هل تابعتم أهداف المونديال البرازيلي الأخير؟ حيث الأهداف والمخالفات بالسرعة البطيئة جداً (١٣٠ صورة في الثانية) بينما الصور المتحركة سينمائياً تكتفي بـ ٢٤ صورة في الثانية.
وثّق المصورون الأوائل، بدءاً من العام ١٨٣٩، صورا فوتوغرافية، وكانت كل صورة تحتاج ١٠ - ١٥ دقيقة في ضوء النهار .. ودون حركة، وبعد إعداد المسرح جيداً.
المصورون الأوائل قصدوا القدس، ووثقوا صور مقدساتها وأسوارها وحياتها اليومية .. ولكن بعين هؤلاء، لا ترى سوى البحث عما يثبت ما جاء في التوراة والإنجيل، أي أن المصور كان يحمل أفكاراً مسبقة ترتبط بتصاعد الاهتمامات بالدراسات التوراتية والإنجيلية الأوروبية، خاصة أن المبشرين شكلوا جزءاً مهماً من مصوري فلسطين في القرن التاسع عشر. إنها جاذبية الأرض المقدسة.
على هامش "اليوبيل الذهبي" لاتحاد الصحافيين العرب (القاهرة ١٩ - ٢٢ تشرين الثاني) وزّع الباحث هشام كايد الرجبي - من القدس كتيباً مصوراً معنوناً "حكايات مقدسية ترويها الصور" وحمل الكتيب، اكثر من مائة صورة فوتوغرافية قديمة عن الحياة في القدس وفلسطين بعنوان "الراوي".
الندوة على هامش اليوبيل، كانت ثمرة تعاون بين المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) واتحاد الصحافيين العرب، واللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، وأخذ المعرض اسم "الراوي"، شركة الاتصالات الوطنية الفلسطينية تقول "انت الراوي" والمعرض يقول إن المصورين الأجانب غالباً كانوا هم "الرواة" ولم يكن بعضهم محايداً. لماذا؟
- طغيان تصوير المواقع الدينية.
- تجنب تصوير السكان المحليين .. ما أمكن!
- تصويرهم، غالباً بطريقة تؤكد صحة الرواية والتراث الإنجيلي والتوراتي.
- غياب صور النساء.
- تصوير المواقع ذاتها ومن الزوايا ذاتها باستمرار.
كان الهدف هو المقارنة بين تعريف أوروبا لذاتها كحضارة، والحياة المتخلفة في الأرض المقدسة. مثلاً، كثير من الصور لأناس مقدسيين مرضى "بالبرص"، أي تأكيد أن أناس فلسطين عموماً هم متخلفون. هذا تجاهل للطاعون الأسود الذي فتك بربع سكان أوروبا مثلاً.
معظم الصور لمدينة القدس تشير الى أنها فارغة وبيوتها مهجورة، وشوارعها تسكنها الأشباح لتأكيد الزعم "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
صور الكتّيب المنشورة تنقل للمشاهد عينات من الصور تتراوح بين الأعوام ١٨٥٦ وحتى الاحتلال الإسرائيلي ١٩٦٧. مصور لئيم صور فلسطينياً في الحرم القدسي عام ١٨٨٠ وهو يؤدي الصلاة عكس اتجاه القبلة الإسلامية، أي دفع مالاً لرجل مُعدم ليسجد ١٥ دقيقة بلا حراك مقابل بعض المال. أيضاً، لا بد من صور الأغنام والجمال وهي تطلّ من بوابات سور القدس (لقطة ثابتة من ١٠ - ١٥ دقيقة؟).
لا مقارنة بين ما كان عليه التصوير وما صار إليه، ولا بين صورة القدس العتيقة وصور القدس الحديثة.
القدس العتيقة جميلة ليس فقط في الأغنية والقصائد، وكذا الأمر في الخليل ونابلس، وحتى بعد الاحتلال الإسرائيلي قام الأردن بكساء قبة الصخرة بالذهب لتغدو اكثر جمالاً وبريقاً.
نعرف أن "حرب الرواية" هي جزء من الصراع، وأن "حرب الصورة" القديمة كانت جزءاً منه .. والآن، فإن صور القدس، منذ الانتفاضة الاولى مثلاً، تعطي "حرب الصورة" ما ينقصها من "حرب الرواية".
المعرض اشتمل على ١٢٠ صورة فوتوغرافية، قديمة ونادرة، ومنها ١١٥ صورة لمدينة القدس، وخمس صور لمدينة الخليل، ولوحتا رسم استشراقي.
الاحتلال الإسرائيلي ليس هو من بنى أزقة القدس العتيقة وبيوتها الجميلة، ولا مقارنة بين جمالها الأخاذ والتاريخي، وصور الأحياء والمستوطنات التي تحيق بالقدس، وهي بشعة، وأشبه بصف وأرتال من الجنود، وعمارة لا علاقة لها بالمعمار العربي والإسلامي والشرقي الذي يحج إليه السياح، وخاصة في مدن الأندلس.
الآن، صورة القدس تختلف، الآن "حرب الرواية" و"حرب الصورة" تختلف، ولأن الناس يختلفون من مواجهة مع جنود الانتداب، إلى مواجهة مع جنود الاحتلال، ومن البيوت العتيقة إلى بيوت المستوطنات.
صورة الفلسطيني تختلف من نزوح النكبة والنكسة إلى صورة الفلسطيني فدائياً ومنتفضاً.