«النهّاش يا علي»
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

«النهّاش.. يا علي» !

 فلسطين اليوم -

«النهّاش يا علي»

بقلم : حسن البطل

مرّت السنوية الخامسة على رحيل الشاعر، والصحافي، والباحث.. والزميل علي الخليلي؛ زميلي في "العومدة" بعاموده "أبجديات".
تبادلنا، علي وأنا، ثلاثة أعمدة خلال مرضه، ومنها: "النهّاش.. يا علي" واختار هو آخر أعمدته في "الأيام" عن زيارتي (أو عيادتي) له مرتين.. وكان استقباله لي استثناء رفضه عيادات الأصدقاء.

أعيد نشر عاموده الأخير، مع عنوان عمود لي: "إنه.. النهّاش يا علي" .. وصفت السرطان بأنه "نهّاش"!
***
كنت أتمنّى أن يزورني الصديق والزميل حسن البطل في بيتي قبل أن يعصف بي السرطان اللعين، ويقعدني عن الحركة، كي أتمكن من استقباله بحيوية الجسد المتحرر من العجز، وأطوف به على قدميّ المتوثّبتين في حديقة البيت، كما سبق أن وعدته، أكثر من مرة، في لقاءاتنا القليلة والعابرة، ولعلها النادرة، فلا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، في مقهى رام الله في شارع ركب.

عادني صديقي وزميلي حسن البطل، أخيراً في بيتي، وأنا محاصر بالمرض الوحشي في سريري. وشتّان بين العيادة والزيارة. هذه للمريض كئيبة وحزينة. وتلك للحفاوة المتألقة، والتبسط في متعة الضيافة. كم تألّمت من هذه العيادة. لا أريدها أصلاً. لا أريد أن يراني حسن وغيره من الأصدقاء والزملاء، وكلهم أعزّة ملء حبّة القلب، مخنوقاً في كل هذا العجز والفقدان. تمنيتها زيارة. آه، كم تمنيتها زيارة! كان معه أحد الزملاء الذي لم يسبق لي اللقاء به، وأعتذر الآن عن نسيان اسمه. وإلى جانب سريري يجلس حسن صامتاً، في البدء. كان وجهه باتجاه الزميل، فلا أستطيع مكالمته. ولكنه يكلمني، ويربت بكفه على كتفي المدفون تحت اللحاف. لا أستطيع الحركة، حتى أنني لا أستطيع التقلب ولو قليلاً، ذات اليمين أو ذات الشمال. مع ذلك، تمكنت من بعض الحركة الصغيرة، فالتفت حسن إليّ، وصار بإمكانه أن يقرأ شفاهي. قلت له إن هذا المرض الذي ضرب جهازي العصبي كله، يحاول أن يكسر كل أشكال التحديات، بوحشيته وجنونه. وقلت له إن أصعب ما فيه، وأشده ألماً نفسياً/ سيكولوجيا على الأخص، فقدان المريض قدرته في السيطرة على إمكانيته في الوصول إلى قضاء حاجاته الطبيعية، دون مساعدة الآخرين.

ابني الأصغر هيثم على وجه الخصوص، وقد تحمل فيها مسؤولية جديدة عليه، صعبة ومعقدة، لكنه متقبل لها برضا الابن البار بوالديه، والساعي بأقصى طاقته للتخفيف عني وإيثاري بالحب والحنان، وزوجتي سامية التي تغالب أوجاعها هي أيضاً، من أمراض الديسك والنقرس والروماتيزم، كي توفر لي ما في وسعها من رعاية، بحب وصبر. بكيت. بكيت ما أنا فيه. وما أنا عليه. بضع ثوانٍ، وأخفيت دموعي الحارقة في مآقيها المضطربة والمنغلقة على الفلفل والهوان. ينتبه حسن، ويقول لي جملة تهزّني هزّاً من الأعماق. يقول: استلهم القوة من شِعرك يا علي! وعلى الفور، أُحسّ كما لو أنني سوف أنهض من سريري، وأخرج طليقاً مع حسن إلى الحديقة. الشِعر الذي كتبته على مدار أكثر من نصف قرن، هل يحقق المعجزة؟
شعر المقاومة والتحدي والنهوض من الخراب والدمار إلى حيوية العودة للحياة، ضد الموت، وفي مواجهته. شعر الحرية وانتصار الجرح على السكين. شعر الأمل، حين يسيطر العجز على أدق التفاصيل، ويفرض الفقدان نفسه على الأشياء، لتمسح كل هذا الرعب عن الإنسان الثائر والمنتفض، نسمات الأمل، بكلمات ليست هي الكلمات بقدر كونها الوجود الإنساني واثقاً من إرادته في الخلاص من العدم والتلاشي، ومتفوقاً بذاته على أي مناهض له.
ثمة بالتالي، الشعر من جهة، والسرطان من جهة. لن يقبل هذه المعادلة على أي حال، سوى الشعراء أنفسهم، أو بعضهم، وهم البعض الأقل. ولكنني أقبلها. وأحسب أن قبولها في الرؤية الأكثر شمولاً، على المدى الطويل، لا بد أنه كامن في كل الناس. فليس من أحد على الأرض، لا يؤكد على مدار الساعة، رغبته عبر استلهام القوة في التحدي وفي المقاومة، وهو استلهام متجدد ومتطور لا يتوقف عند حد، لشعلة الروح التي هي شعلة الشعر.
وفي فضاء هذه الشعلة، سوف تتم الزيارة في يوم قادم، يا حسن. ليست نبوءة ولكنه الأمل.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النهّاش يا علي» «النهّاش يا علي»



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday