هل إيران هي عدو
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

هل إيران هي عدو؟

 فلسطين اليوم -

هل إيران هي عدو

بقلم - حسن البطل

«قتلتُ رستم.. وربّ الكعبة» هل كانت صيحة المقاتل العربي الإسلامي بداية فتح بلاد فارس، أم كانت النهاية الظافرية لمعركة القادسية فقط؟هل نختصر التاريخ الطويل والمعقّد الفارسي ـ العربي بالقول: العرب أعطوا إيران دينهم التوحيدي؛ وأعطتهم الحضارة والإدارة، والعلوم، وفقه اللغة العربية، كما أعطتهم بلاد الإغريق الفلسفة والحكمة!

يروي التاريخ المشترك المبكّر لعلاقة المحاربين العرب، البداة الحفاة، ببلاد فارس أمرين: دهشة شعراء العرب لبذاخة وفخامة إيوان كسرى، والثاني: ان محاربي القبائل العربية تنازعوا أسلاب هذا الفتح، وبالذات سجادة مرصعة بالأحجار الكريمة، فاحتكموا إلى الخليفة الذي أمر باقتسامها بحدّ السيف، وتوزيع رقعها بين القبائل المتنازعة عليها!

يروي التاريخ، أيضاً، أن معركة القادسية الحاسمة عسكرياً كانت بداية فصل دموي طويل من التمرد الفارسي، استمر قروناً أربعة في الخلافتين الإسلاميتين: الأموية والعباسية، ضد حكم الولاة العرب على بلاد فارس، وكذا بلاد ما وراء النهر والسند.

نعرف أن حروب الإمبراطورية الفارسية مع الإمبراطورية البيزنطية هي مَن أضعف الإمبراطوريتين بما مكن الفتح العربي من التغلب عليهما بحدّ السيف الذي يرفع عبارة التوحيد: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله.

اليوم، ترسم اللغة العربية حدود العالم العربي، لكن الحرف العربي صار لغة بلاد فارس، وكذا حتى بلاد خيبر (أفغانستان الحالية) وإلى بدايات القرن العشرين لغة بلاد الأناضول والإمبراطورية العثمانية، إلى أن أمر أتاتورك باستبدال الحرف العربي باللاتيني.

لماذا حافظت إيران على كتابة لغتها الفارسية بالحروف العربية؟ لأنها أنتجت به تراثاً معرفياً غنياً من حضارتها وباللغة العربية، أيضاً، خلافاً لإمبراطورية آل عثمان، التي جاء مؤسسوها من عمق بوادي آسيا بلا تراث حضاري مكتوب، علماً أن القرآن كان أول كتاب بالعربية.

لا أعرف متى بدأ ذلك النشيد القومي ـ العربي: «لنا مدنية سلفت/ سنحييها وإن دثرت».. إلخ، لكن لبلاد فارس أن تقول: الحضارة الإسلامية ـ العربية هي، في الواقع، حضارة عربية ـ فارسية، كما نعرف فضل النحاة واللغويين الفرس، بعد الإسلام، على لغة الضاد، وتقعيدها، وتنقيطها.

نظر دعاة العروبة والقومية العربية إلى إيران وتركيا بالذات وفق «استراتيجية التخوم»، أي العروبة في مواجهة بلاد فارس والأناضول، وادعوا أن «عزة الإسلام من عزة العرب».إيران تتاخم العراق العربي، وسورية العربية ـ العروبة تتاخم تركيا، لكن الحدود القومية متداخلة في عربستان ولواء الاسكندرون وديار بكر.

أطلق صدام حسين على حربه، الضروس والمديدة، مع «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» اسم «قادسية صدام» مخالفاً النصيحة الاستراتيجية الذهبية: إياك أن تتصدى بالقوة لموجة في أول مدّها، وانتهى الأمر إلى ما نعرفه الآن، وخسر العراق صفته «دولة تخوم»، وكان عليه أن يحقق حلمه: «سنبني في العراق دولة غير اعتيادية في العالم الثالث»، وصارت إيران هي التي تبني نظاماً ودولة غير اعتيادية في العالم الإسلامي، وكذا تركيا من أواخر القرن الماضي إلى حكم أردوغان.

الآن، انتقل الصراع من الخانة القومية إلى الخانة المذهبية، وصار لإسرائيل أن تدّعي تحالفاً بين إسرائيل اليهودية والدول العربية السنّية وتركيا السنّية، في مواجهة الخطر الإيراني و»العدو» الإيراني، .. والمذهب الشيعي!

لا يعرف البعض أن المذهب الشيعي لم ينشأ في إيران، بل في العراق، وأن صلاح الدين الكردي العراقي لم يكن بطلاً إسلامياً بل بطلاً إسلامياً سنّياً في وجه انتشار فرق وشيع المذهب الشيعي حتى في مصر الفاطمية والمغرب، أيضاً، قبل العداء للصليبيين.

كان شاه إيران الأخير (الذي لم يجد قبراً سوى في أرض مصر السنّية) قد حاول دولة علمانية مطعمة بالحضارة الفارسية القديمة، كما حاول أتاتورك دولة علمانية مطعمة بالحضارة الأوروبية.

إن عداء تركيا الإسلامية لإسرائيل شيء عابر، لكن عداء إيران الإسلامية لها شيء عميق، ليس لأسباب دينية فقط، ولا بسبب اعتمادها «ديمقراطية إسلامية» فريدة، ولا حتى بسبب مشروعها النووي، أو تشجيعها للإرهاب ضد إسرائيل.

في إيران الإسلامية يتحقق تجدّد الحضارة القديمة الفارسية، وجيش قوي، كما الجيش التركي، بينما تتهاوى دول التخوم العربية في العراق وسورية وتتشظى!
إسرائيل ديمقراطية يهودية ـ عنصرية، وايران نموذج ديمقراطية إسلامية ـ شيعية، وتركيا ديمقراطية إسلامية ـ سنّية، ووحدها موسكو الأرثوذكسية في دور «المايسترو» بين الدول الثلاث لمقاومة الإرهاب.

إذن، ما الذي تخشاه إسرائيل من «العدو الإيراني»؟ إنه التقدم الإيراني المتسارع في العلوم والتكنولوجيا، وعدد الباحثين العلماء، الذي يسابق ما لدى إسرائيل ويتفوق عليها في ميادين متزايدة.

كما نعرف، وقفت أوروبا لإحباط مشروع محمد علي النهضوي في مصر، وقت أن كانت الهوّة العلمية بين فرنسا ومصر ثلاثة عقود، ثم وقف الغرب وإسرائيل لتحطيم المشروع النهضوي العربي بقيادة ناصر، ثم مشروع صدام حسين لبناء دولة غير اعتيادية في العالم الثالث.

إسرائيل لا تريد لإيران أن تبني مشروعاً نهضوياً ـ إسلامياً ينافس الديمقراطية اليهودية بديمقراطية إسلامية ويسابقها في قوتها العسكرية والاقتصادية والعلمية.كان ناصر يقول إن الصراع العربي ـ الإسرائيلي له جذر حضاري، وكل ما في الأمر من عداء إيران ـ إسرائيل يتعلق بذلك.

.. والآن، أميركا في عهد ترامب تشارك إسرائيل في النظرة إلى بلاد النفط والغاز العربية ـ الإيرانية، وفي سلام إقليمي يغلّف السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أو الحلف السنّي ـ الإسرائيلي، هو ضد الإرهاب السنّي أولاً، ثم ضد النهضة الإيرانية المعادية للغرب وإسرائيل معاً.بدلاً من «كماشة» عربية تحيق بإسرائيل صار الحال كماشة تركية ـ إيرانية تحيق بدول التخوم العربية المتهاوية أو تحاول إسرائيل، أن تجد دوراً مناوراً فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل إيران هي عدو هل إيران هي عدو



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday