متى نجيد السباحة في مستنقع السياسة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

متى نجيد السباحة في مستنقع السياسة ؟

 فلسطين اليوم -

متى نجيد السباحة في مستنقع السياسة

طلال عوكل

النتائج التي انتهت إليها الانتخابات البرلمانية في تركيا التي جرت في متن هذا الأسبوع شكلت الحدث الأبرز على ساحة الشرق الأوسط الذي يعاني من اضطرابات واسعة وعميقة.
وعلى أهمية الحدث بالنسبة للشعب التركي، وذلك هو الأصل فإن ارتداداته وأبعاده، على صعيد الإقليم، تشكل محطة انقلاب لكثير من الاستراتيجيات والتوازنات والمصالح.
النتائج التي أعطت حزب العدالة والتنمية نحو 40% فقط من مقاعد مجلس الشعب، وأفقدته القدرة على تشكيل حكومة الحزب الواحد، وربما تفقده أيضاً القدرة على تشكيل ائتلاف حكومي نظراً لمحدودية الكتل البرلمانية، وصعوبة شروطها، هذه النتائج، جاءت لتؤشر إلى فشل كبير لقراءات القيادة السياسية، للحزب الذي يحكم منذ ثلاثة عشر عاماً.
كانت تطلعات قيادة الحزب، تنتظر حصوله على ثلثي مقاعد مجلس الشعب، وكان ذلك سيكون مقدمة لاتخاذ إجراءات تعديل الدستور، بما يحيل النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام جمهوري يتمتع فيه زعيم الحزب ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بكل الصلاحيات التي تجعل منه سلطاناً.
في الحقيقة فإن حزب العدالة والتنمية التركي حقق نجاحات باهرة على المستوى الداخلي، فقد تمكن من تحجيم دور العسكر وفي الاستفادة من الكوادر المجربة التي ساهمت في بناء الدولة العلمانية، على نحو يخدم توجهات النظام الجديد.
وعلى المستوى الاقتصادي حققت تركيا تقدما كبيرا، حيث أصبحت واحدة من افضل وأقوى خمسة عشر اقتصاداً على مستوى العالم.
لسنا بصدد فحص الأسباب الداخلية لفشل حزب العدالة والتنمية، رغم النجاحات العظيمة التي حققها للشعب التركي والأرجح ان هناك أسباباً تفسر هذا الفشل، ولكن من المرجح ان السياسة الخارجية التركية، وقعت في أخطاء كبيرة.
نحن كشعب فلسطيني لا ننسى المواقف التاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية إبان حكم حزب العدالة والتنمية، وللحق نشهد بأن تركيا رغم أنها أقامت علاقات خاصة مع حركة حماس انطلاقاً من توافق القناعات والخلفيات الأيديولوجية، إلاّ أن النظام ظل على عهده في التعامل مع الشرعية والتمثيل الفلسطيني، وقدم من خلالها مساعدات بأشكال مختلفة وليس فقط الدعم السياسي. إذاً الحديث عن تركيا بعد المتغير الكبير الذي وقع لا ينبغي أن يؤخذ على خلفية التشفي، أو الحسرة، بقدر ما أنه يستدعي من الفلسطينيين والأرجح من غير الفلسطينيين قراءة عميقة للأسباب والتداعيات والأبعاد بما يفترض أن يؤدي بدوره إلى تغيير الحسابات والمواقف.
تركيا التي فشلت في إقناع الاتحاد الأوروبي على الموافقة على انضمامها، إلى الاتحاد بالرغم من ان اكثر من ستين في المئة من تعاملاتها التجارية والاقتصادية مع دول الاتحاد، فشلت أيضاً في استراتيجيتها للتوجه نحو الشرق بهدف تحقيق مصالحها الإقليمية، والاستعانة به لكي تفرض على الأوروبيين قبولها في الاتحاد.
ينسب الى السياسة التركية تدخلها الفظ في أوضاع المنطقة ابتداء من سورية التي كانت حليفة لبعض الوقت، وأصبحت عدواً في وقت لاحق، الى العراق، حيث لعبت تركيا في ساحته الداخلية، وفي تناقضاته الطائفية والعرقية. بدت السياسة التركية متناقضة في التعامل مع بعض العوامل المحركة للصراع في هذه البلدان فهي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وتفتح كل الطرق وتقدم كل أشكال الدعم لذلك التنظيم، وبقية المجموعات المتطرفة في سورية، وبصفة عامة أقحمت تركيا نفسها في الصراع الدائر على طول وعرض المنطقة بين الجماعات الإسلامية وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، وبين التيارات الوطنية والليبرالية وخصوصاً في دولة كبيرة مثل مصر.
تركيا جاهرت بتبنيها لجماعة الإخوان المسلمين، فسمحت لهم بعقد الاجتماعات والمؤتمرات ومنحتهم منصات إعلامية، فضلاً عن أنها أعربت صراحة في غير مرة عن عدائها للنظام المصري الجديد. حالة من الارتباك وسياسة تنطوي على مغامرات، تغلب أحياناً الأيديولوجي على السياسي سيطرت على المشهد السياسي التركي بدون أن يمتلك حزب العدالة والتنمية، الحصانة والضمانة الكاملة في الداخل، حيث تصاعدت التناقضات، وتزايدت الاحتجاجات وارتفع معها منسوب المواجهة والقمع للمعارضين. لم تنتبه القيادة التركية لتطورات الملف الكردي الذي يتحرك في سورية والعراق، وتمتد آثاره الى تركيا التي يقيم فيها نحو ثمانية ملايين كردي، مما يساوي ضعف أعداد الأكراد في العراق وسورية معاً.
بغض النظر عن طبيعة التطورات القادمة في الداخل التركي وما إذا كان فشل الحزب في الانتخابات مؤشرا نحو عودة النظام العلماني الأتاتوركي أم ان الحزب سيكون قادراً على تجاوز هذه الأزمة، فإن ما وقع يشكل ضربة تكسر الظهر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يتغنون بالنموذج التركي الناجح للتدليل على أولوية مشروع الإسلام السياسي الذي يكافح من أجل الحصول على فرصته التاريخية.
وفي السياق فإن هذا الفشل يكشف إلى حد كبير ظهر حركة حماس، التي راهنت على دور الأشقاء الأتراك، هو درس آخر للفصائل الفلسطينية بأن الثابت الأكيد هو المتغير، وان حصانة الوضع الداخلي عبر الوحدة هو الأساس، الذي يحفظ الكل من الانزلاق في متاهات المتغير في المحيط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى نجيد السباحة في مستنقع السياسة متى نجيد السباحة في مستنقع السياسة



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday