تتمة ما أعلاه هي «نعمل من أجلكم»، ومن ثمّ لا بد من لافتة مكملة هي «تحويلة detour، وبعد أسبوع ثالث من الأشغال (للرصيف، وهندسة الشارع، وأعمدة إنارة حديثة) سيتم توحيد «الشارع الرئيسي» في رام الله، المسمّى على ألسنة الناس «شارع ركب»!
قبل عقد، تمّ لورشة البلدية توحيد الرصيف، وهندسة الشارع، وأعمدة الإنارة، من «ساحة المنارة» الى مفرق «مطعم الناصرة»، وهو يشكل القسم المستقيم من الشارع.
الآن، ورشة جارية لاستكمال أعمال هندسية وترصيف الشارع، في القسم الثاني المنحدر الذي يصل حتى مبنى «البنك العربي» في رام الله ـ التحتا.
يهمّني، كواحد من السابلة يقطع القسم الثاني يومياً، من بيتي إلى مقهاي الصباحي، أن عتبات ودرجات القسم الثاني المنحدر، لن تبقى إجبارية لي، وخاصة لأصحاب العربات المدولبة يدوياً، أو ذات المحرك.
كانت البلدية جرّبت رصف ميدان عرفات (الساعة) وطرق مؤدية إليها، بحجارة صناعية «تهزهز» حركة سير السيارات، وتحتاج حجارتها إلى صيانة دورية. التجربة فشلت، وأُعيدت سفلتة الساحة والشوارع المفضية إليها!
بدلاً من كل مبنى كان يرصف الرصيف «على كيفه» مع احتمال عثرات الانزلاق والتعثّر، تمّ رصف القسم الأول من الشارع ثم ترصيف القسم الثاني، ببلاط صناعي على مهاد من الرمل، ما يجعله سهل الفكّ والتركيب من جديد عند الحاجة التطويرية للتمديدات التحتية من خطوط مجارٍ ومياه، وخطوط الكهرباء والهاتف.. إلخ.
ما هي الخطوة التطويرية اللاحقة، من بعد هندسة الشارع وتوحيد رصف الرصيف؟ الغريب أن شوارع مركز المدينة كانت جرداء ـ قرعاء من التشجير، وكذا شوارع رام الله القديمة، مثل شارع البلدية (المبنى القديم) وشارع السهل، وحتى شارع يافا الرئيسي الذي تموت أشجاره المعمّرة من الشيخوخة، واستبدلوا رصيفه بآخر موحد بالبلاط الصناعي، وأعادوا تشجيره بأشجار جديدة دائمة الأوراق الخضراء.
أينما يمّمت وجهك في مدينة فلسطينية، وخاصة في رام الله، تلاحظ طفرة في ملء فراغات الأرض بأبنية جديدة، ويُقال إن في المدينة 30 ألف شقة جاهزة للسكن!
إلى ذلك، هناك ظاهرة هدم القديم وبناء الجديد متعدد الطبقات، وكان في المدينة 832 مبنى قديماً، انخفض إلى 382 مبنى، بسبب تصنيفها من أبنية مصنّفة وأخرى غير مصنّفة، ما يثير احتجاج دعاة ترميم القديم.
لاحظتُ خلال جولة أوصلتني إلى قرية عبوين، أن البلدات التي اغترب قسم من سكانها، يقومون ببناء دارات (فيلات) فخمة وضخمة، مثل بلدة جلجليّا، التي أدهشتني في مبانيها الجديدة، التي لا يوجد ما يُضارعها في المدن، نظراً لغلاء سعر الأراضي، بينما يبني المغترب دارات على قطع أرض تخصه.
هذا «تنابز» في البيوت يناقض ما جاء في القرآن «ولا تنابزوا بالألقاب».
أزمة صحافة؟
استوقفني حديث جون سونيتون، رئيس تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» سابقاً، الذي تحدث عن حال «الصحافة الحرّة» وقال إن أصحاب الأقلام الحرّة في الصحف، سرعان ما سيجدون أنفسهم إما تحت رقابة حرية النشر، وإما إلى التعطل والبطالة.
هناك حديث عن أزمة الصحافة، وكتب جهاد الزين في «النهار» البيروتية عن ما دعاه «انحدار الصحافيين» للعمل لصالح جهة، وليس لصالح مهنة، حيث صار الصحافي موظفاً عند السياسي، كما حال طرد ترامب للصحافيين.
لو أن أزمة الصحافة ليست عالمية، لأمكن القول مع جهاد الزين إنها من «ازمة العقل العربي»، لكن رئيس تحرير «نيويورك تايمز» يبالغ حدّ القول إن غياب صحافة حرّة جعل من الصحافيين «عواهر فكرية وثقافية»!
«النهار» اللبنانية، التي كانت الأولى لبنانياً في التوزيع وفي جودة التحرير، تشكو من ضريبة استقلالها عن التمويل، لكن صحفاً أخرى ذات تمويل إيراني أو خليجي لا تعاني ما تعانيه الصحف المستقلة.
لا يمكن اعتبار الصحافة العربية في أوروبا مستقلة، لأنها ذات تمويل خليجي، وتعتمد على مراسلين، لا على وكالات الأنباء بشكل رئيسي، كما هو حال الصحافة الفلسطينية، وكذا المحطات الفضائية العربية ذات الانتشار الكبير.
موت جريح
يموت الناس في الحروب، ويموتون بعد صراع مع المرض.. ولكن بعض الفلسطينيين يموتون بعد سنوات طويلة من جراح أصيبوا بها، مثل الطبيب عبد الغني أبو مدّين، الذي جرح عام 2009 بعد جولة حرب في غزة، ومات أول من امس، بعد معاناة من الجراح استمرت تسع سنوات. أكثر من 160 فلسطينياً ماتوا منذ بدء «مسيرات العودة» في غزة، مقابل جندي إسرائيلي واحد.
يموت جرحى في الانتفاضة الأولى، خلال الانتفاضة الثانية، ويموت جرحى في الانتفاضة الثانية بعد سنوات طويلة من المعاناة من الجراح.