بقلم : حسن البطل
سلطتنا لا تملأ عين شعبها، جانب من الأسباب أن شعبها حديث العهد بسلطة وطنية. جانب ثان من الأسباب أنها بدأت تنهض في أواخر زمن حركات التحرر، وصارت تعاني في أول زمن وصم هذه الحركات بالارهاب!
شاعرنا الذي قال: "ما أكبر الفكرة، ما أصغر الدولة"، قال ما معناه كمان: بلاد أول الديانات السماوية، هي بلاد آخر الدول.
حسناً، ماذا نضيف إلى حداثة العهد بالسلطة؟ ربما حداثة العهد بالسكن المشترك في عمارة متعددة الطوابق. لو نظرت إلى شوارع مدننا الرئيسية، وكيف كانت سنلاحظ أنها، عموماً، عبارة عن مسكن يعلوه دكان، لو نظرت الى كيف صارت احياء مدننا، تجدها ورشة بناء عمارات متعددة الطوابق.
كان سكان القرى الصغيرة في هذه البلاد لا أكثر من حامولتين أو ثلاث، وصار سكان مدن العمارات ذات الشقق يسكنها خليط من ساكنين بلا روابط قرابة؛ لا قريبة ولا حتى بعيدة.
أبواب بيوت الشقق ذات مفاتيح "معقدة" لأنها أبواب مدرعة من نوع "مولتي لوك"، وصارت معظم العمارات السكنية مجهزة بكاميرات رقابة.
بدلاً من القول القديم والصحيح: "جنة المرء داره" صار القول: شقة المرء جنته، لكن كل عمارة حديثة متعددة الطبقات عبارة عن "بلدية" صغيرة يلزمها لجنة عمارة لتدبير شؤون السكن المشترك، وخاصة نفقات خدمة العمارة، أو ما يسمى "كومّون إكسبنس".
المشكلة أن بعض سكان الشقق "يطنشون" عن دفع رسوم النظافة والمصعد. ضريبة الأملاك شأن بين البلدية وسكان العمارة، لكن لا الدولة ولا البلدية معنيتان بشؤون نفقات خدمة العمارة، التي هي شأن من شؤون "الحكم الذاتي" لسكانها.
يقول الأجانب إن البيت العربي من أرتب البيوت، لكن الشارع العربي من أكثر شوارع العالم في فوضاه. لماذا؟ لأن السلطة لا تملأ عيون شعبها، الذي يتطاول على قوانينها!
أخيراً، وجدت لجان عمارات حلاً، وهو تزويد المصاعد بمفاتيح الكترونية، فإن لم تدفع المساهمة الشهرية شهوراً، عليك أن تصعد الدرج على أقدامك وأقدام زوارك أيضاً.. ادفع بالتي هي أحسن، وبالتالي هي جَبْر.
مربعينية
في سنوات خلت، خالفت مربعينية الشتاء عادتها، وكانت أمطارها شحيحة. هذا الشتاء كان الخريف شحيحاً، لكن المربعينية جاءت في أوانها.. هل تأتي أمطار الربيع في أوانها!
لا بأس من العبارة المضادة: "الله أعلى وأعلم" لكن مصطلح "المنخفض" و"المرتفع" أو حرف "L" وحرف H غير دقيق، وهو مصطلح إنكليزي، لكن المصطلح الفرنسي هو الأدق، لأن أمطار بلادنا عاصفية، وزوبعية، أي "سيكلون" و"أنتي سيكلون" أو cyclone و Anticyclone أو (C) و(A).
في الفرنسية يقولون "ممل كالمطر" الرتيب على مدى أيام لكن أمطارنا السيكلونية تأتينا بشكل "وابل" مطري لساعات يوم قصيرة، أو ليوم كامل.
ماذا أيضاً؟ درجات الحرارة القصوى والدنيا قد لا تعبّر عن الإحساس بها أي Feel Like لأن فيزياء الجو تدخل في حسابها عوامل مثل الريح، وانقشاع السماء من الغيوم.. وعوامل أخرى، والفوارق بين "الطقس"، و"المناخ" صيفاً أو شتاء.
في سيبيريا تدنت الحرارة هذا الشتاء في بعض مناطقها إلى 65 درجة تحت الصفر، وفي استراليا ارتفعت الحرارة في بعض مناطقها إلى 40 درجة فوق الصفر.. فمات بعض العجائز هنا وهناك لأسباب مختلفة. العجائز يموتون شتاء!
مع الشكوى من احترار جو الأرض، يقولون إن سنوات قادمة ستكون عصراً جمودياً glacier صغيراً، كالذي مر على الأرض بين القرنين السابع عشر والثامن عشر.. لماذا؟ لأن الشمس ستأخذها "سِنة من النوم" في مفاعلها الهيدروجيني.
طقس هذا الشتاء، دفع ترامب للقول: احترار الجو كذبة، فقالوا له: "لا تخلط بين الطقس وبين المناخ"!
المهم أن لا أحد في بلادنا يموت من شدة الحر، أو من صقيع البرد. لكن المربعينية شتاء العجائز من الحياة!
.. أو "غير معقول"!
قرأت في صفحة "بانوراما الصحافة" ليوم الأحد في "الأيام" أشياء طريفة، لا عن الناس، ولا عن الطقس والمناخ، لكن عن الدول والعسكرة والجيوش.. أو عن العضلات الهرقلية الاقتصادية الألمانية وعن الجيش الألماني.
هاكم بعضها: في مناورات لحلف "الناتو"، استخدم بعض الجنود الألمان مكانس طويلة، لأن البنادق الرشاشة تنقص الجيش.
ألمانيا التي باعت إسرائيل خمس غواصات نووية، لا تملك غواصة واحدة عاملة، وتملك 95 دبابة عاملة فقط، بينما تملك روسيا 20 ألف دبابة بين عاملة وغير عاملة.
أيضاً، البندقية الحربية الألمانية لا تعمل بشكل صحيح في الطقس الحار، خلاف بندقية الكلاشن، والبنادق الأميركية.. الإسرائيلية.
طيارو سلاح الجو الألماني شاركوا في المناورات بمروحيات كالتي تملكها نوادي السيارات الخاصة. أخيراً، مع إلغاء التجنيد الإلزامي قبل سبع سنوات، لا يوجد ما يكفي من المتطوعين، ولى زمن الرايخ الثالث ودبابات "بانزر" وطائرات "شتوكا".
المهم أن الاقتصاد الألماني "هرقلي" والجيش الألماني يقف على سيقان دجاجة، ويستطيع الجيش الإسرائيلي احتلال ألمانيا في ستة أيام، لو انسحبت من مظلة "الناتو" مثلاً.
المصدر: جريدة الأيام