«إلّاك حيفا»
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

«إلّاك حيفا» !

 فلسطين اليوم -

«إلّاك حيفا»

بقلم - حسن البطل

العنوان أعلاه كان «طاقية» لأحد أعمدتي الطازجة وقتها عن حيفا(ي). لا أرى غضاضة في استعارته لأسباب عدة: على حيط مطعم شعبي للمأكولات الفلسطينية في أم الشرايط، كتبوا أسماء مدن البلاد، وبخط أسمك مدن: حيفا ـ يافا ـ عكا. أهم مدن الساحل.
كانت لي زيارات «خطف الرجل» اليومية العديدة إلى أجمل المدن، بينها واحدة منها لا تُنسى، حيث استضافتنا «محامية الأرض» نائلة عطية في بيتها أعلى «حدبة» لسان الكرمل. وللبيت الجميل قصة: والدها اشترى بسعر أعلى دونمين بعد سقوط حيفا مما دفعه المستوطنون اليهود. بذا صار بيت نائلة، شفاها الله من مرضها الوبيل، أشبه ببقعة عربية مطوقة بإسكان يهودي!
ثمة سبب ثالث، وهو أنه في «تخاريب» صخور جبل الكرمل، توصلوا إلى اكتشاف ثالث حول عراقة الاستيطان البشري في الجبل وسفوحه. ما هو؟ من قبل كان أقدم تصنيع للجعة (البيرة) معروف عالمياً، يعود إلى 9500 سنة. الآن، بعد اكتشاف سرّ «التخاريب» في صخور جبل الكرمل، فقد كانت حيفا وكرملها سبقت ذلك قبل 15000 سنة.
حسب ظنّي أن علماء الاستيطان البشري قد لا يكتشفون مكاناً آخر أعرق. لماذا؟ حسبما قرأت ففي سفوح الجبل توصل الإنسان القديم إلى تدجين الشعير والقمح البري، ومن ثم زراعته وصناعة الخبز منه، وخبز القمح أشهر من خبز الذرة مثلاً.
ما نعرفه أن النساء هنّ من اخترعن الزراعة عن طريق التدجين والاستنباط، لأن الرجال كانوا يذهبون للصيد، والنساء كنّ في المغر لرعاية أطفالهن، ما عرفناه لاحقاً أنّ الرعاة في بلاد الغال (فرنسا) اكتشفوا طريقة أخرى في صناعة الجبن المعفّن (الأزرق) الذي صار من أطيب أنواع الجبن. أحد الرعاة كان تناول في مغارة رطبة ما جبنة وخبزاً.. حتى شبع وترك البقية، ولما عاد إليها في وقت آخر دفعته قرصة الجوع إلى تناول بعض الجبن القديم، فاستطابه، وصارت جبنة «روكفور» إحدى 300 نوع من الأجبان الفرنسية المطلوبة. جبنة الجنوب المتوسطي بيضاء والشمال الأوروبي صفراء.
في عودة إلى تدجين القمح والشعر البرّي، وهو نبتة خفيفة السمّية في الأصل، يبدو أن سفوح الكرمل، ومسقط رأسي طيرة الكرمل ـ طيرة حيفا في سطح الكرمل، أول حقول العالم في زراعة الشعير والقمح. لم تكن صناعة الجعة في بداياتها كالتي نعرفها اليوم، بل كانت في «تخاريب» الكرمل لزجة مثل الحساء.
الآن، صارت الجعة ثالث مشروب عالمي بعد الماء والشاي، وفي بلاد أخرى رابع مشروب بعد الماء والقهوة والشاي، حتى أن شرائع حمورابي في بلاد ما بين النهرين تتضمن تنظيم تجارة وبيع الجعة، التي صارت الجعة الألمانية أكثرها شهرة، بما فيها بيرة «بافارايا» التي تخلو من الكحول، وهي المطلوبة خاصة في الدول الإسلامية.
إلى اختراع تدجين نبتة الشعير والقمح، وأقدم الطرق لصناعة الجعة، هناك شيء أنثروبولوجي تمتاز به بلادنا العريقة ـ العتيقة، وخاصة في سفوح الكرمل.
حسبما قرأت، فإن أجناس الكائن البشري تطوّرت بالاصطفاء إلى سيادة الإنسان العاقل ـ المنتصب (هومو سابين) وانقراض تدريجي لإنسان النياندرتال. في غير مكان تنافس النوعان واصطرعا، لكن في فلسطين تعايشا بسلام، إلى أن ساد إنسان هومو سابين المنتصب على إنسان النياندرتال. لماذا؟
كان الثاني غير منتصب القامة، بل له قامة محنية أقل انحناء قليلاً من سلاح الصيد في قبائل أستراليا قبل الإنسان الأبيض، المعروف بـ «بوميرانغ»، ومن ثم؟
كان الإنسان المنتصب يستطيع أن يواقع نساء الإنسان النياندرتال ونساء جيشه على السواء، بينما لا يستطيع هذا إنسان النياندرتال الاّ مع نساء جنسه.. هكذا، صارت الغلبة لإنسان الهومو سابين بالتكاثر، حتى زال إنسان نياندرتال.
المهم في تدجين الشعير والقمح، ثم في صناعة الجعة، أنها سبقت في الأقدمية صيرورتها بلاد الديانات التوحيدية الثلاث، وأن الشعار الصهيوني عن البلاد: «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض» كذبة وقحة أقرب إلى النكتة!
حيفاوي ولد قبل النكبة بعامين، ويزور البلاد بجنسية سويدية، استذكر قولاً: من يتحدث عن جمال مدينة فيينا أو مدينة باريس، يبدو أنه لم يزر مدينة حيفا، أجمل مدن المعمورة طرّاً. ليست أقدم من دمشق وحلب وأريحا، لكنها الأجمل.. خاصة في قلوب وعيون الفلسطينيين والمنكوبين منهم بخاصة! 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إلّاك حيفا» «إلّاك حيفا»



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday