نحو استثمار المرحلة الرمادية
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

نحو استثمار المرحلة الرمادية

 فلسطين اليوم -

نحو استثمار المرحلة الرمادية

طلال عوكل

خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي، الثلاثين من أيلول، لم يكن عادياً، ولا هو مكرر، كما يدعي البعض، ولكنه لم يكن خطاباً حاسماً باتجاه القطع مع المرحلة السابقة، نحو مرحلة جديدة واستراتيجية فلسطينية جديدة.
أراد الرئيس أن يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء عملية سياسية مستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً، أنتجت أوضاعاً لا تمكن الفلسطينيين من إحراز حقوقهم أياً من حقوقهم الوطنية، ولا تحقق الحد الأدنى من سلام تحدثوا عنه طويلاً.
الرسالة الأساسية في الخطاب، تنطوي على بعد تقييمي للمرحلة السابقة، مع استنتاجات غير قطعية، وعلى تحذير للمجتمع الدولي من أن الفلسطينيين لا يمكنهم الاستمرار في الالتزام بشروط اتفاقية نسفتها إسرائيل هي اتفاقية أوسلو.
هذا يعني أن الرئيس يعطي مهلة من الوقت لمن أراد أن يتقدم بمبادرات دولية فاعلة، تصحح المسار الذي اتخذته عملية السلام، وإلاّ فإن الفلسطينيين سيتصرفون على نحو مختلف، يؤكد ما أعلنه الرئيس من أن القضية الفلسطينية هي عنوان ومحور وأساس الحرب والسلام في المنطقة.
ومع أننا لا نعتقد بأن هناك من ينتظر وبإمكانه أن يصحح المسار الأعوج لعملية السلام، فإن الرسالة ستكون لها آثار إيجابية على مستوى تحريك مواقف بعض الدول والمجتمعات الفاعلة خصوصاً في أوروبا نحو اتخاذ مواقف إيجابية لصالح القضية الفلسطينية، وربما الاعتراف بالدولة الفلسطينية فضلاً عن تعميق عملية الوعي الدولي لحقائق الصراع في هذه المنطقة.
ربما كان على الرئيس أن يعلن موقفاً أكثر جرأة وشجاعة إزاء السياسة الأميركية التي تتحمل مسؤولية أساسية وكبيرة تجاه فشل خيار المفاوضات ومسار عملية السلام، لأنها وهي القادرة على التأثير في السياسة الإسرائيلية، آثرت على مدار كل الوقت تبني ودعم وتغطية كل ما تقوم به إسرائيل.
خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما جاء قبل خطاب الرئيس عباس، وقد كان حرياً بالرئيس الفلسطيني أن يرد بقوة على تجاهل الرئيس الأميركي للقضية الفلسطينية في خطابه، وانحرافه نحو أولويات في السياسة الأميركية، تتنكر لحقائق الصراع الأساسي في المنطقة.
أميركا أعلنت عبر رئيسها عن فشلها الكامل في تحقيق السلام وإن كان تهرب من إعلان هذا الفشل، لكنه بانسحابه عن الاهتمام بجوهر الصراع في المنطقة، إنما يعطي إسرائيل الأفضلية في ظل ظروف عربية متردية، تعاني من صراعات دموية وتنشغل بعض أنظمتها السياسية في أولوية الحفاظ على وجودها واستقرارها.
ثمة توافق كامل بين السياسة الأميركية والإسرائيلية فلقد تجاهل نتنياهو، كما فعل تقريباً اوباما، حقائق الصراع واكتفى بإعلان مختصر عن أنه مستعد للقاء الرئيس عباس ثم استغرق في الحديث عن الخطر الإيراني، الذي يشكل بالنسبة لإسرائيل أداة ابتزاز للمجتمع الدولي.
المسؤولة عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني التقطت رسالة الرئيس عباس، واعتبرتها رسالة تحذيرية قوية، وأعلنت عن أن ثمة تحركات نحو تفعيل المفاوضات، وعملية السلام.
قد يكون الوقت مناسباً لأوروبا الموحدة لكي تتقدم بمبادرات، تتجاوز الدور الأميركي، الذي يتراجع إلى الخلف، خاصة وأنه عدا الانسحاب الأميركي، فإنه لم يتبق سوى عام على الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يتنافس فيها الحزبان الديمقراطي والجمهوري على كسب الصوت اليهودي، واسترضاء إسرائيل.
ومع أننا نشك كثيراً في أن تتحلى أوروبا الموحدة بكل الشجاعة والجرأة اللازمة، لتفعيل قدراتها في اتجاه التأثير الفعال على السياسة الإسرائيلية، حتى لو حصلت على المزيد من الوقت، فإن أي تحرك جدي تقوم به القارة العجوز المتصابية قد يترك للفلسطينيين بعض الآثار الإيجابية، بما في ذلك منحهم بعض الوقت لإعادة ترتيب أوضاعهم الذاتية، استعدادا لمرحلة قريبة قادمة تتجه فيها الأوضاع نحو صراع شامل ومفتوح.
الفلسطينيون اليوم غير جاهزين بما هم عليه من حال، لمقابلة وخوض التحدي مع السياسات الإسرائيلية، ذلك أن خوض هذه المجابهة يتطلب تغييرات جذرية على مستوى طبيعة المؤسسة ووظائفها، وطبيعة وآليات اتخاذ القرار وقد يتطلب ذلك تغييرات جذرية وشاملة.
المرحلة المقبلة، بعد الوقت الوقت المتاح لتحرك أوروبي، تستدعي حواراً وطنياً فلسطينياً جامعاً وشاملاً، لوضع استراتيجيات جديدة وخيارات جديدة، وتستدعي إعادة بناء مؤسسات القرار السياسي الفلسطيني على نحو يسمح بتعبئة كل طاقات الشعب الفلسطيني لخوض هذه المواجهة.
مما جرى ويجري بعد الخطابات في الأمم المتحدة يتضح أن اسرائيل تبادر إلى التصعيد عبر المستوطنين والجيش والأجهزة الأمنية، وتستنفر المزيد من قدراتها العدوانية كترجمة لخطاب نتنياهو، فيما لا يزال الطرف الفلسطيني يخوض مجابهات شعبية محدودة، تتخللها رسائل عنفية، قد تتسع وتتكرر، على غرار عمليتي نابلس والقدس دون أن يكون الفلسطينيون قد أخذوا فرصتهم في ترتيب أوضاعهم، والاتفاق على أشكال خوض الصراع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو استثمار المرحلة الرمادية نحو استثمار المرحلة الرمادية



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday