حسن البطل
ماذا سيفعل باراك أوباما بعد سنتين؟ هل سيعتاش من محاضرات مأجورة إضافة لراتبه التقاعدي، ام سيكون أستاذاً مع كرسي في جامعة أميركية مرموقة؟ أم سيكتفي بفتح مكتبة على اسمه، كعادة رؤساء الولايات المتحدة بعد تقاعدهم؟
الرئيس جيمي كارتر يتجول في العالم داعياً الى سلام مع حكماء، او يشرف شخصياً أو مع طاقم موظفين على رقابة لديمقراطيات إجراء انتخابات في هذا البلد أو ذاك.
شخصياً، أرشح أوباما ليكون أول أمين عام أميركي للأمم المتحدة، التي شغل أمانتها رجال من السويد في البداية، ثم من أميركا الجنوبية، وحتى من مصر .. والآن من كوريا الجنوبية.
يقولون عن الخطيب المفوّه انه شيشروني، وهذا الإغريقي كان يضع بحصة تحت لسانه ويمشي على الشاطئ ملقياً خطاباته مع نطق الحروف على أصولها وتجويد لفظها.
أوباما خطيب بليغ، كما كان سلفه الديمقراطي مثله، جون فيتزجرالد كنيدي، الذي كان أول رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة، خارج احتكار رجال الـ WASP البيض والبروتستانت.
كان كنيدي، وهو أول أو ثاني أصغر رؤساء الولايات المتحدة، خطيباً مفوّهاً، لكنه كان أبرع الرؤساء الأميركيين في عدد الكلمات التي ينطقها في الدقيقة الواحدة.
كنيدي هو قدوة أوباما، ليس في بلاغة اللسان الذرب، لكن في مسألة السلام النووي العالمي، وقد اجتاز مع السوفياتي نيكيتا خروتشوف اخطر أزمة نووية على هامش الأزمة الكوبية - الأميركية.
القدوة الثانية للرئيس أوباما هي القس الأسود مارتن لوثر كنغ، صاحب العبارة التاريخية «لديّ حلم» أما قدوته الأولى كنيدي فله عبارة تاريخية: لا تسأل ماذا يقدم بلدك إليك. اسأل ماذا تقدم أنت لبلدك.
.. او ماذا تقدم، كرئيس للولايات المتحدة، الى السلام العالمي والى بلادك أيضاً؟ في السنتين الأخيرتين من ولايته الثانية، قدّم الى العالم الاتفاق النووي مع إيران، الذي تسبب في أزمة مع إسرائيل - نتنياهو، وكان قدّم الى مناخ الأرض مشروعاً، او خطة كبرى، لخفض تلويث جو الأرض بالغازات المضرة بالبيئة، والمسببة لأضرار جو الأرض وتبدّل المناخ، وبموجب خطته المقدمة الى مؤتمر باريس هذا الشتاء يجب خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون في الولايات المتحدة بنسبة 32٪ حتى العام 2030.
الجمهوريون، سادة الكونغرس الحالي، وكذا كارتلات إنتاج الكهرباء من الفحم الحجري يعارضون هذه الخطة، كما يعارض الجمهوريون الاتفاق النووي مع إيران، وكما عارضوا أيضا خطته نحو إصلاح نظام التأمين الصحي للأميركيين.
لا أدري هل ان خليفة مرشد الثورة في ايران سيقوم بوضع حقيبة شيفرة إطلاق الجحيم النووي في غرفته او مكتبه (او على طائرته الرئاسية U.S air Force) كما يفعل رؤساء أميركا، او ربما يفعل رئيس وزراء دولة كإسرائيل التي تملك ٢٠٠ قنبلة نووية وصاروخ نووي وقادرة على تدمير ربع العالم.
اميركا قادت خمس دول + ألمانيا، في الاتفاق النووي مع إيران، وفي هذه الدولة كما في بقية دول العالم لا توجد معارضات جدية للاتفاق .. إلاّ في إسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط كما أميركا الدولة النووية الأولى، التي ألقت قنابل نووية.
أهم ما في دفاع أوباما عن الاتفاق النووي هو قوله إن الذين كانوا يؤيدون الحرب على العراق، يعارضون الآن الاتفاق النووي مع الدولة الوحيدة التي استفادت من خراب العراق، الذي أدى لهذه الموجة الأصولية.
أيضاً، إدارة جورج بوش - الابن التي دمرت العراق، لم تضع خطة لخيار عسكري ضد إيران النووية، لكن إدارته تقوم بوضع خطة عسكرية لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، في حال خرقت الاتفاق، ويشمل ذلك حماية نووية أميركية لإسرائيل.
كان نتنياهو يراهن على رفض إيران للاتفاق النووي، وقال: الخطر هو ان توافق على اتفاق وقد فشل رهانه، والآن يراهن على السناتورات الجمهوريين، الذي يعارضون الاتفاق النووي، كما يعارضون خطة أوباما لإصلاح المناخ وبرنامجه للتأمين الصحي.
لا مصادفة أن الفلسطينيين هم الأكثر هدوءاً، سواء من قنابل إسرائيل النووية، او من المشروع النووي الإيراني، كما كانوا هادئين وقت ارتدى الإسرائيليون الكمامات وعاشوا في الغرف المعزولة بالنايلون.
انهم لا يصدقون حرباً نووية، لأن العالم ليس مجنوناً،لا إيران .. بل إسرائيل هي الدولة المجنونة بخطر الإبادة الوجودي. دولة الاحتلال الأخير مجنونة بالمخاوف.