من يتصدى لنزيف الهجرة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

من يتصدى لنزيف الهجرة ...؟

 فلسطين اليوم -

من يتصدى لنزيف الهجرة

طلال عوكل

ثمة ما يستدعي من القيادات السياسية، التوقف أمامه بجدية بالغة، خصوصاً القيادات في قطاع غزة، دون إعفاء الآخرين من مسؤولياتهم الوطنية.
الملف الفلسطيني والإقليمي والدولي طافح بالقضايا المهمة التي تحظى بأولوية المعالجة، أما ملف قطاع غزة، بكل عناوينه وتفرعاته وتداعياته الإنسانية والسياسية والاقتصادية والمعنوية، فهو ملف ضخم قائم بحد ذاته، ولا يجوز أن يطمر بين الملفات الأخرى.
حال الناس، في قطاع غزة، بائس ومؤلم، ولكن يلفت النظر، الشعور بالإهمال وباللاجدوى، وبغياب المسؤولية الوطنية من قبل أصحاب القرار، ما يولد حالة من اليأس والإحباط، تدفع الكثيرين لمغادرة الأرض التي يفترض أن يصمدوا عليها.
صمد الفلسطينيون في قطاع غزة أمام العدوان الإسرائيلي الهمجي، بل واصلوا الصمود خلال الحروب المفتوحة التي شنتها إسرائيل عليهم منذ أواسط العام 2006، وقد بذلوا على خلفية صمودهم، تضحيات عالية، من الأهل والأبناء والآباء ومن البيوت، والأموال، لكنهم هذه المرة يبذلون قدراً من معنوياتهم التي تؤمن لهم القدرة على مواصلة الصمود.
بعد سنوات طويلة عجاف، تخرّج عشرات آلاف الدارسين من مختلف المستويات الأكاديمية، لكن الفرص أمامهم كانت مغلقة، فلا الداخل الفلسطيني قادر على استيعابهم ولا المحيط العربي راغب في استيعابهم.
ولكن على الرغم من هذه المحنة الطاحنة التي تغلق طريق الحياة والتكون أمام عشرات آلاف الشباب على نحو خاص، لم تكن لتشكل واقعاً قوياً لمغادرة البلاد إلى هجرة غير معروفة الوجهة أو العواقب، وربما لم يتوفر للكثيرين منهم الإمكانيات المادية لتغطية مغامرات من هذا النوع إلى المجهول.
العدوان الأخير على قطاع غزة أنتج ظاهرة خطيرة، وهي رغبة آلاف العائلات، حتى من ميسوري الحال للبحث عن الهجرة، حتى لو كانت تنطوي على مغامرة، يشعرون بأنها أقل وطأة وخطراً على حياتهم من التعرض لعدوانات إسرائيلية تقضي على حقهم في الحياة، وتهدد مستقبلهم.
لم يكن بلا دافع، أو بلا ثمن أن تستهدف إسرائيل عائلات بأكملها تشطب من السجل المدني، إذ لا شك أن ذلك، سينقل فكرة الهجرة من الفردي إلى الجماعي، وهو ما يحصل فعلاً.
الجماعات الاستغلالية، تنشط بصورة منظمة لترتيب قوافل الهجرة عن طريق مصر، إلى الإسكندرية، ومنها إلى إيطاليا، حيث يتوزع المهاجرون إلى أماكن مختلفة.
هي مغامرة دون شك طالما أنها هجرة سوداء، غير شرعية وغير مضمونة العواقب، ولكن لا بد من الانتباه إلى مدى قوة الدوافع التي تجعل الهاربين من الموت الجماعي إلى المغامرة بموت جماعي محتمل.
خمسة عشر مواطناً فلسطينياً من غزة، قضوا في البحر يوم السبت الماضي بعد أن غرق القارب الذي يستقلونه ونحو سبعين تم انتشالهم وستتم إعادتهم إلى قطاع غزة بينما تمكن الكثيرون قبلهم من الوصول.
هل هو قدر الشعب الفلسطيني أن يهيم في الأرض، بحثاً عن ملجأ أو مأوى حتى لو كان ذلك دون مستقبل أو أمل؟ ما الذي يعانيه اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات سورية، وما الذي عاناه ويعانيه اللاجئون الفلسطينيون في العراق، وليبيا، ولبنان، والآن قطاع غزة؟ ألا يلفت هذا النزيف البشري، أنظار القيادات السياسية التي لا تملك الكثير من الخيارات، وليس لديها فائض القدرات، بعد أن أصبح الصمود على الأرض وفيها، هو الخيار الأساسي، لمجابهة الغزوة الصهيونية والتنكر الدولي للحقوق الفلسطينية؟
هل كان هذا ما تحلم به الفصائل التي أدرجت في برامجها وخطاباتها وبياناتها الكثير من الكلام حول أهمية الصمود على الأرض.
منذ انطلاق مرحلة الكفاح المسلح كان في صميم برامج المقاومة، معادلة مهمة، وهي جعل إسرائيل مكاناً غير آمن للمهاجرين والمستوطنين اليهود، وخلق الظروف من أجل عودتهم إلى أوطانهم الأصلية، وفي المقابل تشجيع الفلسطينيين على الصمود والبقاء وزيادة النسل.
في الحقيقة ثمة إشارات إلى رغبة الكثير من اليهود للعودة إلى الأماكن التي هاجروا منها، لكن هناك مقاومة من قبل دولة إسرائيل، والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لمثل هذه الظاهرة.
ماذا لدينا نحن لمكافحة الهجرة الفلسطينية، وما الذي تفعله السياسة الرسمية وغير الرسمية، لتثبيت الفلسطيني على أرضه؟ ألا تعلم القيادات السياسية بوجود واتساع نطاق هذه الظاهرة، وتعلم أيضاً بالجهات التي تحرض عليها، وتقوم بتنظيمها فلماذا لا تتحرك هذه القيادات لمحاصرة هذه الظاهرة ابتداءً؟
ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن هناك من يتواطأ على هذه الظاهرة وربما يسهل على القائمين على توسيعها من أجل كسب المزيد من الأموال السوداء على حساب حياة الناس، وعلى حساب الوطنية الفلسطينية.
الأكيد أن الناس كانوا سيصمدون، وسيتحملون المزيد من الأعباء والتضحيات لو أنهم وجدوا من القيادات السياسية، ما يدعوهم للبقاء، ويشجعهم على التحمل، أملاً في معالجة المشكلات الأساسية التي تتسبب في وجود واتساع هذه الظاهرة الخطيرة.
ليس العدوان الإسرائيلي بكل بشاعته هو السبب الوحيد، بل إن السياسة الفلسطينية إزاء المصالحة، وإعادة الإعمار، وخلق فرص عمل، وإزاء الخيارات، هذه السياسة أيضاً تتحمل مسؤولية كبيرة إزاء حالة الإحباط التي تصيب الناس وتدفعهم للخلاص الفردي.
ثمة حلول بالتأكيد لو أن الوضع السياسي كان صحياً، فالأوْلى أن يتم بحث الأمر مع الدول العربية، القادرة على استيعاب ملايين الشباب للعمل في أراضيها، بما يجعلهم قريبين إلى بلادهم، وقادرين على العودة إليها في الوقت الذي يشاؤون ولكن مرة أخرى من يأبه بذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يتصدى لنزيف الهجرة من يتصدى لنزيف الهجرة



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday