره بنصر أو إنجاز فإنه يكتفي بابتسامة ساخرة، هي أكثر تعبيراً عن واقع الحال من ساعات طويلة من التحليلات والتبريرات التي تفتقر إلى الالتزام والمسؤولية واحترام عقول البشر.
غادر الوفد الوزاري قطاع غزة، قبل أن تنتهي المدة المقررة لبقائه، فهو لم يحمل جديداً، ينعش بعض الآمال فضلاً عن أنه قوبل بعبارات الترحيب، وسلوك الاحتجاج، حتى أصبحت الزيارة بحد ذاتها، مادة صالحة لتغذية وتصعيد حملة الاتهامات المتبادلة بين طرفي الأزمة والانقسام، وخطوة نحو تعميق الإحباط بشأن إمكانية تحقيق المصالحة.
الناس لم يعودوا يهتمون لا بالحراك السياسي، الخارجي أو الداخلي ولا بالهموم الوطنية، والأهداف الكبيرة، ولا بكل الخطابات التي تتحدث عن الصمود، والاستعداد للتضحية. الناس يصمدون بحكم الأمر الواقع، ورغماً عنهم، فلقد أصبحت الرغبة في الهجرة أقوى من أن تنجح الوطنية الفلسطينية في إقناعهم بخطورة مثل هذه الرغبة.
تفكر أحياناً، في ملف إغلاق معبر رفح، بالكامل لأشهر، لا يعرف أحد، متى يتوقف هذا الإغلاق، وهذا القهر للحرية، ويتحكم فيك تناقض شديد، ذلك أن فتح المعبر يشكل ضرورة وطنية عامة، وفردية، وضرورة إنسانية وحقاً قانونياً، أما بقاؤه مغلقاً، فإنه قد يشكل كابحاً لهجرة خطيرة لا تتوقف الرغبة في ركوب مغامرتها على الشباب والعاطلين عن العمل وإنما تمتد لعائلات بأكملها، ولكبار في السن تجاوزوا إلى مرحلة التقاعد.
دخلت «هدى» قوية، عاتية، ألزمت معظم الناس على البقاء في منازلهم، وعطلت قدرة الناس على العمل والحركة وفرضت على الأجواء عتمة، أقرب إلى لحظات الغروب في فصل الشتاء، تبدو «هدى» وكأنها تعبر بالنيابة عن غضب الناس عن سوء أحوالهم، ولكنها تذكرهم بأن القادم أصعب، طالما ظلوا محكومين لثنائية وتضارب المصالح والرؤى بين حركتين كبيرتين، تحول الناس إلى رهائن عندهما.
قبل حلول موعد المنخفض الجوي العاصف الذي سمّته الأرصاد العربية «هدى»، كان برنامج التيار الكهربائي، قد بلغ، أسوأ ذراه، حيث يتم وصله لأربع ساعات خاضعة للخصم، واثنتين قطع. المسؤولون عن ملف الكهرباء وهم ليسوا من المهنيين فقط وإنما بعضهم بل أغلبهم سياسيون قالوا إن السولار الصناعي الذي دخل إلى قطاع غزة، على مدى بضعة أيام، قد تم تخزينه، بهدف استخدامه في ظروف الطوارئ التي ستنجم عن غضب «هدى»، غير أن أحدهم قال إنه لا يضمن توفر التيار الكهربائي حتى الساعة. 
دخلت «هدى» هادرة، جامحة، وظل برنامج التيار الكهربائي على حاله، مع تحسن طفيف، يصل إلى ساعة زيادة عما كان من قبل.
المسألة ليست ترفاً، ولا ملفاً يتم استغلاله لتحميل هذا الطرف أو ذاك المسؤولية، وحتى أنها لم تعد فقط مسألة متطلبات حياتية روتينية، وهي تتخذ طابع العدوان القاسي على بشر لم يستفيقوا بعد من هول العدوان الإسرائيلي الأخير. لا نعتقد أن أي مسؤول سياسي مستعد لأن يكابد ما يكابده الكثير من الناس، الذين يسكنون في زاوية، تحت أنقاض البيت المدمر، أو الذين لم يتمكنوا من إصلاح نوافذهم، فاستبدلوا الزجاج بأغطية من النايلون. ولا نظن أن وفاة أربعة أطفال، بالحرائق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بسبب غياب التيار الكهربائي، لا نظن أن هذه الحوادث، ستتحول إلى ملفات تحظى باهتمام، فلقد تحولت وأصحابها إلى أرقام عابرة، يتم توظيفها في سياق التبرير، أو لكيل الاتهامات إلى الآخر.
بصراحة لم أبد أدنى اهتمام للتفكير في أسباب هذه الأزمة، ولا أريد أن أعرف، رغم كثرة الشروحات والتبريرات، فالأزمة موجودة ومتفاقمة، ومستمرة منذ سبع سنوات، بدون حلول وبدون أن يكلف مسؤول نفسه الحديث عن حلول قريبة. 
إذا كان من غير المجدي إعادة تذكير المسؤول السياسي بجملة الأزمات التي تعصف بحياة الناس، وفي أولاها قضية إعادة الإعمار، فإنني أتساءل بحرقة شديدة، عن إمكانية معالجة بعضها، فقط بثمن زهيد، ذلك أن قضية المعابر وإعادة الإعمار تتطلب قراراً، بالتنازل عن الشراكة المطلوبة لصالح عودة السلطة وحدها لتسلم المعابر، ما يؤدي إلى معالجة هذين الملفين... إذا بقيت الحال على خيار إما أو فإننا سنظل في مربع مكانك سر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو فهم أعمق للحراك السياسي نحو فهم أعمق للحراك السياسي



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday