يراني  ولا يرى ما أرى
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

يراني .. ولا يرى ما أرى!

 فلسطين اليوم -

يراني  ولا يرى ما أرى

بقلم : حسن البطل

سألني طلال الثاني: "ممّ تخاف؟"، فأعطيته جوابي: "من شياطيني الداخلية.. ليس إلاّ"، وظلّ طلال الثاني يذكرني بما فهمه من معانٍ مختلفة لجوابي "الغريب".. حتى والسرطان بدأ ينهش رأسه؟
طلال الثاني عاد جثة منتفخة، أصلع الرأس، إلى مسقط رأسه في "ميس الجبل"، إحدى أقرب القرى اللبنانية إلى حدود فلسطين.
كان طلال (الذي عَمِل، في طفولته، دليلاً لأوائل الفدائيين في جنوب لبنان) خذل وصيّتي التي أوصيته بها رجلاً وزميلاً أمام "المقر الحربي" لجريدة "فلسطين الثورة" قبل أيّام من خروجنا: تزوّج روضة يا طلال. اذهب إلى قريتك "الميس" عامين أو ثلاثة.. وعندما تتبدل الأحوال، سيكون زواجك بلاجئة فلسطينية من مخيم شاتيلا مُعيناً آخر لك، في نضالك الجديد نحو معنى جديد لـ "التلاحم اللبناني - الفلسطيني".
عَمِل طلال همداني بنصف الوصية. تزوّج من روضة.. ولحق بنا إلى قبرص، وعَمِل مثل ساعدي الأيمن، أي سكرتيراً للتحرير في مجلّة "فلسطين الثورة".. حتى قبل نهاية الشوط بقليل.
ذات صباح، وفي غرفتنا المشتركة، باح لي بسبب خيانته لنصف وصيّتي. قال: عندما خرجتم، فقد لبنان كثيراً من روحه. لم أتعلم المنفى واللجوء مثلكم. لكن "جماعة أمل" جعلت حياتي مستحيلة في "ميس الجبل"، فإمّا أن أنضمّ إلى "حزب الله"؛ وإمّا أن أحمل السلاح ضد أصدقاء طفولتي الذين صاروا في "أمل".. وإمّا أن ألحق بكم.
- أهلاً وسهلاً؟ قلت له. أهلاً بك في وطن مؤقت فلسطيني في المعنى.. وفي المنفى! كان رهاننا -أنا وطلال الثاني- حول هذه النقطة: هل يستضيفني، يوماً، في "ميس الجبل" أم أستضيفه، يوماً بعيداً، في "طيرة الكرمل".
لم يذهب طلال الثاني، اللبناني الشيعي، إلى النسيان، لكن بعد موته تفاقم خوف روضة على مستقبل أولادها، انتهى طلال إلى قبر في بلاده لبنان أقرب ما يكون إلى فلسطين؛ وانتهت روضة وولداها "يزن" و"فادي" إلى لجوء كندي.
.. وأما طلال الأول، السوري، وسكرتير تحرير "فلسطين الثورة" في المرحلة البيروتية، فقد انتهى إلى قبر في مقبرة الشهداء بمخيم شاتيلا، بعد أن شقّت قذيفة كتائبية صدره، وأخرجت قلبه إلى التراب، وقد كان في مهمّة صحافية إلى "تل الزعتر" المحاصَر.
على قبر طلال الأول؛ طلال رحمة، صديق العمر، وضعت وردة، وعلى قبر طلال الثاني سأضع وردة ذات يوم.
* * *
سألني صديق في رام الله "ممّ تخاف؟"، فلم أعطه أيّ جواب. سأعطيه لقارئي: أخاف ملاكين رجيمين (أكرّر: ملاكين رجيمين)، أحدهما ابن زميلي (الراحل) محمد حمزة غنايم في باقة الغربية؛ وثانيهما ابنة زميلي عزت ضراغمة في بيت لحم.
.. وأيضاً، أخاف شيطاناً رحيماً (أكرّر: شيطاناً رحيماً) يُدعى "الانترنت" لماذا؟
لأنّ رأي الزميلين غنايم وضراغمة، وسواهما، في كتاباتي لا يعنيني كثيراً، وأما رأي الابن والابنة فأحسّه ثقيلاً على كاهلي، لا لشيء إلاّ لأنني أتذكّر تأثيرات قراءاتي الأولى عليّ في أوّل سنّ اليفاعة.
فلماذا أخاف هذا "الانترنت"؟
لأسباب عدّة، سأتحدّث عن "الطازج" منها:
أطلّ عليّ، "البروفيسور عبد القادر ياسين"، من جامعة غوتنبرغ السويدية، عبر "الانترنت" برسالة، مطلعها: "سأستغرب إن كنتَ تتذكّرني".
عبد القادر ياسين يلاحقني بمشاغباته التي أتعبتني في بيروت، وأرهقتني في نيقوسيا، ويكاد يقصم ظهر صبري بسؤاله "الساذج": كيف تشعر وقد أنهيت 48 عاماً في المنفى؟ وهل أن "وطن الدولة" أخذ منك "وطن الحلم والمعنى".
* * *
يا زميلي عبد القادر ياسين، إليك جواباً مقارباً؛
ذهب شعبي عميقاً في الطحين، وذهب أصدقاء كثيرون (لك ولي) عميقاً في دمهم، وها أنا أذهب، في الفترة بين فرض طوق ورفعه، عميقاً "في تفاصيل البلاد"!
من دون الذهاب "في تفاصيل البلاد" لن تحسّ بما عناه درويش في أمله أن "نُصاب بالوطن البسيط واحتمال الياسمين".
فقد مات طلال الأول وطلال الثاني، وعشرات الآلاف سواهم، قبل أن نصاب بـ "الوطن البسيط"، ولعلّك، في غوتنبرغ، تستطيع أن تشمّ شيئاً من رائحة الياسمين.. والسلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يراني  ولا يرى ما أرى يراني  ولا يرى ما أرى



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday