بقلم : حسن البطل
نظرة إلى خريطتين ديمغرافيتين للجولان بين العام 1967 وعامنا الحالي 2018 تشير إلى انقلاب في توزع سكانه. في عام ما قبل الاحتلال كانت القرى العربية السورية تبرقش الخارطة بالمئات، والآن صارت المستوطنات تكاد تبرقش الخارطة بالعشرات.
مدينة مجدل شمس تبدو «عاصمة» ديمغرافية سورية بسكانها الـ11 ألفاً، بينما تبدو ضرّتها مستوطنة «كتسرين» عاصمة للاستيطان. مجموع السوريين في الجولان المحتل 25 ألفاً بإضافة قرى عين قنيا، وبقعاثا ومسعدة، مقابل 20 ألف مستوطن.
الدروز في إسرائيل هم «مواطنون» وفي الجولان المحتل «سكان مقيمون»، كما هو حال الفلسطينيين في إسرائيل ووضعهم في القدس المحتلة. بينما يقاطع المقادسة الانتخابات البلدية، بأغلبية ساحقة منذ ضمها لإسرائيل، فإن دروز الجولان قاطعوا في أغلبيتهم أول انتخابات بلدية ورفعوا أعلاماً سورية في تظاهرة احتجاج خالطها عنف وتدافع.. وفتاوى المقاطعة من شيوخ الدروز، وشارك فقط 258 فرداً!
في انتخابات البلدات العربية بإسرائيل كانت مشاركة في التصويت قاربت الـ80% مقابل مشاركة في البلدات اليهودية بلغت 56% تقريباً، لكن هذه النسب هي عكس المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
في جولة سريعة بمدن وقرى المثلث العربية، لاحظت أن القوائم المتنافسة كثيرة، حتى عشر قوائم في بعض القرى، لكن الأنظار تتجه إلى نتائج الانتخابات في ما بعد «عاصمة» الفلسطينيين في إسرائيل التي هي مدينة الناصرة، وفي الدرجة الثانية القوائم البلدية العربية في يافا وعكا وحيفا.
كيف كانت تبدو مدن وقرى الجولان العربية قبل الانتخابات؟
بمناسبة الانتخابات البلدية في إسرائيل، تشكّلت قوائم سورية عربية. ومشاركة فلسطينية لأهل الجولان تعيد نشر معلومات، تؤكد وحدة حال فلسطينية ـ سورية جولانية تحت الاحتلال، وتفسر لماذا يحبّ دروز الجولان فلسطين والفلسطينيين ونضالهما.
السلطات الإدارية الإسرائيلية والجبنة السويسرية:
بعد احتلال الجولان، أقامت دولة إسرائيل المجلس الإقليمي للمستوطنات في الجولان «جولان»، والذي يبسط سيطرة على مساحة الجولان المحتل كاملة، ويملك السلطة التامة في تخصيص الميزانيات وتخطيط الموارد (مثلاً، يملك هذا المجلس الإقليمي الصلاحية القانونية لشقّ وصيانة الشوارع الممتدة بين القرى العربية، وفي سنوات الثمانينات، لم يوافق على شق طريق المرج بين مجدل شمس ومسعدة، حتى أُجبـِرَ سكان الجولان على شق الطريق بتمويلهم الذاتي وبقدراتهم المحلية). قرر الاحتلال إقامة المجالس الإدارية في القرى العربية عام 1974، بعد عزل رؤساء البلديات آنذاك، وحدد مناطق صلاحيات المجالس فقط في مساحات صغيرة وحدود محصورة داخل مناطق صلاحيات المجلس الإقليمي «جولان»، لتنتج عن ذلك خرائط هي أشبه بالجبنة السويسرية، تسببت هذه السياسة بأزمة بناء خانقة في قرى الجولان، إذ لا يسمح الاحتلال بالتوسع خارج المساحة المحصورة للقرى، بل ويقوم بإصدار أوامر هدم بحق ممتلكات سكان الجولان السوريين، وفي بعض الأحيان يقوم بتنفيذها.
هذه السياسة، أتاحت للمستوطنين السيطرة على غالبية موارد الجولان المائية والزراعية، وسببت لسكان الجولان أزمة سكن، وانخفاضا في المردود الزراعي، وضرراً مادّياً مباشراً.
عملت إسرائيل على إقامة ثلاثة مراكز استيطانية رئيسية تتبع إليها التجمعات الاستيطانية بالجولان وهي:
1 - مستوطنة كاتسرين: وهي نقطة تجمع لكل المستوطنات الواقعة في شمال الجولان المحتل وهذه المستوطنة مسؤولة عن إدارة المستوطنات الأخرى وتقدم لها كل الخدمات.
2 - مستوطنة خسفين: وهي مسؤولة عن إدارة المستوطنات الدينية الواقعة جنوب ووسط الجولان السوري المحتل.
3 - مستوطنة بني يهودا: وهي مخصصة لخدمة المستوطنات الجنوبية وتعمل داخل المستوطنات وأوساط المستوطنين الإسرائيليين في الجولان عدة أطر وتنظيمات إسرائيلية مهمتها الإشراف والتنظيم وتنفيذ التوجه الاستيطاني الصهيوني والتوسع والعدوان، وابرز هذه التنظيمات:
• لجنة مستوطنات الجولان:
وتعرف هذه اللجنة باسم (مجلس مستوطنات الجولان) ويتألف هذا المجلس من ممثلين عن جميع المستوطنات، وهو المسؤول عن توسيع وبناء المستوطنات ومصادرة الأراضي العربية بالقوة.
• شركة ما يسمى تطوير الجولان، وهي هيئة اقتصادية مسؤولة عن البنية التحتية والخدمات التي تقدم لهذه المستوطنات من ماء وكهرباء وطرق ومشاف ومدارس وغيرها.
• المجلس الإقليمي للجولان وهو يشرف على البلديات والنشاط السياسي والاجتماعي في المستوطنات، ويقوم بمهمة التنسيق ما بين رئاسة الوزارة والوزارات ودوائر الاستيطان.
• لجنة أمن المستوطنات.
• لجنة الطوارئ.
• صندوق الجولان لتوسيع الاستيطان، وهو إحدى المنظمات الإسرائيلية الكثيرة التي تنشط في الولايات المتحدة، بهدف جمع التبرعات لتوسيع الاستيطان في الجولان العربي السوري المحتل، والترويج السياحي وبدعمها تنشط جمعية «رغيم» الصهيونية التي حاولت مصادرة أوقاف مقام عثمان الحزوري، واقتحام مقام السلطان إبراهيم في بانياس في أوقات سابقة، وتدعي ملكية أراضي مقبرة اليهود في أراضٍ في مجدل شمس المحددة في خريطة لها من (الحارة الغربية: من محيط الملعب البلدي وحتى المجمع الطبي مروراً بجوار اسعد كنج حتى شارع ما يعرف طلعة بيت وهبي ومدخل طريق الخلوة...).